شاع بين الناس لفترة طويلة أن للكافيين تأثيرًا مدرًا.

بالنسبة للبعض تُفهم هذه المعلومة كنصيحة لتجنب المشروبات الحاوية على الكافيين لدى الأشخاص المعرضين للتجفاف، أو خلال فترات حر الصيف الشديدة.

على الرغم من النية الحسنة لهذه النصيحة، ولكن هذه النصيحة خاطئة.

بالتعريف، المدر هو أي مادة تزيد إنتاج الجسم للبول.

وبذلك فإن الماء، أو أي مشروب يُستهلك بكمية كبيرة، يُعتبر مدرًا.

ومن المهم معرفته أن زيادة عدد مرات التبول لا تؤدي بالضرورة للتجفاف (الخسارة الكبيرة لماء الجسم)،فشرب السوائل يقوم بشكل متزامن بتأمين حاجة الجسم من المياه (منع التجفاف) كما يقوم بتحريض إنتاج الجسم للبول.

بالاعتماد على كمية البول التي يطرحها الجسم بعد تناول شراب ما، بإمكاننا أن نصف هذا الشراب بوصف أكثر دقة بأن نقول أنّ هذا الشراب ” مرطب ضعيف” في حال نتج عنه خسارة كبيرة في السوائل.

الكافيين مدر ضعيف، ويتطور تحمّل لتأثيره المدر بشكل سريع خلال أربعة أو خمسة أيام من التناول المنتظم له، ومن الملفت للنظر أن هذه المعلومة معروفة منذ حوالي مئة سنة!!

في عام 1928، أظهرت دراسة شملت ثلاثة أشخاص، أنه عندما لم يستهلك المشاركون الكافيين لمدة أكثر من شهرين، فإن جرعة بمقدار نصف ميليغرام لكل كيلو غرام من كتلة الجسم (الكمية الموجودة في نصف كوب قهوة)، قد سببت لهم زيادة ملحوظة في طرح البول.

لكن التناول المنتظم للكافيين (أربعة إلى خمسة أيام) خلق تحمل للتأثير المُدرّ، وبالتالي كان هناك حاجة لأكثر من ملغ لكل كيلوغرام من كتلة الجسم (كوب من القهوة) لتحري هذا التأثير.

وهذا يقترح بأن الاستهلاك المنتظم للمشروبات الحاوية على الكافيين، لن يقود إلى تجفاف مزمن.

ومع أن هذه الدراسة أبدت نقصًا واضحًا في حجم العينة المدروسة فإن دراسة أجريت منذ أكثر من عقد، باستخدام وسائل التحليل الإحصائي الحديثة أكدت صحة هذه النتائج.

شملت هذه الدراسة 59 من الأفراد الأصحاء، جرت مراقبتهم لمدة 11يوم، وقد كان التقصي مصممًا لتحديد إن كان شرب الكافيين ينتج عنه خسارة سوائل أو تجفاف.

في البدء، كان تناول المشاركين للكافيين ثابتًا، بمقدار 3 ملغ لكل كغ من وزن الجسم لستة أيام (ما يقارب كوبين إلى ثلاثة أكواب من القهوة يوميا)، بعد هذه الفترة تم تخفيض جرعة الكافيين إما إلى الصفر، أو لجرعة قليلة (كوب واحد يوميا)، أو معتدلة (كوبين يوميا)، ثم ّ راقب الباحثون المعايير الكثيرة للإماهة، مثل إنتاج البول ولونه.

تقريبا، لم يتأثر أي منها بالتناول المنتظم للكافيين.

في علم الإماهة، يحكم على تأثير أي مشروب في إماهة الجسم من خلال التوازن في حجم السوائل التي يحتفظ بها الجسم مقارنة مع الكمية المستهلكة من المشروب.

انطلاقا من هذا المبدأ تم إيجاد ما يسمى ب “مشعر إماهة المشروب” الذي يصف السعة الحابسة للماء لكل مشروب مقارنة مع قيم معيارية معتمدة على الماء الصرف.

مجددا، يظهر” مشعر الإماهة ” بأن مشروبات الكافيين شائعة الاستهلاك مثل القهوة، الشاي، والكولا….. تملك سعة بقاء سائل مشابهة للماء والمشروبات الرياضية التجارية.

من معايير القوة في مفهوم مشعر الإماهة هو أنه يشير إلى حقيقة أن كل المشروبات التي نتناولها تساهم في كمية السوائل الكلية في الجسم (على الرغم من أنه يصنف بعض هذه المشروبات على أنها أكثر فعالية في الإماهة من غيرها)، وبإقناع الناس بعدم شرب المشروبات التي يحبونها (فقط لأنها تحتوي كافيين)، فإننا نعرضهم لنقص الوارد الكلي من السوائل في حال عدم قيامهم بتعويض هذه المشروبات بمشروبات أخرى، و العلاقة بين نقص الإماهة وبين الحالة الصحية السيئة وخصوصا في المجموعات المعرضة للخطر هي علاقة مثبتة، فنقص الإماهة قد يسبب اضطرابًا في المزاج الوظيفة القلبية والدماغية كما اكتشف أنه يزيد سوء الإنذار بالنسبة للمرضى الكبار بالعمر في المشافي.

إذا، بالرغم من أن المشروبات الحاوية على الكافيين مثل الكولا وبعض مشروبات الطاقة، تملك مضاعفات على الصحة مثل مستويات السكر المرتفعة، لكن من ناحية تحسين توازن السوائل، لا حاجة للقلق من الكافيين.


ترجمة: رنيم جنيدي
تدقيق: آية تقلا
تحرير:عيسى هزيم
المصدر