تحديد أولويات المستقبل:

من الروبوتات التي تدور بانسيابية، رائعة إلى السيارات الكهربائية التي يمكن أن تسير أكثر من 950 كم (600 ميل) بشحنة واحدة، لقد أصبح من الواضح بشكل متزايد أن المستقبل بات أقرب بكثير مما كنا نتوقع.

يكمن خطأ الثورة الصناعية في أنها جاءت دون سابق إنذار، ونحن اليوم بحاجة للبدء في التخطيط لهذا المستقبل، ويبدو أن هذا هو بالضبط ما تحاول دولة الإمارات العربية المتحدة القيام به.

إن جهود البلاد تتركز بشكل رئيس في مدينة دبي التي تعد موطنا لعدد من المشاريع المستقبلية، بما في ذلك خطط لإنشاء (مدينة علوم المريخ) وبناء برنامج فرعي واقعي، وبرامج الطاقة المتجددة، والسيارات الكهربائية، وعمل اختبارات لسيارات أجرة طائرة، إضافة إلى (Jetpack) – جهاز طيران فردي-، فلدى دبي برنامج نشِطٌ يهدف إلى الإسراع في إنشاء هذه التكنولوجيات المستقبلية المختلفة.

وبطبيعة الحال، لا يمكن أن تكون هناك خطة للمستقبل كاملة دون النظر في الدور الذي سيلعبه الذكاء الاصطناعي.

وفي 19 أكتوبر2017م، أصبحت دولة الإمارات العربية أول دولة تملك وزيرًا للذكاء الاصطناعي، وقد قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، خلال إعلانه عن هذا المنصب: “نريد أن تصبح دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر دول العالم استعدادًا للذكاء الاصطناعي”.

ويشغل منصب وزير الدولة للذكاء الاصطناعي السيد عمر بن سلطان العلماء وعمره 27 عاما، وهو يحمل درجة في إدارة المشاريع والتميز من الجامعة الأمريكية في الشارقة، وبكالوريوس في إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية في دبي.

وقبل عدة أيام من الإعلان عن هذا الموقف، أطلق الشيخ محمد رسميا في 16 أكتوبر / تشرين الأول إستراتيجية الذكاء الاصطناعي في الإمارات العربية المتحدة، ووفقا لموقع الحكومة الرسمي على شبكة الإنترنت، فهي الأولى من نوعها في العالم.

الذكاء الاصطناعي كونه تكنولوجيا واسعة الانتشار:

إن الهدف من هذا البرنامج هو جعل دولة الإمارات العربية المتحدة رائدةً في مجال البحث والتطوير والابتكار.

وقد صرًح عمر سلطان العلماء لـ (futurism .com)، قائلا: “نحن في دولة الإمارات العربية المتحدة، ندرك إيجابيات وسلبيات وإمكانات الذكاء الاصطناعي”، وأضاف: “نتمتع بقيادة رشيدة تريد تنفيذ هذه التقنيات لخدمة الإنسانية بشكل أفضل، وغايتنا أن نستفيد من ذلك لكن في الوقت نفسه علينا التغلب على التحديات التي قد تنشأ عن الذكاء الاصطناعي”.

تغطي إستراتيجية الذكاء الاصطناعي على نحو ملموس تسعة قطاعات، هي: النقل، والصحة، والفضاء، والطاقة المتجددة، والمياه، والتكنولوجيا، والتعليم، والبيئة، وحركة المرور.

ووفقا لوزير الذكاء الاصطناعي عمر سلطان العلماء فإن تأثير التكنولوجيا على التعليم، على وجه الخصوص، يمكن أن يكون دراماتيكيا للغاية.

وأضاف: “مع الإنترنت، رأينا جيلًا لديه الكثير من المعرفة”، “وتخيل لو يساعدنا برنامج الذكاء الاصطناعي على تقديم المعرفة بطريقة تجعل الناس يفهمونها ويحفظونها ويكونون قادة الفكر فيها، ولا أعتقد أن المستقبل سيكون للاختبارات والامتحانات أو للتحفيظ الصارم، وسيساعدنا برنامج الذكاء الاصطناعي في جعل عملية التعلم الجماعي والشخصي أكثر تطورا”.

وأشار الوزير أيضاً إلى “أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعدنا على معرفة ما لدينا من قدرات طبيعية، لا على تعلم مهارات جديدة فقط”، وسيساعدنا على تحديد ما يميز كل شخص، ومن ثم السماح لنا بتحديد طريقة لتقديم المعلومات التي يحتاجها الجميع من أجل التفوق والتميز”.

وبالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة ودبي خصوصا، فإن إمكانات الذكاء الاصطناعي واضحة، والتعليم لا يعدو أن يكون مجرد بداية، وهم يأملون ضمان وصول التكنولوجيا في نهاية المطاف إلى جميع قطاعات المجتمع التي يمكن أن يستفيد منها، بما في ذلك تقريبا كل جانب واحد من جوانب الحكومة الحديثة.

وفي البيان الرسمي، تشير دولة الإمارات العربية المتحدة إلى أن الهدف النهائي هو: “تقديم جميع الخدمات عن طرق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ودمجها كليةً في الخدمات الطبية والأمنية”، ووفقا للبيان نفسه، فإن تسخير قوة الذكاء الاصطناعي ستوفر 50% من التكاليف الحكومية السنوية من خلال تبسيط 250 مليون معاملة ورقية سنوية، والتي تتطلب حاليا 190 مليون ساعة عمل و1 مليار كيلومتر (621 مليون ميل) تنقلات.

وبطبيعة الحال، فإن جهود برنامج الذكاء الاصطناعي ستتجاوز مجرد تنظيم الحكم لتشمل أيضا إنشاء سوق حيوية جديدة ذات قيمة اقتصادية عالية.

بناء المستقبل:

تأمل دولة الإمارات العربية المتحدة أن تشجع مبادرات الذكاء الاصطناعي باقي دول العالم على النظر حقا في مستقبل الذكاء الاصطناعي كيف سيكون.

وقال عمر سلطان العلماء: “الذكاء الاصطناعي ليس سلبيا أو إيجابيا، إنه يقع في الوسط، فمستقبل الذكاء الاصطناعي لن يكون أسودا أو أبيضا كما هو الحال مع كل التكنولوجيا على الأرض؛ لأنه يعتمد حقا على كيفية استخدامه وتنفيذه”، و”يجب أن يكون الناس جزءا من المناقشة، فهو ليس من الأمور التي يناقشها مجرد مجموعة مختارة من الناس”، ولتحقيق هذه الغاية، يأملون في جعل الحكومات والمنظمات والمواطنين معهم دائما.

وقال عمر سلطان العلماء: “هذه مرحلة بدء المحادثات حول اللوائح ومعرفة ما يجب تنفيذه من أجل الوصول إلى حيث نريد أن نكون، وآمل أن نتمكن من العمل مع الحكومات الأخرى والقطاع الخاص للمساعدة في مناقشاتنا وزيادة المشاركة العالمية فيها، وفيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، لا يمكن لأحد أن يفعل كل شيء وحده، إنه جهد عالمي”.

تريد أكبر شركات التكنولوجيا اليوم، بقيادة غوغل والأمازون، وضع الذكاء الاصطناعي في صميم أعمالهم، ودولة الإمارات العربية المتحدة ودبي خصوصا تأمل أن تفعل الشيء نفسه لأمة بأكملها.


  • ترجمة: أشرف بن نصر.
  • تدقيق: رجاء العطاونة.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر