هل تشعر أن دائرة معارفك وأصدقاءك القليلين يجعلونك تظهر أقل جاذبية من غيرك؟ هل الجاذبية مرتبطة بدائرة المعارف الكبيرة والأصدقاء الكثر؟ لنطرح السؤال بطريقة أخرى، إذا كان بإمكانك الاختيار بين شخص لديه عدد كبير من الأصدقاء أو شخص لديه عدد قليل من الأصدقاء، فمن الذي تفضله صديقًا لك؟

درس فريق من الباحثين هذه التساؤلات وفحصها في سلسلة من الدراسات وسلطت نتائجهم الضوء على تناقض مثير للاهتمام بين ما نفترض أنه سيجعلنا أكثر جاذبية وما نحبه بالفعل في الآخرين.

في كل من المواقف عبر الإنترنت وعبر الواقع، وجد الباحثون أن لدينا ميلًا لافتراض أننا سنبدو أكثر جاذبية في حال كان لدينا أصدقاء أكثر ولكن عندما يتعلق الأمر بما نرغبه بصفات موجودة في صديق فإننا نميل إلى الأشخاص الذين لديهم عدد قليل من الأصدقاء. أسموا هذه الحالة «مفارقة رقم الصديق».

ولكن السؤال: لماذا يحدث هذا التناقض؟ لماذا نبدو أننا نطبق معايير مختلفة على أنفسنا أكثر من غيرنا؟

التفسير الأساسي الذي طرحه الباحثون هو أننا نميل إلى أن تكون لدينا وجهة نظر مَعنية بالذات تقودنا إلى افتراض أن الآخرين سيقيموننا كصديق محتمل بنفس الطريقة التي نقيم بها أنفسنا، بعبارة أخرى نظرًا إلى أننا نتوقع أننا سنبدو أكثر جاذبية للناس إذا كان لدينا المزيد من الأصدقاء فإننا نعرض هذه الفكرة على الآخرين ونفترض أنهم سيقيموننا بنفس الطريقة.

ميزات الاكتفاء بدائرة ضيقة من الأصدقاء المقربين - هل الجاذبية مرتبطة بدائرة المعارف الكبيرة والأصدقاء الكثر - أهمية دائرة الأصدقاء

إضافةً إلى ذلك، عندما نفكر في ما نتمناه في الصديق فإننا نميل أكثر إلى الرغبة في التواصل مع شخص يمكنه بذل المزيد من الجهد في تنمية صداقة ورعايتها ويكون متاحًا لقضاء بعض الوقت معنا. وأشار المحققون إلى أن الشخص الذي لديه عدد أكبر من الأصدقاء لن يكون قادرًا على بذل جهد كبير تجاه صداقة واحدة، ونحن نميل إلى أخذ ذلك في الاعتبار وتفضيل الأشخاص الذين لديهم عدد أقل إلى حد ما من الأصدقاء.

ومع ذلك لاحظ الباحثون أيضًا أنه قد تكون هناك أسباب أخرى محتملة لوجود تناقض بين عدد الأصدقاء الذي يجب أن يكون لدينا مقابل عدد الأصدقاء الذي يجب أن يكون لأصدقائنا.

فمثلًا، قد نختار الأشخاص الذين لديهم دائرة صداقة أصغر منا نسبيًا لأننا نشعر بالقلق من أن نصبح منبوذين اجتماعيًا، وربما نعتقد أنه ستكون لنا مكانة اجتماعية أكبر إذا كان لأصدقائنا عدد محدود من الأصدقاء أقا مما لدينا، أو قد نرغب في رؤية أنفسنا في صورة مواتية ولذا فإننا نركز على الكيفية التي تجعل لنا مجموعة أكبر من الأصدقاء نبدو فيها بمظهر لائق وننسى وعينا بأن الصديق الذي لديه دائرة أكبر من الأصدقاء ليس بالضرورة ما نتمناه في الصديق وما نبحث عنه في الصداقة.

مع أن هذه أسباب محتملة، وجد المحققون دليلًا على أننا نفترض عمومًا أن الآخرين سيحبوننا أكثر إذا كان لدينا أصدقاء أكثر إلى حد ما، وأننا نتجاهل حقيقة أن الآخرين يميلون إلى الشعور بنفس الطريقة التي نشعر بها، يميلون أيضًا إلى علاقات مع أشخاص يملكون دائرة صداقات محدودة.

تبعًا لذلك ذكر الباحثون أن محاولتنا لجعل أنفسنا نبدو بدائرة صداقة كبيرة لتحسين جاذبيتنا الاجتماعية يمكن أن يخرب الهدف الذي نحاول تحقيقه من الأساس، لذا إذا كانت لديك دائرة صغيرة من الأصدقاء وتشعر بالخجل من ذلك، أو إذا كنت تعتقد أنك بحاجة إلى عرض صورة اجتماعية مختلفة عما أنت عليه، فكر في الموضوع أكثر خاصةً في موضوع امتلاك جاذبية اجتماعية أكثر.

اقرأ أيضًا:

تمامًا مثل البشر، يركز الشمبانزي على بناء علاقات صداقة متينة مع التقدم في السن

الصداقة تحت مجهر علم النفس: لماذا نصادق أشخاصًا معينين؟

ترجمة: محمد علي شيخ عثمان

تدقيق: محمد أبو دف

المصدر