كما هو مُبين في الصورة، فإنَّ هذا هو قلبُ مجرتنا النابض.

لقد حصل تلسكوبٌ فائقٌ جديدٌ على أفضلِ رؤيةٍ حتى الآن لمركز درب التبانة، وتُظهر الصورة الناريّة بتفاصيل غير اعتياديةٍ المنطقة المحيطة بالثقب الأسود الهائل في قلب المجرة، وهو هدف يبعد 25000 سنة ضوئية.

ويُطلق على التلسكوب الذي قام بهذه المهمة اسم (التلسكوب الراديوي – MeerKAT)، ويتكون في الواقع من 64 طبقًا فرديًا، وتكتشف جميعها الموجات الراديوية، ولقد بُنيت في منطقة كارو شبه الصحراوية في جنوب أفريقيا، وهو أكثر أنواع التلسكوبات حساسيةً من هذا النوع.

تُمثل الألوان في الصورة المُلتقطة سطوع الموجات الراديوية التي التقطها التلسكوب، فهي تتراوح من اللون الأحمر للانبعاثات الباهتة، مرورًا باللون البرتقالي والأصفر وأخيرًا باللون الأبيض الذي يُعد من أقوى الانبعاثات.

وبينما تبدو الصورة فوضويةً ذات أشكالٍ دائريةٍ مكونة من النار إلّا أنّها تُظهر لنا ملامح لم يسبق لنا رؤيتها من قبل، مثل المصادر المُجمعة لتلك الخيوط الطويلة الممغنطة التي تأتي من المنطقة الوسطى، كما يوفر رؤيةً أوضح لبقايا المستعمرات النجمية العُظمى المعروفة سابقًا ومناطق تشكيل النجوم.

كما اكتُشفت الخيوط الطويلة والضيقة التي يمكن رؤيتها في الصورة لأول مرةٍ في ثمانينيات القرن العشرين، ولكنّ أصلها ظل غامضًا، حيث أنّها تُرى فقط بالقرب من الثقب الأسود المركزي لمجرتنا، لكنها لا تؤثر في أيّ مكان آخر من مجرة درب التبانة.

يقول فرهاد يوسف زادة من جامعة نورث وسترن في إيفانستون الواقعة في ولاية إلينوي، وهو خبير في هذه الخيوط: «هذه الصورة رائعة، فبإمكانها أن تُقدم المفتاح لكسر الأحجية وحل هذا اللغز الذي دام ثلاثة عقود».

من الصعب تصوير مركز مجرة درب التبانة، ليس لأنّه يبعد مسافة 25000 سنةٍ ضوئيةٍ، ولكن لأنّه يقع خلف كوكب برج القوس ويختبئ دائمًا خلف سحب الغاز والغبار، ما يجعله غير مرئي من الأرض باستخدام التلسكوبات البصرية.

ولكن يمكن أن تخترق هذا الغبار الأشعة تحت الحمراء والأشعة السينية وبعض الأطوال الموجية الراديوية، مثل تلك التي اكتشفها MeerKAT، ما يوفر رؤيةً فريدةً للمنطقة. موقع التلسكوب في جنوب أفريقيا مثالي أيضًا ما يبقيه مرئيًا لما يقارب 12 ساعةً كل يوم.

يقول فرناندو كاميلو Fernando Camilo وهو كبير علماء مرصد الفلك الراديوي في جنوب أفريقيا (SARAO)، الذي أنشأ الجهاز التلسكوبي MeerKAT ويقوم بإدارته أيضًا: «أردنا أن نُظهر القدرات العلمية لهذا الجهاز الجديد، إذ أنّ مركز المجرة يُعد هدفًا جذابًا، فهو متفرد ومليء بالمشاهد البصرية المدهشة كما أنه مليء بالظواهر غير المُفسرة، كما يُصعب تكوين صورته باستخدام التلسكوبات الراديوية، وعلى الرغم من أنها البدايات الخاصة بالتلسكوب MeerKAT وكان يحتاج الكثير من الضبط إلّا أننا قررنا أن نستهدف مركز المجرة، وقد ذُهلنا من النتائج».


  • ترجمة: مصطفى العدوي
  • تدقيق: رند عصام
  • تحرير: يمام اليوسف
  • المصدر