استعدوا جيدًا، ففيروس الإنفلونزا سيحل ضيفًا ثقيلًا هذا الشتاء، فمن المتوقع أن موسم الإنفلونزا الحالي سيكون قاسيًا خاصةً على الأطفال، وذلك نتيجةً لنقصان مناعة السكان تجاه الإنفلونزا بسبب انخفاض عدد الإصابات في الشتاء الماضي أثناء موجة فيروس كورونا. فقد أظهرت النتائج الأولية لدراسات أُجريَت بواسطة النمذجة الرياضية لتوقع أحداث موسم الإنفلونزا القادم أن الولايات المتحدة وحدها ستشهد زيادة بمقدار 20% عن الطبيعي في عدد الإصابات، وقد يتضاعف الرقم عن الطبيعي في أسوأ الاحتمالات.

وأشارت هذه النماذج إلى احتمال وصول عدد حالات الاستشفاء نتيجة الإصابة بالإنفلونزا إلى 600000 حالة بزيادة قدرها 100000 عن الحالة الطبيعية في الولايات المتحدة، وهذا يشكل تحديًا كبيرًا للمرافق الصحية وخاصةً مع تزامن هذه الحالة مع جائحة فيروس كورونا الموجودة أساسًا.

ستعتمد شدة هذه الحالة بشكل كبير على عدد المُطعّمين ضد فيروس الإنفلونزا، فمن المتوقع حدوث زيادة قدرها 400000 حالة استشفاء في الولايات المتحدة في حال كان عدد المُطعمين منخفضًا للغاية، ولتجنب هذا الحمل الزائد على المرافق الصحية، يقترح البحث تطعيم 75% من الأمريكيين بدلًا عن 50% المعتادة.

يقول البروفيسور مارك روبرتس، مدير مخبر ديناميكات الصحة العامة في جامعة بيتسبرغ وكبير باحثي الدراسات المذكورة أعلاه: «إن تصادف جائحة فيروس كورونا مع الإنفلونزا شكل جائحة مضاعفة لكننا لم نشعر بها العام الماضي ولذلك لم يحدث أي ضغط زائد على المستشفيات». وأضاف: «إن أكثر السيناريوهات المقلقة وفق أبحاثنا هي تزامن حدوث طفرة جديدة لفيروس كورونا مع جائحة كبيرة من الإنفلونزا مع عدد قليل من المُطعَمين ضد كلا المرضين».

لم يقلق العلماء في موسم الشتاء الماضي حول موسم الإنفلونزا، بل ويمكننا القول أنه عمليًا لم يحدث، وذلك لأن الأمراض المعدية بشكل عام والإنفلونزا بشكل خاص لم تجد منفذًا لإصابة البشر بسبب التباعد الاجتماعي والإجراءات الوقائية الأخرى ضد فيروس كورونا، فهذه الإجراءات كانت فعالة جدًا في الوقاية من الأمراض المعدية لدرجة أن بعض سلالات الإنفلونزا ربنا انقرضت عند البشر.

إضافةً إلى أن نقص حالات الإصابة بالإنفلونزا في الشتاء الماضي جعل جهازنا المناعي أقل عرضةً للفيروس، هذا ما أدى إلى انخفاض المناعة بشكل كبير، والأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للخطر لأن أجسادهم لم تتعرض مسبقًا لفيروس الإنفلونزا.

وهكذا، وكما يخشى معظم العلماء، فإن فيروس الإنفلونزا عائد للانتقام، والحل الوحيد لتجنب هذا الخطر هو لقاح الإنفلونزا، هذا اللقياح الذي يصُصمَّم سنويًا بناءً على السلالات الأكثر فتكًا المتوقعة، وهو مُوجَه للعديد من السلالات.

إن التنبؤ بموسم الإنفلونزا عملية صعبة للغاية، وقد تكون مخالفة للواقع حتى في أفضل الأحوال، لذلك يجب عدم اعتبار هذه التنبؤات المخيفة على أنها حقائق. ومع ذلك، فإن جميع الأدلة تشير إلى أن موسم الإنفلونزا القادم سيكون باكرًا وأقسى من المواسم السابقة، وذلك بسبب انخفاض المناعة بين السكان نتيجة نقص الإصابات بفيروس الإنفلونزا منذ آذار 2020 وفقًا لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها.

ولتجنب امتلاء المستشفيات بحالات الإنفلونزا، ينصح الأطباء بتطعيم أكبر عدد ممكن من السكان ضد فيروس الإنفلونزا وبالتأكيد ضد فيروس كورونا في حال لم يحصلوا على اللقاح بعد.

وأضاف البروفيسور روبرتس: «هذا لا يعني أبدًا أن علينا التخفيف من الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا لتجنب جائحات شديدة من الإنفلونزا في المستقبل، إنما يعني أن المزيد منا -خاصة الأطفال- سيكونون أكثر عرضةً للإصابة بالإنفلونزا وأن اللقاح ضروري لتجنب هذه الاحتمالات السيئة».

اقرأ أيضًا:

أعراض الإنفلونزا وعلاجها

مقارنة بين فيروس كورونا الجديد وفيروس الإنفلونزا: أيهما أخطر؟

ترجمة: محمد أديب قناديل

تدقيق: نور عباس

المصدر