أظهرت دراسة جديدة أن النساء اللاتي يُشاركن في النشاط الجنسي كثيرًا وعلى فترات متقاربة أقل عرضةً لخطر حدوث انقطاع الطمث في مرحلة مبكرة من حياتهن، إذ إن النساء اللاتي شاركن في الأنشطة الجنسية أسبوعيًّا كُنّ أقل عرضةً لحدوث انقطاع الطمث بنسبة 28% مقارنةً بالنساء اللاتي شاركن بمعدل أقل، والنساء اللاتي شاركن في الأنشطة الجنسية شهريًّا كُنّ أقل عرضةً لحدوث انقطاع الطمث بنسبة 19% مقارنة بالنساء اللاتي شاركن بمعدل أقل.

تشير النتائج إلى وجود علاقة تبادلية أو ترابط، وهذا لا يعني بالضرورة وجود علاقة سببية، لذلك يجب ألا تشعر النساء بضغوط من أجل ممارسة المزيد من الأنشطة الجنسية بهدف تأخير انقطاع الطمث.

يُعرّف مؤلفو الدراسة النشاط الجنسي بأنه الجماع أو ممارسة الجنس الفموي أو مجرد التلامس أو التحفيز الجنسي الذاتي.

هل يؤخر النشاط الجنسي انقطاع الطمث عند النساء؟ - حدوث انقطاع الطمث في مرحلة مبكرة من حياتهن - الجماع أو ممارسة الجنس الفموي أو مجرد التلامس

ترى الدكتورة هيلينا هاردر Helena Harder، أستاذ الفلسفة في جامعة ساسكس- إنجلترا، أن العينة التي أُجريَ عليها الدراسة كبيرة ما يُضفي مصداقيةً على النتائج، لكنها تعتقد أن الأمر في حاجة إلى مزيد من البحث لفهم العلاقة بين العاملَين وتحديدها بدقة، وقالت: «توجد علاقة، لكن تظل الأسباب المحتملة لهذه العلاقة مجرد تكهنات». مشيرةً إلى أنه قد توجد أسباب أخرى سوى المذكورة في التقرير.

وأضافت الدكتورة جينيفر مارينو Jennifer Marino أن الدراسة شملت في أول متابعة النساء بعمر 42-52 عامًا، أي أنهن ما زلن ضمن نشاطهن الجنسي الطبيعي ولم يبلغن سن انقطاع الطمث بعد، ولم تشمل النساء اللاتي حدث لديهن انقطاع مبكر للطمث، الذي يحدث عادةً قبل سن الأربعين، وقالت: «حتى لو ثَبُت وجود علاقة سببية، فمن المرجح أن النساء سيُقررن معدل مشاركتهن في الأنشطة الجنسية بناءً على رغبتهن ورغبة شركائهن، بدلًا من محاولة تغيير توقيت حدوث انقطاع الطمث».

أُخذت البيانات والمعلومات الواردة في الدراسة من مقابلات أُجريت مع 2936 امرأة في دراسات SWAN الأمريكية Study of Women’s health Across the Nation، وكان متوسط عمر النساء 45 عامًا، وتضمنت المعلومات الأخرى للمشارِكات ما يلي:

  •  كان لدى كل امرأة طفلان في المتوسط.
  •  48% منهن كُنّ قوقازيات، تلقين تعليمًا جامعيًّا.
  •  78% منهن كُنّ متزوجات أو في علاقة.
  •  68% منهن كُنّ يعشن مع شركائهن.

عند المقابلة الأولى، لم تكن أي من المشاركات في سن انقطاع الطمث، لكن 46% منهن كُنّ في أوائل مرحلة انقطاع الطمث، التي أشارت إليها التغيّرات في الدورات الحيضية وحدوث هبّات ساخنة (أي أعراض انقطاع الطمث)، و54% منهن كُنّ في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، مع وجود دورات طمث منتظمة، دون أعراض انقطاع الطمث.

أجرى الباحثون مقابلات على مدى 10 سنوات، وفي هذه المدة حدث لدى 45% من المشاركات انقطاع طبيعي للطمث بعمر 52 في المتوسط، واهتم الباحثون أيضًا بجمع بعض المعلومات، مثل مستوى هرمون الإستروجين ومستوى التعليم ومؤشر كتلة الجسم BMI والعِرْق وعادات التدخين والسن عند حدوث الحيض لأول مرة والسن عند المقابلة الأولى والحالة الصحية العامة.

