يعتقد أغلبنا أن صفة الذكاء تُطلق على الفرد، لكن يمكن وصف مجموعة أو نوع بأكمله بالذكاء أيضًا، سواءً كنا نتحدث عن مجتمعات بشرية، أو جماعات من الحشرات، أو حتى السلوك الغامض للفطر أو الفيروسات. إذن هل تمكن ملاحظة الذكاء على نطاق أوسع؟ على كوكب بأكمله مثلًا؟

وفقًا لورقة بحثية نُشرت حديثًا، تعمق فريق من علماء الفضاء في هذا السؤال المحير، وتوصَّلوا إلى بعض الاستنتاجات المدهشة. كان السؤال هو: «هل يمكن الذكاء أن يوجد على نطاق الكواكب أم لا؟ وإذا كان الأمر كذلك، كيف يتجلى الذكاء على نطاق كهذا؟ وهل حدث ذلك بالفعل؟ أو هل سيحدث على المدى القريب؟».

يرى الباحثون أن الإجابة عن هذه الأسئلة قد تساعدنا على تحسين مستقبل كوكب الأرض، وإن كنا لم نبلغ مرحلة كهذه بعد.

يقول عالم الفيزياء الفلكية آدم فرانك من جامعة روتشستر: «ليس لدينا بعد القدرة على الاستجابة الجماعية من أجل مصلحة الكوكب. توجد حياة ذكية على الأرض، لكن الكوكب ليس ذكيًا».

وفقًا للباحثين، فإن ظهور الذكاء التقني على كوكب -وهو نقطة مرجعية مشتركة في أبحاث علم الأحياء الفلكية- لا ينبغي أن يُنظر إليه بوصفه شيئًا يحدث «على الكوكب»، بل يحدث «للكوكب».

وفقًا لهذا التفسير، فإن تطور ذكاء الكوكب يتمثل في اكتساب المعرفة الجماعية، التي تعمل عبر نظام معقد يضم أنواعًا مختلفة في الوقت ذاته، بطريقة متناغمة تفيد المحيط الحيوي بأكمله. لسوء الحظ، فإننا لم نبلغ هذه المرحلة بعد.

قال الباحثون: «لقد بلغت الأرض فقط المرحلة الثالثة من الجدول الزمني الافتراضي لتطور ذكاء الكواكب».

المرحلة الأولى: «تطوير المحيط الحيوي غير الناضج». وهي سمة ظهرت على كوكب الأرض مبكرًا جدًا، حين ظهرت أشكال الحياة البدائية، دون وجود حلقات تغذية راجعة بين العمليات الجيوفيزيائية، كافية للتطور المشترك لأنواع مختلفة من الحياة.

المرحلة الثانية: «ظهور المحيط الحيوي الناضج».

أما المرحلة الثالثة: «الكوكب التقني غير الناضج»، وهي المرحلة التي يعيشها كوكب الأرض حاليًا. في هذه المرحلة، يتطور النشاط التقني على الكوكب، لكنه لا يتكامل باستدامة مع الأنظمة البيئية الأخرى.

مع ذلك، إذا أمكن حل هذه المشكلات، فإن المجال التقني غير الناضج لديه فرصة للتطور إلى المرحلة النهائية: «الكوكب التقني الناضج»، حيث تعمل حلقات التغذية الراجعة بين النشاط التقني، والحالات الحيوية الجيوكيميائية والجيوفيزيائية، بالتزامن لضمان أقصى قدر من الاستقرار والإنتاجية للبيئة المحيطة بالكامل.

يقول الباحثون إن هذه الحالة المثالية هي الهدف الذي يجب علينا محاولة بلوغه.

يقول فرانك: «تتطور الكواكب من مراحل غير ناضجة إلى ناضجة، ويتمثل الذكاء الكوكبي في الوقت الذي تصل فيه إلى كوكب ناضج. السؤال الأهم هو معرفة شكل ذكاء الكواكب، وما يعنيه بالنسبة إلينا في الممارسة العملية، لأننا لا نعرف حتى الآن كيفية الانتقال إلى مرحلة الكوكب التقني الناضج».

وفقًا للباحثين، نحن الآن على حافة الهاوية، إذ من الواضح أن أفعالنا الجماعية لها عواقب وخيمة عالميًا، لكننا لم نتحكم بعد في تلك العواقب، وإذا تمكنا -جنبًا إلى جنب مع القوى الأخرى على كوكب الأرض- من تطوير التوازن للتحكم في تلك العواقب، فقد نتطور أخيرًا إلى المستوى التالي.

اقرأ أيضًا:

اكتشاف كوكب جديد يدور حول أقرب نجم إلى الشمس

باحثون رصدوا أكبر مجرة في تاريخ علم الفلك

ترجمة: آدم العابد

تدقيق: محمد سمير

المصدر