هل يرفع السكر معدل النشاط لدى الاطفال؟


هل تناول الطفل للحلوى كغزل البنات أو ألواح الشوكولا ستؤدي لزيادة نشاطه؟

little-girl-lollipop

يقسم الكثير من الآباء أن إجابة السؤال هي نعم بكل تأكيد، لكن في الحقيقة تُظهر الدراسات خطأ هذه الإجابة.

حيث يؤكد الطبيب مارك ويلرش (Mark Wolraich) رئيس قسم طب الأطفال التنموي والسلوكي بمركز العلوم الصحية في جامعة أوكلاهوما، والذي قدم بحثًا حول تأثير السكر على الأطفال في التسعينيات:
“نعم لا يبدو أنَّ السكر يؤثر على سلوك الأطفال”.

ويضيف: “في الحقيقة، يبدو أنَّ توقعات الآباء المسبقة لما يعرف ب ” مرتفعات السكر sugar highs” تؤثر بشكل كبير على الطريقة التي يحللون بها سلوكيات أبنائهم. وبالطبع يوجد سبب وراء ربط الآباء بين الأمرين، حيث تُعد السكريات عامل جذب رئيسي للأطفال في حفلات أعياد الميلاد والهالوين والمناسبات الأخرى التي يتواجد فيها الأطفال بكثرة ويميلون للحركة بنشاط. لكن كل هذه الطاقة تنبع من حماسة الطفل، وليس لوجود السكر في أجهزته الحيوية. أي أنه، إذا صدق الوالدان فكرة أن السكر يؤثر على سلوك أطفالهم، فإن أفكارهم تتعزز برؤية سلوك الطفل النشط في هذه الظروف المواتية”.

يحدث سوء الفهم نتيجة لفكرة مغلوطة عن أن ارتفاع مستوى السكر في الدم يؤدي دومًا إلى فرط نشاط. في الحقيقة، من المعروف أن الشخص الذي ينخفض لديه مستوى السكر في الدم ما يُعرف بال hypoglycemia ترتفع طاقته ونشاطه بعد تناول مشروب سكري، لكن الأمر يختلف تمامًا بالحديث عن شخص يتناول سكريات بينما مستوى السكر في دمه طبيعي.

فبحسب ويلرش: ” عادة ما يقوم الجسم بتنظيم استخدام السكر المتناول، فإذا كان محتاجًا إليه سيتم استخدامه لإنتاج الطاقة، أما إذا لم يحتجه سيتم تحويله لدهون مخزنة.”
أي بكل بساطة، إذا تناولت كعكه محلاة بينما مستوى السكر في دمك طبيعي، سيتحول السكر الزائد عن حاجة جسمك إلى دهون مخزنة.

مرتفعات السكر؟

الكثير من هذه المعلومات هي حصيلة أبحاث أجراها ويلرش وباحثون آخرون في حقبة التسعينات.
على سبيل المثال، وجد الباحثون أن الأمهات اللواتي تم إقناعهن أن أطفالهن قد تناولوا السكر وصفن نشاط أطفالهن بالمفرط، رغم عدم تناول الأطفال لأي سكريات في الواقع. ذلك طبقًا لدراسة أُجريت عام 1994 ونُشِرَت نتائجها في جريدة علم نفس الطفل غريب الأطوار the Journal of Abnormal Child Psychology. حيث تم إعطاء خمسة وثلاثين طفل تتراوح أعمارهم بين ال 5 و7 مشروبًا يحتوي على مُحلَى صناعي من الأحماض الأمينية غير سكري يُدعَى الأسبرتام aspartame كبديل للسكر، جرت الدراسة على إخبار نصف عدد الأمهات المتواجدات فقط عن تناول أطفالهن للسكر.

عندما سأل الباحثون الأمهات عن سلوك أبنائهم، وصفت الأمهات اللاتي كنَّ على علم مسبق بتناول أبنائهن للسكر نشاط الطفل بأنه مفرط، بل والأكثر من ذلك، لاحظ الباحثون عند تسجيل التفاعل بين الأمهات وأطفالهن أن مجموعة الأمهات اللواتي اعتقدن أن أطفالهن قد تناولوا سكريات كانوا أقرب لأبنائهم وأكثر حذرًا وانتقادًا، كما نظروا وتحدثوا إليهم أكثر من مجموعة الأمهات الأخريات.

“تأثير العقار الوهمي placebo effect كان قويًا للغاية،” كما صرَّح ويلرش الذي لم يشارك في هذه الدراسة موضحًا النتائج.

على الرغم من ذلك، تمت هذه الدراسة وغيرها اعتمادًا على استهلاك السكر في مناسبة واحدة. لذا، قرر ويلرش ورفقائه دراسة التأثير على المدى الطويل في دراسة أخرى تمت على مدى تسعة أسابيع. على الرغم من ذلك، فشلوا في التوصل لرابط بين السكر وفرط النشاط، على حد قوله.

ففي الدراسة التي تمت عام 1994 و نُشِرَت في جريدة the New England Journal of Medicine ، قام الباحثون بفحص الأطفال الذين حسب آباءهم أصابتهم بنوع من الحساسية تجاه السكر. على كل حال، فحص العلماء 25 طفل في سن ما قبل المدرسة بأعمار تتراوح بين الثالثة والخامسة، و23 طفلًا آخرًا من طلاب المدارس أعمارهم تتراوح بين السادسة والعاشرة، اتبعت كل أسرة حمية غذائية لمدة ثلاثة اسابيع. أحد الحميات كان غني بسكر السكروز، الآخر غني بالاسبرتام، أما الأخيرة كانت غنية بمحلى عديم السعرات الحرارية هو السكارين.

كانت الدراسة بطريقة ال double-blind ما يعني أن كلًا من الأسر أو العلماء كان يجهل نوع الحمية الغذائية التي يخضع لها الطفل.

طبقًا للاختبارات الحيوية والسلوكية، بالإضافة للتقارير الواردة من الآباء والمعلمين والباحثين القائمين على الدراسة، لم يظهر فرق واضح بين أي من الحميات الثلاث، ما يشير إلى أن السكر لم يؤثر على ذكاء الأطفال أو سلوكهم، كما كتب الباحثون في الدراسة.

علاوة على ذلك، نشر ويلرش وزملائه ورقة بحثية عام 1995 بجريدة JAMA والتي تضمنت 16 دراسة حول مصطلح (مرتفعات السكر)، أشار الملخص إلى عدم تأثير السكر على أي من السلوك أو الأداء الحيوي للأطفال.

في الواقع، فإن الإحصائيين القائمين على الورقة البحثية عام 1995، الورقة التي جمع فيها الباحثون جميع النتائج التي أظهرتها الدراسات حتى آنذاك، قالوا بأنهم لم يروا مثل هذا العدد من النتائج السلبية، ما يعني فشل السكر المستمر في إثبات ما يُعرف بمصطلح مرتفعات السكر على حد قول ويلرش.


إعداد: رحمة قريش
تدقيق: منار نعمة
المصدر