الحياة ثمينة؛ من الصعب الحفاظ عليها وقصيرة بنحو مأساوي. أم أنها ليست كذلك؟

أكثر الملاحظات العلمية شيوعًا في أشكال الحياة البيولوجية قد يكون لها الكثير من الأمور المشتركة مع أنظمة الحاسوب؛ الأمر الذي يقودنا إلى تعريف جديد للحياة وفقًا لدراسة نُشِرت مؤخرًا في مجلة أصول الحياة وتطور الغلاف الحيوي (Origins of Life and Evolution of Biospheres).

ومع أن هذا قد يبدو خطوة غريبة، فإن الثورة التكنولوجية في مجالات الذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية والبنى التحتية المؤتمتة في الأعوام المقبلة قد تفلت ببساطة من قبضتنا دون تحول جوهري في النماذج الفكرية العلمية.

يمكن لتقنية البلوكتشين المقترنة بالذكاء الاصطناعي أن ترتقي إلى التعريفات الأساسية للحياة:

توجد بعض الأدلة التي تربط الترتيب المشهود في الأنظمة البيولوجية بذلك الخاص بالأنظمة الحاسوبية، وذلك وفقًا لكبير العلماء أوليغ أبراموف من معهد علوم الكواكب الممول جزئيًا من برنامج العوالم القابلة للسكن التابع لناسا. أبراموف هو أيضًا المؤلف الرئيس لهذه الدراسة الحديثة. وأوضح في تدوينة على الموقع الرسمي للمعهد: «إن الاتجاه الواعد للبحث المستقبلي يكمن في تطوير النظريات الرياضية التي تحسب كيفية ترتيب النظم البيولوجية نفسها».

ساهم المؤلفان المشاركان كريستين بيبل وستيفن موجسيس (والسابق ذكره مدير معهد أبحاث الأصول الذي أنشئ حديثًا في مركز أبحاث علم الفلك وعلوم الأرض في بودابست بالمجر) أيضًا في الورقة الأخيرة، التي أكدت على نهج متعدد التخصصات لفكرة تعريف الحياة.

وشمل ذلك النظرية والنمذجة والملاحظات، فقد تضمنت مبادئ التنظيم الذاتي والتطور عبر مجموعة واسعة من أشكال الحياة.

مكّن هذا المؤلفين من تقديم تعريف معدل للأنظمة البيولوجية بناءً على المبادئ الأولى، بدلًا من الإجماع المتساوق (الذي يمكن أن يكون بلا أساس، إذا تحدثنا منطقيًا).

يوضح أبراموف في منشوره على المدونة: «يقدم هذا العمل ملاحظات لآلة افتراضية موزعة على أساس بلوكتشين من نوع آلية التحقق من البيانات dVM تتكون من آلاف العقد، أي أجهزة الحواسيب التي تعمل بطريقة جماعية كجهاز كمبيوتر عالمي للأغراض العامة، ولا يمكن إيقاف تشغيله لأغراض عملية. تُظهر الملاحظات في هذه الدراسة أن مثل هذه dVMs لها خصائص مشتركة مع الأنظمة البيولوجية، فعلى سبيل المثال، تكشف ملاحظاتنا عن عدد من أوجه التشابه الوظيفية والهيكلية بين البلوكتشين والحمض الريبوزي منقوص الأكسجين (DNA) وهو جزيء ذاتي التكاثر يمثل المخطط الجيني البنائي لجميع أشكال الحياة المعروفة».

وأوضح أبراموف: «إن البلوكتشين بنية بياناتية ملحقة تتكون من وحدات فرعية تسمى الكتل، التي يجرى تكبيلها معًا دائمًا باستخدام تشفير متقدم. من الناحية العملية، هو وسيط غير قابل للتغيير يحتوي على تعليمات في شكل كود حاسوبي وينسخ عبر آلاف العقد كما في الحمض النووي في الخلايا. تقول الورقة أيضًا إن الأنظمة القائمة على البلوكتشين، مع أنها لا تعد بشكل عام شكلًا من أشكال الحياة، فإنها تظهر بعض خصائص الحياة التي تشمل: الاستجابة للبيئة، والنمو، والتغيير، والتنظيم الذاتي، والتكرار».

عبر تصور عمليات الاكتفاء الذاتي والتنظيم الذاتي لتشكيل كائن حي، عد الباحثون هذه التكنولوجيا بصفتها نظامًا مغلقًا تشغيليًا يمكن (على الأقل من الناحية النظرية) أن يلبي جميع تعريفات الحياة. ووفقًا للباحثين، فإن البلوكتشين ليست التكنولوجيا الوحيدة الشبيهة بالحياة.

الثورة الصناعية الرابعة قد تتطلب نموذجًا علميًا جديدًا:

يمكن للذكاء الاصطناعي (AI) المستند إلى الشبكات العصبية الاصطناعية (ANNs) أن يمكّن من إعادة التقييم الناشئة من تقنية الحوسبة المتطورة للغاية باعتبارها شكلًا من أشكال الحياة، راجع منشور المدونة.

قد تمتلك هذه الأنظمة العديد من المزايا المهمة على الحياة البيولوجية، مثل القدرة على نقل السمات بطريقة أكثر كفاءة إلى النسل، إضافةً إلى السرعة والدقة والتكرار المعززين للغاية للناقل الجيني. وخلافًا لحياتنا البشرية القائمة على عمر الكربون، تتمتع الأشكال التكنولوجية للحياة بعمر غير محدود (بافتراض أن الأرض لن تدمر بالكامل).

واختتم منشور المدونة من معهد علوم الكواكب قائلًا: «توفر أنظمة dVM العامة المستندة إلى البلوكتشين بيئة غير محتواة لتطوير الذكاء الاصطناعي العام، مع إمكانية توجيه تطورها ذاتيًا».

إذا ضُمت عناصر تشبه الحياة في البلوكتشين، والتي تشبه في وظيفتها الحمض النووي البشري، مع الذكاء الاصطناعي المستند إلى الشبكة العصبية الاصطناعية (التي تنسق العمليات كما في الدماغ)، فإن مؤلفي الدراسة يتوقعون إنشاء أنظمة معقدة جديدة تمامًا في المستقبل.

الأنظمة التي على المستوى الأساسي للمبادئ الأولى والنظام الذاتي التنظيم قد لا يمكن تمييزها عن الحياة البيولوجية التي ندرسها كل يوم. هذه دراسة خارجة عن المألوف للغاية، تلك التي تتجنب بعض المشكلات الفلسفية الجادة في تعريف الحياة والوعي عبر تغيير تعريف الأول في الغالب. ولكن مع تزايد تعرض الاقتصاد لسطوة العملات الرقمية وتحويل العديد من الصناعات إلى الأتمتة بطريقة متزايدة، فإن إعادة صياغة تقنيات الجيل التالي بنموذج علمي أوسع قد يساعد -على الأقل عمليًا- الجنس البشري على فهم ما تدور حوله الثورة الصناعية التالية فهمًا أفضل.

اقرأ أيضًا:

ما هي تقنية بلوكتشين Blockchain ؟

ما هي البلوكتشين (Blockchain)؟ وكيف ستستفيد الشركات منها؟

ترجمة: أحمد أبو شمالة

تدقيق: حسام التهامي

المصدر