هل تبقيك ممارسة الجنس شابًا؟


ترتبط الحميمية الجنسية عند النساء بأعمار أطول، وتحسن عام في الصحة، وتأخر في الشيخوخة الخلوية، عن طريق زيادة التيلوميرات telomeres. يضيف هذا البحث نتائجه إلى مجموعة أخرى من الأبحاث حول أهمية الممارسة الجنسية المنتظمة للصحة الجسدية والعاطفية والعقلية.

نُشرت الدراسة على الشبكة في موقع Psychoneuroendocrinology. ووجد أن النساء اللائي مارسن الجنس على الأقل مرة واحدة أسبوعيًا، أظهرن أطوالًا أكبر في التيلوميرات، وهي النهايات الموجودة بالصبغيات، والتي تحمي الحمض النووي الريبوزي منزوع الأكسجين DNA، تقل نلك النهايات بتقدم العمر مؤدية للشيخوخة. المثير للدهشة أن تلك الزيادة في التيلوميرات لم ترتبط بمدى رضا النساء عن علاقاتهن أو الصراعات التي تحدث بينهن وبين شركائهن أو مدى التوتر في العلاقة، بل كان الارتباط فقط بمعدل ممارسة الجنس أسبوعيًا على الأقل، بغض النظر عن ظروف العلاقة الأخرى. قد يكون لتلك النتائج تطبيقات مهمة، حيث إن زيادة طول التيلومير مرتبط بزيادة العمر وتأخر الشيخوخة.

يقول الباحث قائد الدراسة، توماس كابيزا دي باكا Tomás Cabeza de Baca: «بالرغم من ذلك فإن حوادث الحياة الطبيعية، والضغوط النفسية والاجتماعية تساهم في تقليل طول التيلوميرات والإسراع من الشيخوخة. بمرور الوقت، قد تساهم تلك التيلوميرات القصيرة في حدوث الأمراض المزمنة والموت السابق لأوانه».

ما هو التيلومير؟

تبعًا للمعهد القومي للصحة في الولايات المتحدة الأمريكية NIH، فإن الحمض النووي DNA عبارة عن مجموعة من المواد الوراثية، والتي لا تحدد فقط مظهرنا الخارجي، بل تتحكم في جميع صفاتنا مثل درجة الذكاء والعُرضة لبعض الأمراض. يحتوي الإنسان في المتوسط على البلايين من الجينات، تلتف تلك الجينات حول نفسها مكونة تركيب يسمى الصبغي أو الكروموسوم chromosome. كما تحتوي الخلية على 23 زوج من الصبغيات. التيلوميرات هي نهايات تلك الصبغيات والتي تساعد في حماية هذا الحمض النووي والصبغيات من التدهور بمرور الوقت أثناء الانقسام الخلوي.

إن هذا التدهور في الصبغيات لا يمكن الفرار منه، إلّا أن التيلوميرات تساعد في إبقاء هذا التدهور عند الحد الأدنى له. تنقسم الخلايا بشكل مستمر خلال حياة الإنسان، وتستمر التيلوميرات في الصغر حتى تصل لنقطة ما تموت فيها تمامًا ويفقد الصبغي القدرة على الانقسام، ويكون خلايا جذعية جديدة. في تحليل لدم سيدة تسمى هندريكج فان أندل- شيبر Hendrikje van Andel-Schipper عاشت أكبر عمر ممكن عام 2004 وجد الباحثون أن التيلوميرات لديها قد نفدت تمامًا، مما يقترح أن جسدها قد فقد القدرة على إنتاج خلايا جديدة.

ماذا يعني ذلك؟

التيلوميرات لا تَقصُر فقط مع العمر، بل إن العادات الصحية الخاطئة مثل شرب الخمور بشكل فج، والأحداث الحياتية القاسية مثل الإساءة للأطفال قد تؤدي أيضًا إلى قِصر هذه التيلوميرات. وبالطبع فإن نمط الحياة الصحي وممارسة التمارين الرياضية باستمرار قد تطيل هذه المكونات الخلوية المهمة بالفعل.

كما يشرح الباحثون، فإن هذه الدراسة من نوع الدراسات الاستكشافيةstudy  observational مبنية على عدد 129 من النساء فقط لا تثبت بالقطع شيئًا، فقد تكون دلالتها أن النساء التي تمتلك أطول تيلوميرات تسعى للجنس أكثر من غيرهن وليس العكس. إلا أنها تثبت دون شك وجود علاقة بين ممارسة الجنس المنتظمة وعملية الشيخوخة.

يقول بيكا: «هناك الكثير من الآليات الفيسولوجية والنفسية التي قد تهيئ العلاقة بين الجنس والتيلوميرات. على سبيل المثال فقد اقترحنا أن الجنس يساعد في تقليل تأثير التوتر والاجهاد عن طريق تنظيم الاستجابة الجسدية والهرمونية له، وزيادة الاستجابة المناعية للأمراض. وبمرور الوقت تساهم هذه الأنماط بزيادة طول التيلوميرات».

يأمل الفريق البحثي في متابعة تلك النتائج وإجراء المزيد من الأبحاث لتحليلها، معترفين أن هناك الكثير من الاعتراضات عليها، مثل أنهم قد أجروا الدراسة على الأمهات اللائي حظين بعلاقات طويلة المدى فقط. ولكنهم يوصون على أي حال بممارسة الجنس بين الشركاء والأزواج بشكل منتظم لأنها بلا شك تؤدي إلى تحسن عام في الصحة النفسية والجسدية.


مواضيع ذات صلة:


  • ترجمة: محمد إيهاب
  • تدقيق: وائل مكرم
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر