قد ازداد انتشار التوحد (عدد الحالات التي تُشخّص في أي عمر) بصورة كبيرة. ولكن، يختلف الانتشار عن حدوث المرض (عدد الحالات التي تولد ولديها توحّد)؛ إذ لا يوجد أي سبب للاعتقاد أن مقدار حدوث التوحّد قد ازداد. إن ازدياد انتشار الحالات أمرٌ حتمي؛ نظرًا إلى أن التعريف الكلاسيكي للتوحّد كان ضيقًا للغاية على الرغم من توسّع مداه.

هل يكون التوحد مشكلة دومًا؟ بعض الباحثين يثيرون جدلًا حول الموضوع

إن العامل المهم في ازدياد الحالات المُشخَصّة هو توسيع المعايير لتشمل حتى البالغين، ولنتمكن من تطبيقها على حالات شُخِصَت سابقًا بعجز التعلم فقط؛ والذي يعني وصولًا أقل إلى الدعم الخاص. على سبيل المثال، وجدت دراسة أن متوسط انتشار تعاطي أدوية التوحد بين الأطفال في الولايات المتحدة قد ازداد من 0.6 الى 3.1 لكل ألف شخصٍ من عام 1994 وحتى عام 2003؛ وقد فسّرت هذه الزيادة الانخفاض في معدل انتشار التخلف العقلي وصعوبات التعلم. لم يكن هذا العامل الوحيد الذي أدى إلى زيادة الانتشار، فالحالات التي لا تملك سوى أعراض خفيفة لم تُشخّص سريريًا على الإطلاق، ولكنها أُضيفَت حاليًا إلى فئة التوحد، ويبدو أن هذه الحالات هي السبب الرئيس الذي أدى إلى الزيادة في انتشاره منذ العام 2000.

إذن، ما هي الأرقام الآن؟

تُشير دراسة مستمرة حتى الآن في 14 دولة أوروبية إلى أن انتشار التوحد حاليًا هو ما بين 0.6 و1%. وقد تغيرت هذه النسبة في الولايات المتحدة لتصبح من 0.6 إلى 1.69% عام 2014، طبقًا لبيانات شبكة مراقبة التوحد والإعاقات التنموية للمركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، وأُعلِنَت هذه النتائج في مؤتمر الجمعية العالمية لبحوث التوحّد 2018.

ما هي اعراض اضطراب اسبيرجير ، وهل هو احد اطياف التوحد ؟

ذُكِر في هذا المؤتمر أن سبب معظم الزيادات الجديدة في الولايات المتحدة ازدياد تشخيص الأطفال الذين ينتمون إلى الطرف الخفيف من مدى التوحد. وصلوا إلى هذا الاستنتاج بعد قياس مقدار العجز الاجتماعي والذي يُعتبر سِمة مميزة للتوحد، ووجدوا في 12700 طفلًا يستخدمون (مقياس فاينلاند للسلوك التكيفي – Vineland Adaptive Behaviour Scales) أن عدد الأطفال الذين يعانون من عجز شديد بقي ثابتًا عام 2012 كما كان عام 2000، في حين أن عدد الأطفال الذين يعانون من عجز ضعيف أو متوسط قد ازداد.

يتكرر هذا الاستنتاج في دراسة سكانية سويدية؛ إذ بقي انتشار التوحد كما هو بالنسبة للحالات الشديدة أو المتوسطة، ولكنه ازداد عند أولئك الذين يعانون من أعراض أخفّ، والذين شُخِصوا بعد عمر دخول المدرسة. لذا؛ من الآمن استنتاج أن الزيادة الملحوظة في الانتشار (الحالات التي تُشخّص على أنها مصابة بالتوحد ) هي نتيجة لازدياد الوعي العام وللتغيّر في معايير التشخيص، وعلى وجه الخصوص تطبيقها على الحالات الأبسط لتفادي أي عجز يصيب دورهم في المجتمع.

فهل الممارسة التشخيصية اليوم أكثر شمولًا؟ هذا احتمال وارد، يختلف تشخيص الحالات بالتوحد بصورة كبيرة من شخص إلى آخر، فمن المُحتمل أن تختلط الظواهر الإدراكية العصبية معًا، لذا يجب التعرف على هذه الظواهر بصورة أفضل.

تدقيق مينا خلف

المصدر