قد لا يبدو السؤال للوهلة الأولى ذا معنى، ولكن قبل استباق الأحكام يجب أن نعلم :

  1. أُطلق الإنذار البرتقالي في شمال الصين بسبب تزايد تلوث الجو وتدني مسافة الرؤية إلى 200 متر، ومن الجدير بالذكر أن حالات الإنذار في مجال تلوث الجو في الصين تنقسم إلى أربعة ألوان وهي على التوالي الأزرق والأصفر والبرتقالي والأحمر، وصلت مستويات الضباب الناتج عن التلوث في الصين إلى 20 ضعفًا عن الحد الآمن الذي وضعته منظمة الصحة العالمية، إذ أُجبر الناس على أن يبقوا في بيوتهم وأوقفت أعمال الإنشاءات وأغلقت المصانع بانتظار السلطات أن تتصرف أو الضباب أن ينقشع.
  2. التلوث يقتل 4,000 شخصٍ يوميًا في الصين.
  3. بحسب ناسا: فإن إحدى مكونات الهواء الملوث هي جزيئات الكبريت العالقة والناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري الذي يشكل ثلثي احتياجات الصين من الطاقة، بالإضافة إلى ثاني أكسيد الكربون وحامض الكبريتيك الناتج عن امتزاج ثاني أكسيد الكبريت مع بخار الماء.

وربما قد يتساهل البعض لأن هذه الاحصائيات لا تشمل سوى الصين، لكن الصين تمثل حالة متطرفة من الكثافة السكانية التي يجب أن ينظر إليها وسوف تنعكس هذه الإحصاءات سلبًا على المستقبل الذي نرغب أنا وأنت بإحضار طفل إليه.

شهدت دول العالم خلال الأعوام (1950-1990م) تزايدًا سكانيًا سريعًا رافقه تدفق مستمر للسكان من الريف إلى المدن واكتظاظ السكان فيها، ويتوقع العلماء أن يكون لهذا التزايد السكاني آثاره الواضحة على الحياة الاجتماعية والاقتصادية في السنوات المقبلة، إذ سيزداد الطلب على المواد الغذائية والمياه بشكل خاص، وسوف يزيد هذا التزايد السكاني أو النمو السكاني من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بسبب استهلاك الموارد الطبيعية.

قد لا تبدو الكثافة السكانية لاعبًا رئيسيًا في الحد من التلوث، لكن دراسة في العام 2010م نظرت إلى التوزيع الديموغرافي ووجدت أنّ إبطاء النمو السكاني يمتلك المقدرة على التخلص من خُمس إلى رُبع انبعاثات الكربون التي يجب الحد منها في منتصف القرن الواحد والعشرين قبل أن نصل نقطة اللاعودة.

هنالك بالطبع طرق أخرى للحد من التلوث مثل قيادة سيارة هايبرد أو القيادة بشكل أقل معتمدين على الدراجات أو الترشيد من استهلاك الطاقة، أو الاعتماد على مصادر طاقة بديلة.

ولكن بالنسبة للشخص الأمريكي، فإنّ مجموع الأطنان من ثاني أوكسيد الكربون التي قد يوفرها شخص فعل كل ما ذُكر آنفًا وعاش 80 عامًا هي 488 طن، أما مجموع الأطنان الناتجة عن إنجاب طفلين بدلًا من ثلاثة أطفال -أي عدم إنجاب طفل ثالث- تساوي 9,441 طن.

لا ندعو هنا إلى عدم إنجاب الأطفال ولكن التحكم بالنمو السكاني هو خطوة إيجابية؛ لأن الوقود الأحفوري لا يزال يشكل مصدر طاقةٍ مهمًّا وعاملًا رئيسيًا في انبعاثات الغازات الملوثة.

وحتى نصل إلى حالة تعتمد فيها جميع دول العالم على مصادر الطاقة المتجددة فإنّ هندسة النمو السكاني تعد خطوة مهمة يجب التفكر بها مليًّا.