من بين جميع النجوم، التي لا تُعد ولا تُحصى، تلك التي تتلألأ في الفضاء الشاسع؛ بعضُها قديم جدًا، وشهد بزوغ فجرِ الكون، وبعضُها الآخر صغير للغاية حتى أن أقوى التلسكوبات على الأرض لم ترصدها.

ولكن هل من الممكن معرفة أيّ النجوم هو الأصغر، وأيُّها هو الأكبر؟

من الصعب تحديد أصغر نجم في الكون، لأن النجوم تولَد باستمرار. ولكن هنالك عددٌ قليل من النجوم التي نعرفها. أحد هذه النجوم هو نجم موتشاله الذي يُعد أقدم نجم مُسجل على الإطلاق.

نجم موتشاله أو HD 140283، يقع على بعد 190 سنةً ضوئيةً. وقد عدّه العلماء منذُ عقود، أقدم نجمٍ معروف في هذا الكون الشاسع.

كيف تنشأ النجوم؟

لا تنشأ النجوم من العدم، إذ تتكون في أعماق غيومٍ هائلة من الغبار، والغاز تُعرَف باسم السديم.

وفقًا لوكالة ناسا، تُثقل بعض كتلِ الغاز في السديم بالكثير من المواد، لدرجة أن جاذبيتها الخاصة تجبرها على الانهيار؛ ذلك لأن المزيد من الكتلة يعني المزيد من الجاذبية، وسحب الجاذبية الشديد في مركز السحابة المنهار يجمّع الغاز متحولًا إلى نجمٍ أوليّ. والجدير بالذكر أن هذا الغاز غالبًا ما يكون الهيدروجين.

تبدأ هذه النجوم الأوليّة بدمج نوى الهيدروجين وتكوين الهيليوم، وتنبعث منها نتيجة هذه العملية إشعاعات، ويصبح حينها نجمًا حقيقيًا ساطعًا. فالنجم لا يسمى نجمًا حتى يُشع بالطاقة.

تتشكل نجوم جديدة طوال الوقت، ولكن في عام 2022 التقط عالم الفلك روبينغ دونغ وزملاؤه صورًا لنجوم أوليّة في نظام النجوم الثنائية Z Canis Majoris، إذ التُقطت اضطرابات من متطفل كوني بواسطة تلسكوب سوبارو، مصفوفة كارل جي جانسكي الكبيرة جدًا، ومصفوفة أتاكاما المليمترية. وقد رصد الفلكي روبينغ دونغ؛ وهو أستاذ مساعد في قسم الفيزياء وعلم الفلك في جامعة فيكتوريا في كندا، هذه النجوم الأوليّة.

في عام 2022، دوس دونغ النظام النجمي الأوليّ الثنائي الذي يُعتقد أن عمرهُ حوالي المليون سنة فقط. فقد استطاع دونج وزملاؤه وضع عمر تقريبي لبعض تلك النجوم.

وقال دونغ في رسالة إلكترونية إلى لايف ساينس: «عندما تتعرض النجوم لانفجارات التراكم، فإنها تصبح أكثر إشراقًا وأكثر سخونةً. ونتيجةً لذلك تُسخَّن المواد من حول هذه النجوم؛ ما قد يؤدي إلى تبخر الجليد في قرص هذه النجوم الأولية، الذي قد يؤدي بدورهِ إلى بعض التفاعلات الكيميائية في القرص، وذلك بسبب تسخين المادة».

ولأن المواد ما زالت تتراكم على النجوم الناشئة حديثًا، فإنها تطرد تدفقات هائلةً من الغاز، إذ إن تدفق الغاز من النجم يدلُّ على أن الكتلة ما زالت تتراكم فوق هذا النجم.

ولأن التدفقات الغازية تتلاشى مع تقدم النجم في العمر، فإن كمية الغاز المُتدفقة من النجوم تساعد علماء الفلك على تقدير عمرها، أي أن المزيد من الغاز يعني نجمًا أصغر، والعكس صحيح.

أثارت تقديرات عمر نجم موتشاله جدلًا كبيرًا في الوسط العلمي. إذ قُدر عمر نجم موتشاله في عام 2000 بحوالي 16 مليار سنة، وهذا يتناقض تمامًا مع عمر الكون الذي يبلغ حوالي 13.8 مليار سنة.

لاحظ علماء الفلك ذلك وأكدّوا وجود خطأ في كيفية حساب عمر هذا النجم. وإذا لم يكن الأمر كذلك فهذا يعني أن هنالك خطأ كبيرًا في تقدير عمر الكون.

في عام 2013، وفي محاولة لحلّ هذه المعضلة استخدم علماء الفلك تلسكوب هابل الفضائي لإعادة تحديد عمر موتشاله. فقد قدّر العلماء عمر هذا النجم ب 14.5 مليار سنة وذلك على أساس سطوعهِ، ومسافتهِ من الأرض. وهذا ما جعل نجم موتشاله أقدم من الكون بقليل.

قال هوارد بوند، وهو فلكيّ فخري في معهد علوم الفضاء في مركز عمليات تلسكوب هابل الفضائي في ميريلاند، الذي ساعد بدورهِ في تحديد عمر موتشاله: «قسنا المسافة بغية تحديد السطوع المطلق للنجم، وبالتالي العمر. إذ توصلنا إلى أن عمر نجم موتشاله لا يختلف كثيرًا عن عمر الكون، على الرغم من أن تقدير عمر نجم موتشاله قد لايكون دقيقًا تمامًا».

وقال بوند في رسالة إلكترونية إلى لايف ساينس: «إن نجم متوشاله نجمٌ شبه عملاق، وهو أكثر إشراقًا من معظم النجوم، لكن ليس بقدر النجوم العملاقة؛ تلك التي تُعد ضخمةً جدًا، فيبدو حجمها غير طبيعي بالنسبة لدرجة حرارتها وكتلتها».

تطلق النجوم الطاقة الناتجة عن حرق الهيدروجين في نواتها وتحويله إلى هيليوم بالاندماج النووي. تصل النجوم الضخمة إلى مرحلة الانهيار عندما تبدأ باستنزاف احتياطياتها من الهيدروجين، وفي هذه المرحلة من حياة النجم يصبح سطوعه ولمعانه طريقةً ممتازةً لتقدير عمره، إذ إن النجوم شبه العملاقة الخافتة هي الأقدم.

نجم موتشاله مائل إلى الحمرة، أما بالنسبة لسطوعه فقد كان يتناقص ببطء على مدى مليارات السنين، وبسبب قربه من الأرض فإنه لايبدو خافتًا جدًا بالنسبة لنا، إذ يُرى باستخدام المناظير المناسبة.

ما زالت الشمس شابةً مقارنةً مع هذا النجم العجوز، إذ يبلغ عمر الشمس أقل من 5 بلايين سنة، ويُتوقع أن تعيش حوالي 5 بلايين سنة أخرى. وعندما تبرد وتنتفخ فإن النظام الشمسي سيبتلع جميع الكواكب التي تدور في مدارهِ، بما في ذلك الأرض.

اقرأ أيضًا:

رصد أحد أثقل العناصر الكيميائية في الغلاف الجوي لكوكب خارجي

أولى أنواع الحياة على المريخ دمرت نفسها في أثناء أزمة مناخية

ترجمة: يزن دريوس

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر