وجد العلماء طريقةً لتحسين الإبداع من خلال تحفيز الدماغ، وذلك تبعًا لما قاله باحثون علميون من جامعة الملكة ماري في لندن (QMUL)، وجامعة غولدسميث في لندن.

وقد حصلوا على هذه النتيجة من خلال التثبيط المؤقت لجزءٍ أساسي في الدماغ الأمامي يدعى القشرة أمام الجبهية الظهرانية الوحشية اليسرى- left Dorsolateral Prefrontal Cortex) DLPFC)، والتي تشارك في معظم عمليتي التفكير والمحاكمة المنطقية.

وتُظهر النتائج المنشورة في دورية (التقارير العلمية- Scientific Reports) أن المشاركين الذين خضعوا لهذا المداخلة قد أظهروا قدرة معزّزة على “توسيع نطاق تفكيرهم”.

«نحن نحل المشاكل بتطبيق قوانين نتعلمها من الخبرة، وتلعب (DLPFC) دورًا رئيسيًا في جعل هذه العملية أوتوماتيكية» هكذا علقت د.كارولين دي بيرناردي لافت (Dr Caroline Di Bernardi Luft)، المؤلف الرئيسي من جامعة الملكة ماري في لندن للعلوم البيولوجية والكيميائية، والتي أدارت البحث أثناء عملها المسبق في جامعة غولدسميث في لندن، مع د.مايكل بانيسي (Dr Michael Banissy) والبروفيسور جويديب بهاتاشاريا (Professor Joydeep Bhattacharya).

وأضافت د.لافت: «إنها تعمل بشكل جيد معظم الوقت، ولكنها تفشل بشكل مذهل عندما نواجه مشاكل جديدة تتطلب أسلوبًا جديدًا في التفكير؛ أي أن تجاربنا السابقة يمكنها حقًا أن تعيق إبداعنا، ولكسر هذا الجمود العقلي، نحتاج لأن نخفف من صرامة قواعدنا المكتسبة».

واستخدم الباحثون العلميون تقنية تسمى التحفيز بالتيار المباشر عبر القحف- transcranial direct current stimulation (tDCS)، والتي تضمّنت تمرير تيار كهربائي ضعيف متواصل من خلال أقطاب كهربائية مغمورة في محلول ملحي، وموضوعة فوق فروة الرأس لتنظيم استثارة الـ(DLPFC)، واعتمادًا على وُجهة جريان التيار الكهربائي، إما أن تُثبّط الـ(DLPFC) أو أن تتفعّل بشكل مؤقت.

وتضمن التيارات المنخفضة جدًا عدم التسبب بأي ضرر أو شعور غير مريح.

وقد اختُبرت القدرة الإبداعية لستين مشاركًا على حل المشاكل قبل تلقي المُداخلات التالية وبعدها: كبح الـ(DLPFC)، تنشيط الـ(DLPFC)، وعدم تحفيز الـ(DLPFC).

وحلّ المشاركون “ألغازًا بأعواد الكبريت”، والتي كان البعض منها صعبًا، واختيرت هذه الألغاز لأنه لحلّها يحتاج المشاركون لإرخاء قواعد الحساب والجبر التي تعلموها.

فكان المشاركون الذين ثبّط التحفيز الكهربائي الـ(DLPFC) لديهم بشكلٍ مؤقتٍ أكثرَ قابليةً على حلّ الألغاز الصعبة من أولئك الذين نُشّطت الـ(DLPFC) لديهم أو لم تُحرّض من الأساس.

ويوضّح ذلك أن كبح الـ(DLPFC) لمدة قصيرة قد يساعد على كسر التوقعات المكتسبة من التجارب، وتوسيع نطاق التفكير.

ولكن لاحظ الباحثون أن المشاركين الذين ثُبّطت لديهم الـ(DLPFC) بشكل مؤقت كانوا أسوأ في حلّ المشاكل التي تعتمد بشكل أكبر على توظيف الذاكرة؛ كالحاجة لتذكر العديد من الأشياء في نفس الوقت، إذ تتطلب هذه المشاكل أن يجرب المشاركون عددًا من الحركات المختلفة حتى الوصول إلى الحل، مما يعني أن عليهم الاستمرار في العمليات الذهنية.

علّقت د.لافت: «تعد هذه النتائج مهمةً لأنها تظهر احتمال تحسين الوظائف العقلية المتعلقة بالإبداع باستخدام وسائل محفزة للدماغ وغير مؤذية»، وأضافت: «لكن نتائجنا تقترح أيضًا أن التطبيقات المحتملة لهذه التقنية سيتوجب عليها أن تأخذ بالاعتبار التأثيرات الإدراكية المستهدفة بشكل أكثر تفصيلًا، عوضًا عن افتراض أن التحفيز بالتيار المباشر عبر القحف (tDCS) يستطيع أن يحسن الإدراك، مثلما تدّعي بعض الشركات التي بدأت ببيع أجهزة (tDCS) للاستعمال المنزلي».

«أعتقد أننا لسنا بعدُ في موقعٍ يسمح لنا بارتداء قبعة كهربائية وتحريض أدمغتنا أملًا في زيادة قدراتنا الإدراكية».


  • ترجمة: سارة وقاف
  • تدقيق: جعفر الجزيري
  • تحرير: طارق الشعر
  • المصدر