تقرير جديد يطرح تساؤلًا: لماذا يبدو أطفال الجيل الحالي سيئين جدًا؟ ويجد التقرير أن المشكلة ليست بهم. شعور الأشخاص الأكبر سنًا حول الأجيال الأصغر منهم، يقول عنهم أنفسهم أكثر بكثير مما يقوله عن هذه الأجيال الأصغر. جميعنا سمع في نقطة ما من حياته أو تذمر من “أطفال الجيل الحالي”، وبقي هذا الاعتقاد شائعًا لآلاف السنين. وكما اتضح، من المرجح أن ذلك ليس خطأ الشباب ولم يكن كذلك من قبل.

تقترح مراجعة هامة لخمس دراسات أن هذه الفكرة الأزلية ليست أكثر من وهم نفسي راسخ -فكرة ماكرة حُفِرَت بعمق- لدرجة أن معظمنا غير واعٍ حتى لوجودها. وسُميَّت بأثر أطفال الجيل الحالي.

يقول الباحث النفسي جون بروتزكو John Protzko من جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا: «هناك خدعة نفسية أو عقلية تحدث وتُظهِر لكل جيل أن الأجيال اللاحقة في انحدار، حتى لو لم تكن كذلك. ولأن ذلك مبني في الطريقة التي تعمل بها أدمغتنا، يختبرها كل جيل مرارًا وتكرارًا» يبدو أن ذكرياتنا وآراءنا الأساسية عن أنفسنا تدعم هذا الاعتقاد.

بحث بروتزكو وزميله جوناثان شولر Jonathan Schooler اعتمادًا على استجابة 1824 بالغ أمريكي عما إذا كان احتمالًا أكبر أن يرى البالغون الأكثر صرامةً أولادهم غير محترمين.

هل تعتقد أن الجيل الحالي سيء؟ لا تلمهم - ما هي المشكلة في أطفال الجيل الحالي - لماذا دومًا تعتبر الأجيال السابقة نفسها أفضل من اللاحقة

اختبرت الدراسة الثانية إن كان الاحتمال أكبر في أن يرى البالغون الأذكى أطفالهم أقل ذكاءً. واختبرت دراستهم الثالثة التي أُجريَت على 1500 بالغ ما إن كان الأشخاص الذين يقرؤون جيدًا يعتبرون أطفال اليوم كارهين للقراءة.

في كل اختبار على حدة، كلما صنَّف المشاركون ميزاتهم الخاصة بمرتبة أعلى، زادت احتمالية تشويههم لتلك الميزات ذاتها في أطفال الجيل الحالي.

يشرح بروتزكو ذلك: «كلما زاد احترامك للسلطة كشخص بالغ، اعتقدت بشكل أكبر أن الأطفال لا يحترمون الأكبر سنًا، وكلما كنت أذكى، اعتقدت بشكل أكبر أن أطفال الجيل الحالي أغبى، وعندما يقرأ الناس جيدًا فإنهم يميلون للاعتقاد أن الأطفال حاليًا لا يحبون القراءة».

نظّم المؤلفون المزيد من الدراسات لمعرفة السبب الكامن وراء هذه الاعتقادات. كررت الأولى الدراسة الثالثة، لكنها تضمنت في نفس الوقت أسئلةً حول مدى استمتاع الناس بالقراءة ومدى استمتاعهم واستمتاع أصدقائهم بها في طفولتهم.

أظهرت النتائج أن المشاركين الذين يعتبرون أنفسهم قُرَّاءً جيدين يميلون للشعور بالعكس تمامًا حيال الآخرين حاليًا.

يشرح المؤلفون: «تدعم هذه النتائج حدس أن الأشخاص الذين يتميزون بموضوعية بصفة معينة أكثر ميلاً لوصف الآخرين -سواء كانوا شبابًا أو بالغين- بأنهم يفتقرون لهذه الصفة. في الوقت الذي يؤمن فيه الناس بالانحدار العام، يؤمنون أيضًا أن الأطفال بشكل خاص يفتقرون لهذه السمات التي يتفوقون هم بها».

