وفقًا لأبحاثٍ جديدةٍ فإنّ الثقوب السوداء الكبيرة تنمو بشكلٍ أسرعٍ من مجراتِها.

وجدت دراستان من مجموعتين منفصلتين من الباحثين أنّ ما يسمى الثقوب السوداء الهائلة هي أكبر مما قد يحسبه الفلكيون، الثقوب السوداء الهائلة هي آبار جاذبية ضخمة تقع في وسط المجرات الكبيرة.

لا داعي للقلق لأن الثقوب السوداء بشكلٍ عامٍ لم تعد تنمو، وهي غير قادرةٍ على التهام المجرات التي تحويها.

وفقًا لما ذكره جوانغ يانغ: «الثقب الأسود صغيرٌ مقارنةً بالمجرة بأكملها، لذلك نحن آمنون جدًا!» ، يانغ هو طالب دراساتٍ عليا بجامعة بنسلفانيا، قاد إحدى الدراسات الجديدة.

وجدت دراسة يانغ أنّ كلما كبرت المجرة كان الثقب الأسود أسرع نموًا بالمقارنة مع معدل ولادة نجوم المجرة، ووجدت الدراسة الأخرى أنّ كتل الثقوب السوداء الهائلة تساوي حوالي 10 أضعاف ما كان متوقعًا إذا نمت هذه الثقوب السوداء المركزية بنفس معدل نموّ المجرات التي تحويها.

المجرات والثقوب السوداء

يهتم علماء الفلك بالعلاقات بين الثقوب السوداء ومجراتهم لسببين رئيسيين، أولًا إذا كان من الممكن حساب حجم إحداهما على أساس الأخرى، فإنه يمكنهم تحديد كتلة ثقبٍ أسودٍ هائلٍ حتى لو لم يتمكنوا من قياسه بشكلٍ مباشرٍ.

ثانيًا، يمكن لأي علاقاتٍ ثابتة بين الإثنين أن تساعد في تفسير القوانين التي تحكم كيفية تشكل المجرات.

في الدراسة الأولى التي نُشرت هذا الشهر في النشرة الشهرية لمجلة الجمعية الفلكية الملكية، استخدم يانغ وزملاؤه بياناتٍ لأكثر من 30000 مجرة أُخذَت من مُجمَّع لمراصد فلكية ضخمة للمسح العميق (GOODS).

جمع المسح الفلكي ملاحظاتٍ من تلسكوب هابل الفضائيّ ومرصد شاندرا للأشعة السينية وتلسكوب سبيتزر الفضائي وأكثر من 500000 مجرة من مراصد تطور الكون (COSMOS) التي تستخدم كُلًا من التليسكوبات الفضائية والأرضية لاستكشاف الكون، وكانت المجرات تبعد بين 4.3 و 12.2 مليار سنة ضوئية عن الأرض.

ووجد فريق البحث أنّ كلما كانت المجرة أكبر كانت النسبة بين معدل نمو ثقبها الأسود ومعدل نمو نجومها أكبر.

المجرة التي تحتوي بداخلها على نجومٍ بكتلة 100 مليار كتلة الشمس -مقياس يعرف باسم كتلة الشمس ويُقصد هنا شمسنا- لديها نسبة 10 أضعاف مقارنةً بمجرة بداخلها 10 مليار نجمٍ من كتلة الشمس.

يقول يانغ لمجلة (Live Science): «تشير ورقتنا إلى أنّ المجرات الكبيرة يمكن أن تغذي ثقوبها السوداء بشكلٍ أكثر فعالية من المجرات الصغيرة، وهكذا فإنّ هذه المجرات الكبيرة تحصل في نهاية المطاف على ثقوب سوداء كبيرةً جدًا، ومع ذلك لا يزال هناك لغزٌ لم يحل وهو ما إذا كانت الثقوب السوداء يمكن أن تؤثر على بنية مجراتها في المقابل».

دراسة الأكبر

وجدت دراسةٌ ثانيةٌ أيضًا أنّه كلما كانت المجرة أكبر كلما كانت علاقتها مع ثقبها الأسود أكثر غرابةٍ.

وركز هذا البحث الذي يرأسه عالم الفيزياء الفلكية مار ميزكوا من معهد علوم الفضاء في برشلونة في إسبانيا، على 72 مجرة لا تبعد أكثر مِن حوالي 3.5 مليار سنة ضوئية عن الأرض، المجرات هي (ألمع المجرات العنقودية) وهو مصطلح يشير إلى أكبر وألمع المجرات في الكون المجاور.

وباستخدام بيانات الأشعة السينية وبيانات الموجات الراديوية من مرصد شاندرا للأشعة السينية ومجموعة مراصد أستراليا ومجموعة مراصد كارل جانسكي الكبيرة جدًا والمتباعدة بشكلٍ كبيرٍ.

قارن الباحثون كتل الثقوب السوداء الهائلة مع الاستنتاجات التي أجريت باستخدام الأساليب التقليدية التي افترضت أنّ الثقوب السوداء ومجراتها تنمو وتنكمش بنفس المعدل.

وبدلًا من اكتشاف أنّ الإثنين يكبران بنفس القدر، اكتشف فريق البحث بأنّ الثقوب السوداء كانت أكبر بعشرة أضعافٍ مما كان متوقعًا باستخدام الوسائل التقليدية.

في الواقع يوجد العديد مما تسمى بالثقوب السوداء فائقة الحجم تصل كتلتها ل 40 مليار مرة من كتلة الشمس وليس فقط ثقوب سوداء ضخمة بكتلة بضعة ملياراتٍ من كتلة الشمس.

وقال الباحثون أنّه لم يعرف أحد من قبل بأنّ ألمع المجرات العنقودية يمكن أن تستضيف هذه الثقوب السوداء الهائلة، فيمكن أن تكون الثقوب السوداء قد تشكلت بطريقتين، أحد الإحتمالات هو أنّ الثقب الأسود قد نما أولًا ونمت المجرة في وقتٍ لاحقٍ.

وهناك احتمالٌ آخر هو أنّ هذه الثقوب السوداء هي نتاج البذور التي تشكلت عندما كانت المجرات أصغر وأكثر إنتاجيةً في تشكيل النجوم، ومع ذلك فإنّ النتيجة النهائية هي أنّ الثقوب السوداء ومجراتها لا تنمو دائمًا بشكلٍ متطابقٍ.


  • ترجمة: حبيب بدران.
  • تدقيق: رَنْد عصام.
  • تحرير: رؤى درخباني.

المصدر