قالت الدكتورة ميغان أرنوت Megan Arnot، المؤلفة الأولى للدراسة: «تشير النتائج إلى أن المرأة إذا لم تمارس الجنس -أي لا توجد احتمالية للحمل-، فإن الجسم يختار عدم استمرار عملية الإباضة لأنها عديمة الجدوى، فالإباضة عملية مُستنزِفة لطاقة المرأة وتؤثر على المناعة، ومع الاقتراب من منتصف العمر يفاضل الجسم بين استمرار الإباضة واحتمالية حدوث الحمل، هنا يلعب النشاط الجنسي دورًا في الإشارة إلى احتمالية حدوث الحمل. وقد يكون الأمر مرتبطًا بهرمون الإستروجين لكننا لا نعرف المسار الدقيق لذلك».

ربما من العوامل المؤثرة أيضًا وجود مفاضلة حيوية بين استخدام الطاقة في عملية الإباضة واستخدامها في نشاط آخر، مثل رعاية الأحفاد، وهو ما يُعرف بفرضية الجدة grandmother hypothesis، أي أن الجسم يقرر وقف الخصوبة لاستثمار المزيد من الوقت مع العائلة، ويرتبط ذلك بفكرة موجودة في التراث الإنساني أن انقطاع الطمث تطور أصلًا لتقليل الصراع على النشاط التناسلي بين الأجيال المختلفة من الإناث.

أشارت الدكتورة هولي توماس Dr. Holly N. Thomas إلى أن المجتمع الطبي يعرف بالفعل أن النساء اللاتي يعانين ضعف الحالة الصحية لا يُمارسن الأنشطة الجنسية بكثرة غالبًا، ويميل انقطاع الطمث لديهن للحدوث في سن مبكرة. وأضافت: «النساء اللاتي يمارسن الجنس بتواتر مرتفع بهدف الاستمتاع، قد يعتبرن هذا الأمر بمثابة فائدة إضافية محتملة، أما من لا يمارسن الجنس كثيرًا فليس عليهن القلق حيال الأمر».

أيضًا يرتبط تأخر انقطاع الطمث بعدم التدخين ووجود مستوى متقدم من التعليم، وهي عوامل يمكن أخذها بعين الاعتبار للمساعدة على تأخير انقطاع الطمث.

قالت الدكتورة شيريل كينغزبيرغ Sheryl A. Kingsberg، اختصاصية الطب السلوكي في قسم التوليد والنساء بمستشفى كليفلاند الجامعي: «أظهرت الأدلة أن النشاط الجنسي الصحي مهم للصحة العامة ومن أجل تحسين نوعية الحياة، ومع ذلك ليس مطلوبًا من النساء اللاتي بدأن مرحلة انقطاع الطمث بالفعل أو اللاتي يعانين اضطرابات تناسلية أخرى أن يعتقدن بأن كثرة ممارسة الجنس يمكنها أن تُحافظ على خصوبتهن».

وأخيرًا، هل يجب تكثيف الحياة الجنسية لتأخير حدوث انقطاع الطمث؟
تجيب الدكتورة أرنوت: «لا يجب على النساء التفكير في ممارسة الجنس كثيرًا بهدف تأخير انقطاع الطمث، توجد علاقة بين الأمرين ولكننا في حاجة إلى المزيد من البحث للكشف عن وجود علاقة سببية دقيقة بينهما».

وترى الدكتورة ستيفاني فوبيون Dr. Stephanie S. Faubion، المديرة الطبية لجمعية انقطاع الطمث في أمريكا الشمالية، أن الحياة الجنسية الصحية تُعد أمرًا جيدًا، وإجراء التغييرات من أجل تحسينها قد يفيد صحتنا العامة ونوعية حياتنا، ولكن ذلك لا يضمن تأخير انقطاع الطمث!

اقرأ أيضًا:

كيف يؤثر انقطاع الطمث المبكر على قلب المرأة

غزارة الطمث (نزيف حيضي غزير): الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: يوسف الجنيدي

تدقيق: علي قاسم

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر