ملاك الموت النازي أداة تعليمية الآن فى جامعة ساو باولو


الطبيب النازي (جوزيف منجيل) ذو السمعه السيئة، الذي اشتهر بإجراء التجارب الطبية على السجناء ومن ضمنهم (الأطفال) في معسكر اعتقال (اوشفيتز) أثناء الحرب العالمية الثانية، أصبح الآن هو الموضوع الدراسة طبية.

رفات منجيل _الذي توفي في منفاه فى البرازيل عام 1979 بعد أن هرب من أوروبا بعد الحرب_ يُستخدم الآن لمساعدة طلاب الطب على تعلم الطب الشرعي فى جامعة ساو باولو.

كانت الفكرة للطبيب الشرعى (دانيال روميرو مونيوز) أحد الباحثين الذين تعرفوا على الهيكل العظمي لمنجيل عندما استُخرِج من قبره عام 1985، ويشغل مونيوز الآن وظيفة محاضر فى كلية الطب في الجامعة.

أخبر مونيوز وكالة (أسوشيتد برس) قائلًا: »سيكون الهيكل العظمي مفيدًا لتعليم الطلاب كيفية فحص رفات أي شخص، ثم مطابقة تلك المعلومات مع البيانات المذكورة بالوثائق المتعلقة به«.

اكتُشفت هوية منجيل في عام 1985، وأُكدت لاحقًا فى عام 1992 عند إجراء تحليل الحمض النووي، وبعد عملية تعقب دولية اشتركت فيها الولايات المتحدة وألمانيا الغربية والحكومات الإسرائيلية للقبض على الطبيب الذي استعصى عليهم القبض عليه لما يقارب أربعة عقود بعد الحرب العالمية الثانية .

لكن على الرغم من الجهود المبذولة، ما أن عُثر على الجثة حتى احتُفظ بها مخزنة في المعهد الطبي الشرعي في ساو باولو لأكثر من 30 عامًا، بعد أن رفضت أسرته إعادتها إلى ألمانيا.

أخيراً اهتدى الدكتور مونيوز إلى أن استعمال رُفات الطبيب النازي الذي عُرف باسم (ملاك الموت) من الممكن أن يخدم كأداة تعليمية مهمة للطلاب.

إن امتلاك هذا الرجل تاريخًا شنيعًا كعالم نازي، وسهولة مراجعة سجله في الخدمة العسكرية ومعرفة المشاكل الصحية التي حلت به في سنين اختبائه ونفيه، يجعل رُفاته ملائمًا للدراسة الطبية .

يقول مونيوز: »على سبيل المثال، عندما فحصنا عظام مينجل وجدنا كسرًا في التجويف الأيسر للحوض، تُطابق معلومات وُجدت في سجل الجيش الخاص به، تشير إلى أن الكسر بسبب حادث دراجة بخارية في (أوشفيتز) معسكر الموت النازي«.

وفي جمجمته فتحة صغيرة في عظام الوجنة اليسرى ، ناجمة عن الإصابة بالتهاب الجيوب الأنفية. كان لهذه الفتحة دورًا فعالًا فى التعرف على هوية هيكله العظمي.

تابع مونيوز: »إذا دقق الطلاب، فسيجدون آثارًا لخراج بالأسنان، يثبت ما تردد عن معالجة نفسه باستخدام شفرة حلاقة حين كان مختبئًا«.

في الوقت الذي يدرس فيه جيل جديد من العلماء رُفات مينجل، مازال الناجون من محارق الهولوكوست النازية يروون تجارب التعذيب التي تعرضوا لها على يد هذا الرجل منذ عقود مضت.

تقول (كيرلا جيفيرتز) _التي هاجرت إلى ساو باولو بعد نجاتها من المحرقة النازية_ لوسائل الإعلام في عام 2016: »أجبرني على الاستحمام فى ماء ساخن للغاية تسبب في سلخ شعري وجلدي، وعندما شكوت من شدة حرارتها، قال إنه سيقتلني إن برحت مكاني«.

وأضافت: »لم يكن هذا التعذيب المنحرف كاف بالنسبة له؛ فقد وضعني في ماء بارد بعد ذلك، لن أنسى هذا ما حييت«.

كان لمينجل تجارب أكثر رعبًا؛ منها حقن الأصباغ في عيون الأطفال لمعرفة إذا كان بالإمكان تغيير لون العين أم لا، تجويع الرضع لقياس الوقت الذي يمكنهم فيه البقاء على قيد الحياة، خياطة التوائم لدراسة التوائم الملتصقة، بالإضافة إلى إرسال الآلاف من الذين لم يموتوا جراء تجاربه البشعة ليُبادوا فى غرف الغاز.

يأمل الباحثون في ساو باولو أن تساعد دراسة رُفات مينجل الطلاب _في مجال الطب الشرعي_ على تعلم تاريخ العلماء النازيين وأفعالهم.

المؤرخة البروفيسور (ماريا لويزا توتشي كارنيرو) التي تتولى مختبر جامعة ساو باولو لدراسة العرق والعنصرية والتمييز، صرحت لوكالة (أسوشييتد برس) قائلة: »خضع الأطباء وعلماء النفس وغيرهم لخدمة الرايخ (الأمبراطورية الألمانية) وسخروا معارفهم لإقصاء الجماعات العرقية المصنفة باعتبارها من الأعراق الأقل شأنًا. وهو إقصاء بلغ ذروته في عمليات القتل الجماعي«.


ترجمة: حنان أحمد
تدقيق: آلاء أبو شحّوت
المصدر