معدن قادر على الطفو حتى بعد تلفه! استغرق الأمر ساعتين ونصفًا فقط حتى تغرق السفينة تايتانيك بعد اصطدامها بجبل جليدي في 1912. قيل عن التايتانيك قبل الكارثة إنها غير قابلة للغرق، بفضل التصميم الخاص بالحجرات الموجودة في الجزء السفلي من السفينة. ولكن مهندسي التايتانيك لم يتوقعوا بأن الكارثة قد تثقب 6 من تلك الحجرات.

بعد ذلك بأكثر من قرن، ما تزال السفن عرضةً للاصطدامات: في 28 مايو، توفي 28 شخصًا حين اصطدم قارب سياحي وباخرة في نهر الدانوب في المجر (هنغاريا). وفي عام 2017 اصطدمت مدمرة تابعة للبحرية الأمريكية بناقلة نفط، ما تسبب في مقتل 10 بحارة.

لكن بحثًا جديدًا من جامعة روتشيستر قد يوفر طريقةً مبتكرةً لإبقاء السفن طافيةً: صمم الفريق هناك مصفوفةً معدنيةً غير قابلة للغرق، حتى إذا ثُقبت. «بغض النظر عن مقدار التلف أو الثقوب، ستبقى قادرةً على البقاء طافية» وفقًا لشونلاي جيو، كبير الباحثين في الدراسة المذكورة.

تلقى المشروع الدعم من الجيش الأمريكي، ومؤسسة العلوم الوطنية، ومؤسسة بيل وميليندا غيتس، وهي الجمعية الخيرية الخاصة التابعة لمايكروسوفت التي أسسها الملياردير الشهير بيل غيتس وزوجته ميليندا.

بالإضافة إلى بناء السفن، يعتقد الباحثون أن ذلك المعدن يمكن استخدامه يومًا ما للإقامة أو في بعض التطبيقات الأخرى مثل تنظيف المراحيض أو بناء المدن الطافية.

يحتوي المعدن على فقاعة هواء عملاقة تساعده على الطفو

تطفو السفن عن طريق إزاحة الماء؛ لتبقى السفينة طافيةً لا بد أن تزن السفينة أقل من حجم الماء الذي تُزيحه السفينة. عندما غمرت المياه حجرات التايتانيك، أصبحت السفينة أثقل من الماء المزاح فبدأت في الغرق.

لتجنب مصير التايتانيك، عمل باحثو جامعة روشيستر على تصميم جعل بنيتهم المعدنية تتمتع بالقدرة على دفع الماء طوال الوقت. استخدم العلماء أشعة الليزر لحفر شقوق دقيقة داخل سطح القرص المصنوع من الألمنيوم. تلك الخدوش تحجز الهواء مكونة حاجز للحماية يتسبب في انزلاق قطرات الماء من على سطح المعدن.

ولكن إذا بقي المعدن لفترة طويلة تحت الماء، قد تمتلئ الشقوق بالماء بدلًا من الهواء وفقًا لما وجده الباحثون. لذا ثبتوا اثنين من الأقراص المعدنية المخدوشة على كل نهاية من نهايات الدعامة الصغيرة، وذلك لتكون الأسطح المخدوشة مواجِهةً للداخل. وتركوا فراغًا في المنتصف يكون صغيرًا بما يكفي لمنع المياه من الدخول. يخلق ذلك فقاعة هواء تتسبب في طفو المعدن.

بعد ذلك، أبقى الباحثون المصفوفة المعدنية تحت الماء لمدة شهرين مع إضافة ثقل، لمعرفة إذا ما كانت المصفوفة المعدنية ستفقد قدرتها على الطفو أم لا، ولكن عند نزع الثقل صعد المعدن إلى سطح الماء.

كانت مهمتهم الأخيرة هي معرفة إذا كانت المصفوفة المعدنية يمكن أن تصمد بعد تعرضها للتلف أم لا. لذا ثقبوا المعدن في منطقة الأقراص ووضعوها تحت الماء مرةً أخرى. وكانت النتيجة هي احتفاظ المعدن بقدرته على الطفو بصرف النظر عن عدد الثقوب.

نجح العلماء في تطوير معدن قادر على الطفو حتى لو تعرض للتلف يمكن استخدام المعدن في بناء المدن الطافية الأسطح المخدوشة مواجِهةً للداخل

يمكن استخدام المعدن في بناء المدن الطافية

في الدراسة الجديدة، اقترح جيو استخدام المعدن لبناء زوارق النجاة، والملابس الطافية، أو السفن ذات القدرة الكبيرة على الطفو. لن يؤثر وقتها وزن السفينة على قدرتها على الطفو، ما دامت مساحة سطح المعدن كبيرةً بما يكفي لموازنة السفينة.

«كلما أصبحت مساحة المعدن أكبر وأكبر، تزداد أيضًا سعة التحميل» كما ذكر جيو. يعني ذلك أن المعدن قد يُستخدم في يوم من الأيام لبناء هياكل عملاقة مثل المدن الطافية. «أظن أنها فكرة عظيمة» كما ذكر جيو، أن بنية المعدن كانت «أمتن وأكثر تحملًا» مقارنةً ببقية المعادن التي ارتبطت بأفكار بناء المدن الطافية، مثل اللدائن المدعمة بالألياف الزجاجية أو الحجر الجيري.

أوضح البحث أيضًا أن مجرد قطرات قليلة من الماء كانت كافيةً لإزالة الأوساخ من على سطح المعدن. لذا فهو يعمل مع مؤسسة غيتس لوضع تصورات عن كيفية توظيف تلك الخصائص في مرافق الصرف الصحي في البلاد النامية. على سبيل المثال، المراحيض المصنوعة من مواد مخدوشة شبيهة قد تكون أسهل كثيرًا في التنظيف.

أضاف جيو: «إبقاء المعدن طافيًا هو أحد التطبيقات من بين العديد والعديد منها»

في الوقت الحالي، تعتبر أكبر المعوقات التي تقف أمام إنتاج المعدن بكميات أكبر هو أن عملية خدش المعدن تستغرق الكثير من الوقت ،
-قرابة الساعة لعمل خدش على شكل مربع طول ضلعه بوصة واحدة- ولكن تلك المشكلة تخص المصنِّعين وعليهم العمل على حلها.

مهمته، كما ذكر، هي التدليل على العلم خلف ذلك.

اقرأ أيضًا:

حقائق عن التيتانيك: السفينة التي لا تغرق

لماذا تطفو الجثث، ولماذا يكون وجهها للأسفل؟

ترجمة: شريف فضل

تدقيق: علي قاسم

مراجعة: أحلام مرشد

المصدر