بدأ الفنيون العاملون في مختبر الدفع النفاث جنوب كاليفورنيا بتركيب المسبار «أوروبا»، الذي سيحمل تسع أدوات علمية إلى أحد أروع الأجرام في نظامنا الشمسي، قمر المشتري الجليدي «أوروبا».

تُمثل مرحلة التركيب هذه معلمًا مُهمًا للمهندسين الذين أمضوا سنوات في العمل على المشروع.

يقول جان تشوداس مدير المشروع، المشرف على تركيب مسبار أوروبا: «سنبيّن كيفية أداء النظام الذي صممناه في الواقع، سيكون من المثير أن نرى تضافر العتاد وبرمجيات الطيران والأدوات، وخضوعها للاختبار».

ستُنقل المركبة بعد تركيبها إلى غرفة التخلية الحرارية في مختبر الدفع النفاث، حيث سيُخضِع المهندسون مسبار أوروبا لظروف تُحاكي ظروف الفضاء العميق القاسية. ستمر المركبة بعد ذلك باختبار الاهتزاز العنيف، للتحقق من قدرتها على تحمل عملية الإطلاق.

إذا جرى كل شيء حسب الخطة، سيُوضَع مسبار أوروبا على منصة الإطلاق عام 2024، وسيصل إلى مدار المشتري بحلول عام 2030.

يحتوي القمر أوروبا ألغازًا وربما حياة. معظم أقمار المشتري البالغ عددها 79 قمرًا، صغيرة وغير جذابة لعلماء الفلك، لكن الأقمار الأربعة الكبرى -آيو وأوروبا وجانيميد وكاليستو- أشبه بكواكب صغيرة منها بصخور فضائية قاحلة. فقد تكونت هذه الأقمار متزامنةً مع المشتري، إذ نشأوا من سحابة الغاز والغبار ذاتها.

يبرز قمر أوروبا أكثر من سواه بسبب قشرته الجليدية. مثل الأرض، لهذا الجرم الصخري نواة معدنية في مركزه، و«بشرة مائية» كما يصفها عالم ناسا المشارك في المشروع بوب بابالاردو، إذ يقول إن محيط الماء السائل يقع تحت 13 ميلًا من الجليد.

تُثير إمكانية احتواء محيط قمر أوروبا على محتوى حيوي حماس العلماء تجاه مهمة مسبار أوروبا. إذا وُجدت حياة في نظامنا الشمسي -بعيدًا عن غرابة الشكل الذي تتخذه- فربما تكون على قمر أوروبا.

يقول بابالاردو إن الماء على الأرجح «يلامس الصخور الموجودة أسفله، ما يجعل المغذيات قادرة على التسرب إلى المحيط والعمل وقودًا للحياة».

لا تعتمد الحياة المفترض وجودها على قمر أوروبا على التركيب الضوئي، لعدم قدرة الضوء على اختراق الطبقة السميكة من الجليد. يظن الباحثون أن الحياة قد تحافظ على استمراريتها اعتمادًا على التفاعلات الكيميائية، مثل بعض أشكال الحياة على الأرض.

تعمل فرق في قارتين على بناء مسبار أوروبا. صُممت الأدوات العلمية التي ستحملها المركبة وبُنيت في عدة مواقع في الولايات المتحدة وأوروبا.

وصل أول تلك الأدوات، جهاز راسم الطيف، إلى مختبر الدفع النفاث في الأسبوع الأول من مارس، قادمًا من معهد الأبحاث الجنوبي الغربي في سان أنطونيو-تكساس. ستقدم هذه الأداة بيانات عن أعمدة الغاز -وربما بخار الماء- التي رصدتها مركبة غاليليو الفضائية تنطلق بين شقوق الجليد السطحي.

يضع الفريق في مختبر «جونز هوبكنز» للفيزياء التطبيقية في لوريل ماريلاند، اللمسات الأخيرة على الوحدة الرئيسية لمسبار أوروبا، التي يعادل حجمها حجم سيارة دفع رباعي. ومن المخطط وصولها إلى مختبر الدفع النفاث في غضون أسابيع.

صُمم مسبار أوروبا ليُحمَل على متن صواريخ نظام الإطلاق الفضائي لناسا، لكن ناسا أعلنت أنها -بدلًا من ذلك- ستكلف شركة سبيس أكس التي يملكها إيلون ماسك بإطلاق المركبة مقابل 178 مليون دولار.

اقرأ أيضًا:

مسبار فوياجر 1 ومسبار فوياجر 2

حقائق مدهشة عن قمر المشتري أوروبا

ترجمة: إيهاب عيسى

تدقيق: حسين الجُندي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر