ينص قانون هابل على أنه كلما ابتعدنا عن شيء ما، كانت حركته أسرع. ويتضمن القانون ثابت هابل، الذي يُعرفه الفيزيائيون بأنه معدل تمدد الكون، ويمكن تشبيهه بمحرك من نوع ما يدفع الأشياء بعيدًا عن بعضها لمسافات شاسعة.

خريطة تظهر إشعاع الخلفية الكوني الدقيق، وهو بقايا من العمر المبكر للكون، ظلت موجودة آلاف السنين قبل أن تختفي. وقتذاك ربما كانت المادة المظلمة موجودة. يمكن تفسير أحد أعقد ألغاز الفيزياء، المعروف باسم توتر هابل ، باختفاء أحد أشكال المادة المظلمة منذ فترة طويلة. يشير توتر هابل إلى تناقضات متزايدة في علم الفيزياء، إذ من المعروف أن الكون يتوسع ويتمدد، لكن القياسات تعطي نتائج مختلفة لسرعة هذا التوسع

خريطة تظهر إشعاع الخلفية الكوني الدقيق، وهو بقايا من العمر المبكر للكون، ظلت موجودة آلاف السنين قبل أن تختفي. وقتذاك ربما كانت المادة المظلمة موجودة. يمكن تفسير أحد أعقد ألغاز الفيزياء، المعروف باسم توتر هابل ، باختفاء أحد أشكال المادة المظلمة منذ فترة طويلة. يشير توتر هابل إلى تناقضات متزايدة في علم الفيزياء، إذ من المعروف أن الكون يتوسع ويتمدد، لكن القياسات تعطي نتائج مختلفة لسرعة هذا التوسع

توجد طريقتان رئيسيتان لحساب ثابت هابل أو معدل تمدد الكون، تتمثل الأولى في دراسة النجوم والمجرات الممكن رصدها، ومن ثم قياس سرعة ابتعادها، أما الطريقة الثانية فهي بدراسة إشعاع خلفية الكون، أو الشفق الناجم عن الانفجار الكبير، الذي يملأ الكون بأكمله ويشير إلى معلومات أساسية حول توسعه.

مع التطور العلمي الكبير، أصبحت أدوات قياس معدل تمدد الكون أدق، لكن ما زالت نتائج القياسات مختلفة وتعطي نتائج غير متوافقة. قدم الباحثون تفسيرات مختلفة حول هذا التفاوت، التي تراوحت من مشاكل في عملية القياس نفسها إلى إمكانية العيش في فقاعة منخفضة الكثافة داخل الكون الأكبر.

حديثًا، اقترح فريق من علماء الفيزياء أن سبب هذا التناقض في قياسات معدل تمدد الكون قد يكون تحلل شكل قديم من المادة المظلمة من الوجود، إذ يغير ذلك الفقد كتلة الكون إلى كتلة أقل ومن ثم جاذبية أقل. وفقًا لتلك المعطيات، يصبح الكون أقل تماسكًا ويؤثر ذلك في سرعة تمدده، ما يؤدي إلى اختلاف نتائج القياس.

المادة المظلمة الدافئة

قال دان هوبر، الباحث في مختبر فيرمي للفيزياء الفلكية النظرية، المؤلف المشارك في الدراسة: «فكر الفيزيائيون منذ عقود في احتمالية أن تكون المادة المظلمة ساخنة وتدور حول الكون بسرعة قريبة من سرعة الضوء، لكن بحلول منتصف الثمانينيات أصبح الاعتقاد السائد أن المادة المظلمة -التي تشكل أكثر كتلة الكون- باردة بطيئة، وأُطلق عليها اسم (المادّة المظلمة الباردة)».

يضيف دان هوبر أن فكرة المادة المظلمة الدافئة، التي تُعَد وسطًا بين النماذج الساخنة والباردة، ما زالت تحظى ببعض القبول في عالم الفيزياء. ويتوقع العلماء أن المادة المظلمة مكونة من نيوترينوات خاملة، ما يجعلها مثل جزيئات شبحية نظرية، تتفاعل بالكاد مع المادة، وهي أدفأ من المادة المظلمة الباردة، لكنها ليست ساخنة.

