نشر العالم ألبرت أينشتاين نظرية النسبية العامة سنة 1915، ولا تزال التفسير الأفضل للجاذبية لدينا مع أنها ليست مثالية أو كاملة، لذلك يفضل العلماء وضعها تحت أشد الاختبارات صرامةً، سعيًا منهم للبحث عن طرق لتوسيعها، لكن النظرية تغلبت بقوة على كل تلك الاختبارات.

نشر تقرير في دورية علم الفلك والفيزياء الفلكية الاختبار الأحدث، ضمن قائمة طويلة من الاختبارات تهدف إلى فحص أساس النسبية العامة ، وهو مبدأ التكافؤ أو مبدأ السقوط الحر. تقوم الفكرة على أن الحركة الناتجة من جاذبية جسم ما تعتمد فقط على الموقع الابتدائي والسرعة، وليس على ما يتكون منه هذا الجسم، ربما تفهم هذه الفكرة أكثر إذا عرفت أن المطرقة والريشة تصلان إلى الأرض في نفس الوقت إذا تعرضتا للسقوط الحر في الفراغ.

كان العالم الإيطالي غاليليو غاليلي أول من اقترح هذا المبدأ، فأسقط قذيفتين معدنيتين بوزنين مختلفين من برج بيزا المائل، واستخدم فريق من الباحثين الأوروبيين اختبارًا أكثر تطرفًا: النجم النابض (PSR J0337+1715)، وهو نظام لا مثيل له حتى الآن، إذ يدور حوله قزمان أبيضان.

نفذ رائد الفضاء ديفيد سكوت تجربة السقوط الحر للريشة والمطرقة الخاصة بجاليليو على سطح القمر خلال مهمة أبولو 15 سنة 1971.

شاهد الفيديو

يتكون النظام النجمي النابض من نجوم نيوترونية، وهي النواة المنهارة لنجم أصبح مستعرًا أعظم، تستطيع هذه النجوم الدوران بسرعة عالية جدًا باعثةً نبضات بدقة بالغة، وهي مستقرة تمامًا، ما يجعلها منصةً ممتازةً لاختبار النسبية. يدور النظام النجمي (PSR J0337+1715) حول محوره 366 مرة كل ثانية.

يسجل الباحثون هذه النبضات بدقة نانوثانية، ما يسمح لهم بتحديد حركة النظام، مع أن النظام النجمي يبعد عن الأرض 4200 سنة ضوئية، يستطيع الباحثون مقارنة حركة هذه النجوم وفقًا لتوقعات النسبية العامة، لاختبار صحة هذه التوقعات.

تصور فني للنجم النابض وقزمه الأبيض الأقرب إليه مقارنةً بمداراته الأخرى والقزم الأبيض الثاني الظاهر في الخلفية

تصور فني للنجم النابض وقزمه الأبيض الأقرب إليه مقارنةً بمداراته الأخرى والقزم الأبيض الثاني الظاهر في الخلفية

يقول مؤلف الدراسة الدكتور غيلوم فوزن من جامعة مانشستر: «يشبه ذلك وجود شمس ثانية إلى جانب الشمس والأرض والقمر، يسقط نحوها نجمان آخران، يسمح ذلك بتنفيذ نسخة مشابهة لتجربة جاليليو الشهيرة، إذ يسقط جسمان مختلفا المكونات بنفس التسارع داخل مجال الجاذبية نحو جرم ثالث. يبث النظام النبضي حزمًا من الموجات الراديوية التي تسبح في الفضاء، وعند كل نبضة تُخلق ومضة من الضوء الراديوي يسجلها المرصد الراديوي (نانسي) بدقة عالية، ويصل الضوء إلى الأرض بإزاحة زمنية، ما دامت حركة النجوم النابضة مستمرة في مداراتها، ليتمكن العلماء من استنتاج حركة النجم بدقة عالية من طريق قياس دقيق ونمذجة رياضية، وصولًا إلى دقة من رتبة النانوثانية لزمن وصول هذه النبضات».

يعتمد الاختبار الجديد على ست سنوات من المراقبة والمتابعة لكل خطوة في جميع الأعمال المُنجَزة سابقًا، ما ضاعف دقة القياس، ووفقًا للدراسة، فإن النتيجة المُقاسة لحقل الجاذبية القصوى للنجم النابض لا تتجاوز 1.8 جزءًا من مليون جزء من الثانية من توقعات النسبية العامة ، ويُعد هذا التأكيد الأكاديمي الأدق لمبدأ السقوط الحر.

إن اختبار النظرية مرارًا وتكرارًا هو أساس المنهج العلمي، نأمل الوصول يومًا ما إلى نظرية الجاذبية التي ستجمع نظريتي النسبية وميكانيكا الكم، من طريق ملء الثغرات في كل منهما.

اقرأ أيضًا:

ما هي النجوم النابضة؟

إثبات جديد للنسبية العامة عبر قياسات النجوم النابضة في الفضاء

العلماء يرصدون للمرة الأولى خللًا في سلوك هذا النجم النابض

ترجمة: فارس بلول

تدقيق: سمية المهدي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر