تكون الرسائل المشفرة كميًا والمرسلة عبر كابلات طويلة ولمسافات كبيرة حساسةً للاهتزازات الصغيرة بطريقة كبيرة، الأمر الذي قد يجعلنا في المستقبل نستعملها في مجالات واستخدامات أخرى غير تلك التي تُستعمل بها حاليًا، مثل إنشاء شبكات حماية، وهذا ما سنتطرق له في مقالنا هذا.

نتيجة للحساسية التي تتمتع بها تقنية الاتصال الكمي تجاه الاهتزازات الدقيقة في الأرض، قد تكون مفيدة في اكتشاف الزلازل والانهيارات الأرضية مستقبلًا.

يستخدم ما يُسمى «توزيع المفاتيح الكمومية» واختصارًا (QKD) خصائص معينة للفوتونات، لتشفير البيانات المُرسلة بين جهازين، الأمر الذي يجعل هذا النظام أكثر أمانًا من التشفير التقليدي المعتاد، ففي هذا النظام إذا حاول متنصت ما الوصول إلى البيانات المشفرة، تتغير الحالة الكمومية للفوتونات، الأمر الذي تَسهُل ملاحظته وعندها يتمكن المُرسل من إيقاف عملية النقل.

وقد تحدث السيد جيان وي بان وزملاؤه من جامعة العلوم والتكنولوجيا في الصين عن نوعٍ جديد من توزيع المفاتيح الكمومية يُسمى «توزيع المفاتيح الكمومية ثنائي المجال»، الذي يستخدم الطريقة التي تتداخل فيها الفوتونات الفردية مع بعضها البعض لتشفير البيانات، وخلال تجاربهم نجحوا في إرسال البيانات المُشفرة عبر كابل بطول 658 كيلومترًا بأقل قدر من فقدان البيانات، وهي إحدى أطول المسافات التي نُقلت فيها بيانات عبر نظام توزيع المفاتيح الكمومية حتى الآن.

تُحتوى المعلومات المشفرة في خاصية كمية تسمى «طور الفوتون»، التي يجب أن تكون مُقاسة بعناية على طول الكابل. فأي اضطرابات بيئية، كالاهتزازات في الأرض مثل تلك الناتجة عن الزلازل أو الانزلاقات الأرضية، تؤثر في الطور الخاص بالفوتون ومن ثم يمكن ملاحظتها.
وحسب بان: «لأول مرة، أظهرنا أن نظام توزيع المفاتيح الكمومية ثنائي المجال قادر على توزيع مفاتيح الكم وكذلك استشعار الاهتزازات على مسافات طويلة جدًا، وهي آلية جديدة على حد معرفتنا».

وحسب ما قال تيموثي سبيلر من جامعة يورك في المملكة المتحدة، فيُعد تحسين معدل نقل البيانات أمرًا ضروريًا قبل أن تُدمج التكنولوجيا في شبكة اتصالات كمومية واسعة النطاق، لكن في حال حدوث ذلك في المستقبل، فيمكن الاستفادة من مثل هذا النظام باستخدامات آخر غير نقل البيانات كاستشعار الاهتزازات، فقد يكون مستقبلًا ذو فائدة في هذا المجال فاستشعار تلك الاهتزازات قد يدلنا على حدوث الزلازل.

ويضيف أن أحد الجوانب الإيجابية والمثيرة للإعجاب في استشعار الاهتزاز عبر هذا النظام، هو قدرة الباحثين على تحديد مكان الاهتزاز بدقة كبيرة على طول الكابل، إذ قال: «يمكنهم تحديد وجود اهتزازات في الألياف، بعدها يمكنهم استخدام معلومات التوقيت أيضًا لتحديد مكان هذا الاهتزاز بدقة كبيرة وضمن مجال لا يتجاوز كيلومترًا واحدًا».

اقرأ أيضًا:

مع تقدم العلم، هل سنستطيع التنبؤ بحدوث الزلازل؟

كيف يمكن للذكاء الصناعي أن يحل مشكلة الزلازل المميتة؟

ترجمة: هشام جبور

تدقيق: حسام التهامي

المصدر