إنّه لكابوس بيولوجيّ أن يحدث هذا الانتقال بين الأنواع…
لطالما كان السرطان أمرًا مخيفًا ولا سيّما إذا انتقل من شخصٍ لآخر بشكل مشابه لما تفعله الفيروسات، إلا أنّ فكرة انتقاله من نوع لآخر هي الأكثر رعبًا، وبشكل مؤسف فقد أثبت العلماء مؤخّرًا صحة وجود هذا الانتقال. حيث اكتشف فريق بحث من المركز الطبّيّ لجامعة كولومبيا Columbia University Medical Centre سرطانًا لا يقتصر على كونه معديًا فقط، بل وينتقل من نوع لآخر أيضًا وبشكل واسع.
ومع أنّ العلماء قد اكتشفوا سابقًا سرطانات لدى الحيوانات، إلا أنّ انتقالها قد اقتصر على حيوانات النّوع الواحد، ولم يسبق لها أن انتقلت لنوع آخر أبدًا مما يجعل انتقال السرطان الحديث لنوع مختلف حادثة غريبة من نوعها، إضافة إلى أنّ هذا الانتقال قد ساهم في زيادة تعداد السّرطانات المعدية أيضًا.
ويوجد حاليًّا نوعان من السّرطانات المعدية، الأوّل منها قد ظهر لدى Tasmanian Devils والثاني لدى الكلاب. ووفقًا لدراسة حديثة، فقد تبيّن وجود خمسة أنماط إضافيّة أصابت أربعة أنواع من الرّخويّات وما يقربها. أمّا بالنّسبة للسّرطان حديث الاكتشاف، فقد انتشر بين أنواع مختلفة من المحار ذي الصّدفتين Bivalves.

ولكن، كيف انتبه العلماء لذلك؟
عُثر قرب كندا على حيوان بلح البحر Mussels متأثرًا بذلك السرطان المشابه لابيضاض الدّم والذي يعاني منه صدفٌ يُعرَف باسم الكوكل Cockles إلى جانب محار السّجّاد الذهبيّ Golden Carpet Shell في ساحل إسبانيا. هذا وقد وجد قائد البحث ستيفن جوف Stephen Goff وفريقه أدلة تثبت أنّ السّرطان السّابق يعتبر مسؤولًا عن إصابة الأنواع المختلفة التي تعيش في المستعمرات تحت الماء.
وتشير المراسلة سارة كابلان Sarah Kaplan في موقع واشنطن بوست إلى أنّ الخلايا السّرطانيّة المكتشفة لا تملك نفس الحمض النّوويّ الموجود لدى مضيفها، غير أنّ كلَّ كائنٍ من كائنات بلح البحر قد قُتل بالخلايا السّرطانيّة نفسها التي انتقلت من نوعٍ لآخر.
ووفقًا لنتائج التّحاليل الوراثيّة الخاصّة بالسّرطانات، فقد ثبُتَ أنّها نشأت من مصادر خارجيّة وليس من المضيف نفسه.

إذًا كيف يحدث ذلك؟
يعتقد الباحثون أنّ الرّخويّات المريضة قد تطلق خلايا سرطانيّة حينما تموت ، ولن يستغرق الأمر مدّة طويلة ريثما يصاب محار آخر بهذه الخلايا ويصبح مضيفها الجديد. كما وتقلّ كفاءة الأجهزة المناعيّة الخاصّة بكلّ من المحار والكوكل وبلح البحر عندما تصاب بهذه الخلايا السّرطانيّة وتضعف قدرتها على درء العدوى.

ومع أنّ فكرة انتقال السّرطانات من نوعٍ لآخر تعتبر كابوسًا مخيفًا، إلا أنّها لا تنتقل بين الأنواع البعيدة جدًّا عن بعضها، ومن حسن الحظ أنّها تحتاج لأنواع ترتبط فيما بينها ارتباطًا وثيقًا كي تنتقل فيما بينها، ممّا يجعلنا نحن البشر آمنين منها هذه المرّة.

ترجمة: ولاء سليمان
تدقيق: ميس كرّوم
المصدر