اكتشف فريق من علماء جامعة براون أن المنطقة المتخصصة في مساعدة الطيور المغردة على تعلم أغانيها، توجد أيضًا عند نقار الخشب، ما يشير إلى تطور النقر التواصلي بطريقة مماثلة. مع أن صوت نقر نقار الخشب مألوف لمن يقيم هذا الطائر في فناء منزله، فإن الآليات والدوافع التي تحفز الطيور للانخراط في هذا السلوك لم تُفهم جيدًا إلى الآن.

اكتشف فريق من الباحثين من جامعة براون أفكارًا جديدة حول كيفية عمل دماغ نقار الخشب، يشير الاكتشاف إلى أن سلوك النقر ربما تطور خلال التعلم الصوتي، بالطريقة ذاتها التي تتعلم بها الطيور المغردة إصدار أصواتها الموقعة.

في دراسة نُشرت في مجلة PLOS Biology، وصف الباحثون الطريقة التي وجدوا بها الدليل على التعبير الجيني المتخصص في الأدمغة الأمامية لنقار الخشب، التي تتشابه تشريحيًا مع أدمغة الطيور التي تتواصل معًا بواسطة الغناء.

افترض الباحثون أن الآليات ذاتها التي ساعدت الطيور على تطوير التحكم الحركي الذي يتضمن إنشاء الأغاني والتعبير عنها، ساعدت نقار الخشب على تطوير نظام النقر الخاص بالتواصل.

قال مؤلف الدراسة ماثيو فوكسجاجير، الأستاذ في قسم الأحياء والطب في جامعة براون: «يوسع هذا الاكتشاف ما هو معروف سابقًا، ليس فقط عن نقار الخشب، لكن عن تطور الطيور عمومًا. بدايةً لم نعرف سوى القليل جدًا عن سلوك النقر عند نقار الخشب، وبالتأكيد لم يجد أحد تفسيرًا عصبيًا لهذا السلوك. المثير حقًا في الدراسة أنه للمرة الأولى نعثر على أساس عصبي للتواصل الإيمائي عند حيوان سوى البشر والشمبانزي والغوريلا».

تركز أكثر الأبحاث حول التواصل بين الحيوانات على الأصوات، مثل نقيق الضفادع أو غناء الطيور. يدرس فوكسجاجير في بحثه كيف تستخدم الحيوانات حركة الجسم والإيماءات للتواصل، مثل القفز أو التلويح أو الرقص.

قال فوكسجاجير: «درسنا في جزء كبير من البحث كيفية تطور هذه السلوكيات الحركية، تحديدًا كيف تطور الدماغ والعضلات لدعم هذا السلوك. إن نقار الخشب مرشح ممتاز ليمثل عينة للبحث، لأن طريقته في النقر هي شكل من أشكال الإشارة، إذ يتواصلون معًا بواسطة هذا النقر».

كان فوكسجاجير مهتمًا أساسًا بكيفية تحكم دماغ نقار الخشب في هذا السلوك، وتعاون مع إريك جارفيس من جامعة روكفلر في نيويورك، الذي فحص أنواعًا مختلفة من الطيور بحثًا عن مناطق دماغية تشبه تشريحيًا تلك التي تتحكم في سلوك الغناء، متضمنةً الطيور غير المغردة، مثل الإيمو والبطريق والنحام ونقار الخشب.

قال فوكسجاجير: «كنت مهتمًا بمناطق الدماغ التي تتحكم في النقر، وكان جارفيس مهتمًا بمناطق التحكم في الغناء».

المؤلف المشارك إريك شوبي، طالب الدكتوراه في مختبر فوكسجاجير، شارك في العمل الميداني بهدف معرفة المناطق الخاصة في دماغ نقار الخشب المرتبطة بسلوك النقر.

بحث الفريق عن إشارات لتخصصات التعبير الجيني في سبعة أنواع من الطيور، ووجدوا أدلة على هذا التخصص فقط عند نقار الخشب.

كان نقار الخشب هو الطائر غير المغرد الوحيد الذي يمتلك دماغًا أماميًا يشبه تشريحيًا نظام الغناء عند الطيور المعروفة باستخدام التعلم الصوتي.

افترض الباحثون أن نوى الدماغ الأمامي القديمة المسؤولة عن دقة التحكم الحركي، لم تنتج نظام التحكم الغنائي عند الطيور المغردة فحسب، بل أنتجت أيضًا نظام النقر عند نقار الخشب.

لتوضيح أهمية النقر، أشار فوكسجاجير إلى وجود أكثر من 200 فصيلة من نقار الخشب حول العالم، كل فصيلة تنقر بسرعة وإيقاع محددين يتغيران اعتمادًا على ما يريد الطائر قوله أو من يريد التواصل معه، يقول فوكسجاجير: «لهذا ينقرون في أصوات صاخبة متناسقة».

إذا أخطأ نقار الخشب في طريقة النقر، فلن يستطيع الطائر الآخر من الفصيلة ذاتها أن يتعرف عليه أو يفهم رسالته.

أضاف فوكسجاجير: «لكن إن نقر بالطريقة الصحيحة، فسيسمع نقار الخشب الآخر النقر، ويقيس جوانب محددة منه ويستخدمها لتقييم نقار الخشب بوصفه ندًا، وسيفهم ما يحاول إيصاله من معلومات. وتنسق مناطق الدماغ الخاصة الفيزيولوجيا التي تتحكم في الحركات التي تسمح للطيور بالنقر بطرق معينة».

«توسع هذه النتائج فهمنا لمناطق الدماغ المتخصصة في التواصل الصوتي عند الطيور، ما يدفعنا إلى إعادة التفكير في كيفية تطور هذه الخصائص».

هل هذا أمر عابر في أنواع بعينها من الطيور، أم أنه إشارة إلى أمر أعمق في التاريخ التطوري للطيور عمومًا؟ ستتعمق المزيد من الأبحاث المستقبلية في هذه المسألة.

اقرأ أيضًا:

كيف يتحمل نقار الخشب الصدمات المتكررة دون أن يتأذى دماغه؟

لماذا لا يصاب نقار الخشب ب الصداع؟

ترجمة: جوليا كاملة

تدقيق: رغد أبو الراغب

المصدر