يشير ذلك إلى أنه في حين لا يعتقد الأشخاص أن اهتمام كل جيل بالقراءة يقل بشكل ثابت، يبدو أنهم ينظرون إلى أطفال الجيل الحالي أنهم يفتقرون إلى هذا الاهتمام بشكل فريد أكثر من أي جيل قبلهم.

يناقش المؤلفون أن هذا الموقف نابع من كيفية تذكر الشخص بشكل خاطئ لطفولته. هؤلاء المشاركون الذين قالوا إنهم استمتعوا بالقراءة في شبابهم كان احتمال تذكرهم لاستمتاع أصدقائهم بالكتب أعلى، ومن المحتمل أنهم حرَّفوا مفهومهم الكامل عن الاستمتاع بالقراءة في ذلك الوقت.

أخذ بروتزكو وزميله شولر في الدراسة الخامسة عينة من 1500 مشاركًا وتلاعبوا في طريقة تقييمهم لمهارات القراءة الخاصة بهم. ثم اختبروا كيفية ترجمتهم لهذه الأفكار حول الجيل الحالي مرةً أخرى.

يشرح بروتزكو: «أخبرنا البعض أنهم يُصنًّفون من بين أعلى 33% من السكان أو من أدنى 33%، اتضح أن ذلك غيَّر من شعورهم حول منزلتهم بكونهم قُرَّاءً جيدين».

بعبارة أخرى، تمكن المؤلفون من خلال تغيير ذكريات الأشخاص حول ماضيهم من التخفيف من حدة موقفهم تجاه الجيل الحالي، على الأقل فيما يتعلق بالاستمتاع بالقراءة.

بالنظر إلى نتائج الدراسات الخمس، خلصوا جميعًا إلى أنه من المحتمل أن يكون “أثر أطفال الجيل الحالي” ميلًا بشريًا لا شعوريًا مغلفًا في ذكرياتنا الأساسية عن أنفسنا ونظائرنا.

يشرح بروتزكو: «إنها خدعة في الذاكرة، تأخذ ما أنت عليه حاليًا وتُسقطه على ذكرياتك، لذلك يبدو هذا الانحدار واضحًا جدًا بالنسبة لنا. لدينا القليل من الدلائل الموضوعية عن كيف كان الأطفال سابقًا، وبالتأكيد لا يوجد أي دليل شخصي موضوعي. كل ما لدينا لنعتمد عليه هو ذاكرتنا مع كل الانحياز الذي يأتي معها».

تقول ناتاشا رجا Natasha Rajah عالمة نفس في جامعة McGill التي لم تشترك في الدراسة: «الحقيقة أكثر تعقيدًا من ذلك. قُيِّمَت الميزات المُختارة في هذه الدراسة من قبل أشخاص أكبر سنًا بشكل عام- على عكس التكنولوجيا، التي يتفوق فيها الجيل الحالي. هل يعتبر ذلك تفكيرًا سلبيًا عن الأطفال حقًا، أم أنه مجرد مهارات تمتلكها فتحكم على الأشخاص الذين لا يمتلكونها بقسوة؟»

بغض النظر عن التاريخ الطويل والغني لـ “أطفال الجيل الحالي”، من الواضح أن عددًا قليلًا من الدراسات أُجري لمعرفة سبب وجود هذا الرأي. لذلك فإن النتائج الجديدة هي بداية مثيرة لمشاكل من المحتمل ألا تنتهي.

نُشرَت هذه الدراسة في Science Advances

اقرأ أيضًا:

عشرة أجهزة تقنية لا يعرف جيل اليوم استخدامها

كيف يسترجع الدماغ الذكريات ؟

ترجمة: راما الصوا

تدقيق: محمد شراباتي

المصدر