تظهر دراسةٌ حديثةٌ قدرةَ صنفٍ من أدويةٍ تُستخدم حاليًا؛ لعلاج مرض السكري على خفض خطر تطوير مرض باركنسون، مقدمةً أملًا بطرقٍ جديدةٍ؛ للوقاية من هذا المرض وعلاجه.

لقد وجد باحثون علميون بتحليل أكثر من 100 مليون وصفةٍ طبيةٍ في النرويج، أن المرضى الذين استخدموا أدويةً من صنف (الغليتازونات – glitazones) واختصارها: (GTZs) قد انخفض خطر إصابتهم بمرض باركنسون، بنسبةٍ أكبر من الربع، علمًا أن الغليتازونات المعروفة أيضًا بـ (الثيازوليدينيديونات – thiazolidinediones) هي أدويةٌ تمت الموافقة عليها في الولايات المتحدة؛ لعلاج النمط الثاني من السكري، وهي تعمل على زيادة حساسية الجسم للأنسولين، وهو هرمونٌ ينظم مستويات سكر الدم.

وقد تحرت دراساتٌ سابقةٌ استخدام الغليتازونات في الوقاية من مرض باركنسون، إلا أنها أخرجت نتائج متعارضةٍ، فعلى سبيل المثال: حددت دراسةٌ منشورةٌ في دورية (PLOS Medicine) عام 2015م، إصابات أقل بمرض باركنسون لدى مرضى السكري المستخدمين للغليتازونات، بينما لم تجد دراسةٌ أخرى أي رابطٍ بين استخدام الغليتازونات، وخطر الإصابة بداء باركنسون.

ينوه (Charalampos Tzoulis) المؤلف المساعد للدراسة، من جامعة برغن في النرويج وزملاؤه، الذين نشروا نتائجهم حديثًا في دورية اضطرابات الحركة (Movement Disorders) إلى أنه: “اعتمادًا على الأدلة الحالية، لا يزال غير واضحٍ ما إن كانت الغليتازونات، تمتلك تأثيرًا حاميًا للأعصاب في مرض باركنسون”.

خفضت الغليتازونات من خطر مرض باركنسون.

لقد حلل الباحثون العلميون بهدف الحصول على معرفةٍ أكبر عن العلاقة بين استخدام الغليتازونات وخطر مرض باركنسون، البيانات في قاعدة بيانات الوصفات الطبية النرويجية، التي تضم معلومات عن كل الأدوية المصروفة في الصيدليات عبر النرويج، والمرضى الذين وُصفت لهم هذه الأدوية.

وراقب هؤلاءالباحثون العلاقة بين استخدام الغليتازونات والميتفورمين – دواء أساسي يوصف لحالات النمط الثاني من السكري- وتطور مرض باركنسون، وطيلة فترة عشر سنوات بين كانون الثاني (يناير) لعام 2005م، وكانون الأول (ديسمبر) عام 2014م، تمكن الفريق من تحديد 94349 مستخدمًا للميتفورمين، و8396 مستخدمًا للغليتازونات، ممن حققوا معايير الدراسة.

وقد أظهرت الدراسة أن المرضى المستخدمين للغليتازونات، كانوا أقل عرضةٍ لتطوير مرض باركنسون بنسبة 28% بالمقارنة مع مستخدمي الميتفورمين، وبالرغم من عدم قدرة الفريق على تفسير الآلية الدقيقة وراء نتائجهم، إلا أنهم يخمنون أن الغليتازونات قد تحسن وظيفة الميتوكوندريا (المتقدرات)، وهي عضلات تنتج الطاقة للخلايا ممكنةً إياها من أداء وظائفها.

وفي دراسةٍ سابقةٍ، وجد (Tzoulis) والفريق، أن مرضى باركنسون يتعرضون لتراجع في إنتاج الميتوكوندريا، فيشرحون أن ما تقوم به أدوية الغليتازونات ربما يكون تحسين هذه العلل، بتحفيز اصطناع المادة الوراثية في الميتوكوندريا (mtDNA)، والكتلة الكلية للميتوكوندريا، ومع ذلك، ينوه الباحثون إلى الحاجة لمزيدٍ من الدراسات؛ لتحري هذه الآلية الممكنة، يقول (Tzoulis): “إذا استطعنا فهم الآلية الكامنة وراء هذه الحماية من مرض باركنسون، فسنمتلك فرصةً لتطوير علاج جديد”.

خطوة تجاه حل لغز باركنسون.

ينوه الباحثون لعدد من القيود التي تحدد دراستهم، فمثلًا: لم يمتلك الفريق بيانات حول جرعات الغليتازونات والميتفورمين التي كان يتناولها كل مريض، فكانوا غير قادرين على تحديد علاقة الجرعة الاستجابة بين أدوية السكري وخطر مرض باركنسون، ويشير الباحثون إلى نقص المعلومات حول مرحلة السكري لكل مريض، ويقولون: “مع ذلك، بما أن مرض السكري لم يظهر أي تأثيرٍ أكيدٍ على خطر الإصابة بمرض باركنسون، نجد أنه من غير المرجح أن تؤثر مرحلة المعالجة على انحياز نتائجنا بشكلٍ مهمٍ”.

وباعتبار أن هذه الدراسة تضمنت مرضى مشخصين بالسكري وحسب، لا يمكن تعميم هذه النتائج على تعداد السكان ككل، ويعتقد الفريق أنها قد تؤدي لطرق وقاية من مرض باركنسون وعلاجه، علمًا أنه حالة تشخص لدى 60 ألف شخصٍ في الولايات المتحدة سنويًا، يقول (Charalampos Tzoulis) أخيرًا: “لقد قمنا باكتشافٍ مهمٍ يتقدم بنا خطوةً نحو حل لغز باركنسون”.


  • ترجمة: سارة وقاف.
  • تدقيق: رجاء العطاونة.
  • تحرير : رغدة عاصي
  • المصدر