نوع مفقود من المادة المظلمة قد يحل اللغز الفيزيائي الأكبر - إشعاع الخلفية الكوني - بقايا من العمر المبكر للكون - توتر هابل

الاحتمال الآخر هو أن المادة المظلمة أكثرها بارد، لكن قد يكون بعضها دافئًا. تشير الورقة البحثية إلى أن المكونات الدافئة ليست هي المكونات الموجودة حاليًا، بل المكونات التي نشأت في الكون المبكر، ثم بعد آلاف السنين بدأت تتحلل حتى اختفت تمامًا.

ربما شكلت كتلة الجزء المفقود من المادّة المظلمة قدرًا كبيرًا من الكتلة الإجمالية للكون عندما كانت موجودة، ما أدى إلى معدل تمدد مختلف عند تشكل إشعاع الخلفية الكوني بعد الانفجار العظيم مباشرةً. أما الآن، وبعد مليارات السنين، فإن كل النجوم والمجرات التي يمكننا قياسها تبتعد عنا بسرعات تحددها الكتلة الحالية للكون.

يقول هوبر: «عند حساب ثابت هابل بالطريقة المباشرة، فإنك تقيس سرعة تحرك الأجرام مبتعدةً عن بعضها، أي سرعة توسع الفضاء. أما حساب الثابت بترجمة بيانات إشعاع خلفية الكون إلى معدل توسع، فهو يتطلب استخدام نماذج مثل نموذج المادة المظلمة الباردة، أي أنك إذا حصلت على نتائج مختلفة في الطريقتين، فقد يكون نموذج المادّة المظلمة الباردة خاطئًا، إذ يعد العلماء أن الطريقة المباشرة هي الأدق، لأن قياسات الفضاء قريبة من الأرض بما يكفي لتسمح لعلماء الفلك بقياس سرعات الأجسام وبُعدها بدقة لا تحتاج إلى نماذج كونية لتفسيرها».

يعتقد بعض العلماء في وجود مشاكل في قياس الكون بالطريقة المباشرة (أي حساب سرعة ابتعاد المجرات والنجوم)، لكن أكثر محاولات التوصل إلى ثابت هابل تعتمد على تعديل الطريقة الثانية، أي تعديل نموذج المادة المظلمة الباردة بطريقة أو بأخرى.

الإشعاع المظلم

لم يتضمن اقتراح هوبر مبدئيًا وجود مادة مظلمة دافئة، بل وجود نوع آخر مفقود من المادّة المظلمة الباردة، لكن باختبار الفكرة تبين أن وجود مثل هذا النوع يُثقل بنية الكون بالكامل، فاستنتجوا أن الشكل المفقود من المادّة المظلمة يجب أن يكون دافئًا.

لا يحدد البحث الجسيمات التي تتكون منها المادة المظلمة، لكنه يرجح أنها تتكون من نيوترينوات خاملة. وأيًا كانت هذه الجسيمات، فلا بد أنها تحولت إلى شكل آخر ضعيف التفاعل إذ تتحلل.

لا يمكن أن تختفي المادة المظلمة فجأة، لكنها قد تتحول إلى شكل آخر، ووفقًا لتوزع الشكل الجديد يتغير معدل توسع الكون. بافتراض صحة ما سبق فنحن محاطون بشلالات من الإشعاع المظلم، حمّام من النيوترينوات يملأ الكون بأشكال خاملة من المادة. يضيف هوبر: «لا نملك حاليًا طرق لكشف هذا النوع من الإشعاع الخفي، لذلك تظل هذه الفكرة موضع نقاش».

اقرأ أيضًا:

اكتشاف مرشح جديد مميز لتمثيل المادة المظلمة

البحث عن المادة المظلمة في عمق الأرض

ترجمة: بيان علي عيزوقي

تدقيق: سلمى توفيق

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر