يعتمد الأطباء غالبًا عند نقل الدم إلى مريض على فصيلة دم المتبرع والمتلقي إذ يجب أن تتطابقا، وما لا يؤخذ أبدًا بعين الاعتبار هو مطابقة جنس المتبرع لجنس المتلقي. وهذا ما قد يستحق النظر فيه من الآن فصاعدًا وفقًا لما استنتجته الدكتورة ميشيل زيللر وهي طبيبة كندية مختصة بأمراض الدم ودكتورة مساعدة في كلية الطب بجامعة Mc Master، فتأثير الجنس على نقل التبرع يبدو مهمًا بعض الشيء.

نشرت زيللر دراسة بعنوان: «تأثير عدم تطابق الجنس على عمليات نقل الدم ونسب الوفاة: دراسية منهجية وتحليل تجميعي» في مجلة Vox sangunius، وهي مجلة يراجعها المختصون وتناقش مواضيع علم الدمويات وفيزيولوجيا الدم.

لخّص فريق الدكتورة زيللر الإثبات مستعينين بعدة دراسات بحثت في النتائج المترتبة عن نقل الدم من متبرعين متطابقي الجنس وآخرين غير متطابقي الجنس. واقترح هذا التحليل أن المرضى المتلقين للدم من الجنس الآخر ازدادت خطورة الوفاة لديهم مقارنةً بالآخرين. وما تزال هذه الدراسة تحتاج إلى مزيد من التقصي.

لاحظت الدكتورة زيللر أن النتائج لا بد أن تفسّر بحذر لأن مستوى الأدلة الناتج عن الدراسات غير كاف إلى حد ما، قائلةً: «على الرغم من نظر دراستنا في نتائج أكثر من 85 ألف مريض، فإننا وجدنا أن نقل الدم في حال عدم تطابق الجنس أصبح مسألة مهمة يجب أن تدرس بدقة».

نشرت كذلك الكاتبة كي جيه رولينغ تغريدةً تزعم فيها أن نقل الدم بين الجنسين يؤدي إلى تبعات سيئة تشمل الوفاة. وتعرضت الكاتبة إثر ذلك للعديد من الانتقادات من قبل العلماء والعاملين في القطاع الطبي.

فقد غردت رولينغ قائلةً: «اكتشفت مؤخرًا أن تلقي بعض المرضى للدم من الجنس المخالف أدى إلى مضاعفات عدة بما فيها الوفاة وعثرت على هذه الحقائق مصادفةً في أثناء إجرائي لبحث عن آخر كتبي البحثية».

رغم ذلك، لاحظ العلماء والإعلاميون العلميون وجود ثغرات تتعلق بأبحاث الورقة التي تشير إليها رولينغ وملخصها لنتائج الورقة البحثية وادعاءات النقاط الرئيسية غير المدعومة بالأدلة.

تشير الدراسة السابقة إلى أن: «نتائج الدراسة الحالية تتعارض مع دراسات أخرى أشارت إلى أن الإناث المتلقيات للدم من متبرعين ذكور ارتفع لديهن خطر الوفاة داخل المستشفى، والدراسات السابقة التي لا تجد أي علاقة بين جنس المتبرع ومضاعفات نقل الدم».

رغم صغر الدراسة فإنها ركزت على عمليات نقل الدم التي أُجريت على مرضى العناية المركزة التابعة لمركزين صحيين في هولندا.

إذ كتب فريق العلماء ردًا على رولينغ: «هناك محدودية وقصر واضحان في تلك الدراسة وهو التعميم، إذ يجب استبعاد العديد من المرضى الذين يتلقون الدم من كلا الجنسين لدراسة تأثير جنس المتبرع بالإضافة إلى أن الدراسة شملت تقارير مركزين فقط في هولندا، ومن المهم مستقبلًا إجراء دراسات مماثلة في العديد من المراكز الصحية وفي المزيد من البلدان للتأكد من النتائج».

وردًّا على الدراسة أيضًا كتب كل من الدكتور هنري وود في جامعة ليدز للطب واستشاري علم الدمويات في مستشفى الملكة إليزابيث في برمنغهام، والدكتورة سوزي مورتن: «الاستنتاجات التي توصل إليها الباحثون غير مدعومة بالأدلة الكافية ليؤخذ بها عند تقديم الرعاية للمرضى».

فقد لاحظا وجود عدد من الثغرات في الدراسة بدءًا من الاعتراف أن المرضى الذكور لديهم نسب وفاة أعلى في وحدة العناية المركزة، ورغم ذلك لم يُضمّن ذلك في النتائج، انتهاءً باختيار المتبرعات الإناث ليكن المجموعة المرجعية لتحقيقهم النتائج الأفضل والتي تخدم الدراسة.

ويضيفان: «اختيار المجموعة المرجعية وفقًا للنتائج هي طريقة غير منهجية على الإطلاق، ومن غير المستغرب العثور على ارتباط زوج واحد من أصل ستة أزواج مختلفة، وفي سياق قصور هذه الدراسة فإن نسبة الاحتمالات المذكورة مغلوطة، وهي 2.43% لزيادة نسبة الوفاة في وحدة العناية المركزة للذكور مقابل الإناث اللاتي تلقين دمًا من ذكور».

وأشارا إلى أن دراسات أكبر أجريت على 93 ألف مريض وما يقارب 968 ألف متلقٍ أظهرت عدم وجود أي علاقة للجنس على نقل الدم.

وقد أكدت ذلك دراسات أخرى أُجريت على ثلاث مجموعات كبيرة في الدول الاسكندنافية والولايات المتحدّة وشملت أكثر من مليون مريض. وقد اختار الأطباء الدمَ في تلك الدراسات لعدد من السمات والخصائص بما فيها تطابق فصيلة الدم.

قال مايك ستريدر مدير حملة تبرع بالدم عام 2019: «نحن ممتنون جدًا للنساء اللاتي تبرعن بالدم لينقذن حياة المرضى لكننا نحتاج إلى المزيد من الرجال لأن دماءهم تحمل خصائص مختلفة تجعلها مفضّلة في بعض المواقف إذ تستخدم مباشرةً».

ويوضح: «إن دم الذكور يحوي أجسامًا مضادة أقل من دم الإناث ما يجعله أكثر ملاءمةً لعمليات نقل الدم ولاستخراج الصفيحات الدموية لعلاج مرضى السرطان وكذلك لإيقاف النزف بعد الإصابات أو العمليات الجراحية، بينما في حالة المرأة الحامل فإنها تنتج أجسامًا مضادة جديدة استجابة لوجود دم الجنين، ما يصعب مطابقة الدم مع دم الملتقي».

ومع ذلك وجدت دراسة حديثة بحثت في أكثر من مليون عملية نقل دم عدم وجود أي تأثير للكريات الحمر لنساء بتاريخ حملي على وفيات المتلقين.

اقرأ أيضًا:

تفاعلات نقل الدم: الأعراض والمضاعفات والعلاج

الدم الفاسد؟ لماذا نقل الدم من النساء قد تكون مخاطرة للرجال؟

ترجمة: المايا محمد علي

تدقيق: جعفر الجزيري

مراجعة: لبنى حمزة

المصادر: 1 2