هل نظرت يومًا إلى سماء الليل وتساءلت عن مدى سطوع القمر ؟ ربما ظننت الإجابة في المتناول نظرًا لقرب القمر النسبي من الأرض واعتيادنا النظر إليه، لكنها ليست كذلك. عادةً ما ننظر إلى القمر من الأرض عبر الغلاف الجوي؛ ما يجعل دقة قياس كمية أشعة الشمس المنعكسة على سطح القمر-التي تُسمى عادةً الإشعاع الطيفي- لا تتعدى 70%، لكن لا ينبغي لنا القلق حيال ذلك الأمر؛ فالعلماء لديهم خطة تتضمن استعمال طائرة ناسا ذات الارتفاعات الشاهقة التي يصل أقصى ارتفاع لها إلى 21.3 كيلومترًا، ما يضعها على طبقة الستراتوسفير وفوق أكثر طبقات الغلاف الجوي سماكةً، طبقة التروبوسفير.

عند الوصول لتلك النقطة المميزة شاهقة العلو، فإننا سنتغلب على 95% من تأثير تداخل الغلاف الجوي، ما يعطينا صورًا أوضح للقمر؛ لذلك يطمح العلماء في ناسا وNIST وUGSG وجامعة جيولف في الحصول على صور للقمر ذات دقة تصل إلى %99 باستعمال تلك الطائرة.

بدأت المهمة المعروفة بمهمة «قياس الإشعاع الطيفي القمري المحمولة جوًا» (air-LUSI) في منتصف نوفمبر سلسلة من الرحلات على متن الطائرة الجديدة، ويطمح العلماء إلى حساب سطوع القمر عبر كل منازله، ما يقدم فائدة كبيرة لنا في معايرة الأقمار الاصطناعية في مدار الأرض، مثل أقمار الطقس والبيئة وكذلك في مراقبة كوكب الأرض وتتبع الظواهر البيئية، مثل الجفاف والمحاصيل ونمو الطحالب.

هل بإمكاننا أخيرا قياس سطوع القمر ؟! - كيف يتم قياس كمية أشعة الشمس المنعكسة على سطح القمر - ما هو مصدر ضوء القمر المنعكس عليه

تأخذ الأقمار الاصطناعية صورة من مصدر سطوعه معروف وتقارنها بصور أخرى مأخوذة سابقًا لنفس المصدر، إذا لم تتوافق الصورة الجديدة مع الصور القديمة تعرف المعدات على القمر الاصطناعي أن عليها إعادة معايرة الحساسات.

تُجَهز العديد من الأقمار الاصطناعية بما يسمى باللوح الشمسي الناشر الذي تنعكس من عليه أشعة الشمس بينما يُصوره القمر الاصطناعي لمعايرته وبهذا تكتمل المهمة، يبدو الأمر سهلًا أليس كذلك؟

كلا! وذلك لسببين:

الأول: مشكلة تدهور كفاءة الألواح الشمسية بمرور الوقت نتيجةً لإشعاعات الشمس القوية المسلطة عليها في الفضاء في غياب الغلاف الجوي.

الثاني: يعكس القمر أشعة الشمس بثبات أكبر، ما يجعل سطوعه شبيهًا بسطوع الأرض.

نظرًا لتلك المشاكل، يمكن أن يشكل القمر البديل المثالي مصدرًا للمعايرة، على الأقل نظريًا؛ فكل ما نحتاجه هو المواضع النسبية للأرض والقمر والقمر الاصطناعي وبهذا يمكننا حساب سطوع القمر-إذا كانت لدينا القياسات الدقيقة للطيف الإشعاعي أو كمية الطاقة لوحدة المساحة في نطاق ترددي ذي طول موجي منفصل-.

لذلك، أخذ العلماء قياساتٍ لضوء القمر بما في ذلك الضوء المرئي والطيف القريب من الأشعة تحت الحمراء الذي يتراوح طوله الموجي بين 380 و1000 نانومتر، في سلسلة من الرحلات على متن طائرة ناسا الجديدة، بهدف الحصول على سجل عالي الدقة لسطوع القمر.

استغرقت الرحلة عدة أيام متقاربة تمكن فيها الفريق من أخذ مجموعة صغيرة من اللقطات تختلف في سطوعها من نقطة لأخرى على حسب منزلة القمر وموضعه النسبي بالنسبة للشمس والأرض الذي يتبع الدورة الميتونية، نحتاج بالرغم من ذلك لبناء نموذج متماسك وموثوق لسطوع القمر إلى رحلات أكثر تستمر على مدار 3-5 سنوات.

ابتكر الفريق وسيلة لتحديد التداخل الحاصل بسبب الغلاف الجوي قبل بداية الرحلات الجوية ما مكنهم من تحييد تأثيره على القياسات، وهم ما زالوا يعملون على جمع البيانات في مرصد مونا لوا في هاواي.

ستساهم محصلة بيانات المرصد مع بيانات طائرة ناسا بالتأكيد في تحسين النموذج المستخدم في تلك التجربة وزيادة دقته لتصل إلى 99%.

اقرأ أيضًا:

لماذا يظهر القمر خلال النهار؟

الصين تكشف عن صورة جديدة حول المادة الغريبة التي وجدتها على القمر

ترجمة: أحمد جمال

تدقيق: سمية المهدي

المصدر