يحكم الكون أربع قوى أساسية، هي الجاذبية والكهرومغناطيسية والقوة النووية القوية والقوة النووية الضعيفة، تلك هي القوى الأربع الأهم في الكون، لكن ربما يوجد المزيد. عام 2015، اكتشف فريق من المجر بقيادة الفيزيائي أتيلا كرازنوركاي أدلة جديدة تفيد بوجود قوة أساسية خامسة في الكون، قوة لم تكن معروفة سابقًا.

القوى الأربع الأساسية غير قابلة للاختزال، ما يعني أنه لا يمكن تقسيمها إلى قوى أخرى أساسية. هذه الظواهر الرئيسية وراء كل نوع آخر معروف من التفاعلات الفيزيائية، مثلًا تُشتق قوى فيزيائية مثل الاحتكاك والتوتر والمرونة من الكهرومغناطيسية.

ماذا يعني ذلك؟ الكهرومغناطيسية هي القوة التي تؤثر في جميع الجسيمات المشحونة إيجابيًا أو سلبيًا، إذ تتجاذب الأجسام ذات الشحنات المعاكسة، في حين تتنافر الأجسام التي تحمل شحنات متشابهة.

ذلك يؤدي ليس إلى ثبات المغناطيس على ثلاجتك فحسب، بل هو أيضًا السبب الذي يجعل الأجسام الصلبة تحتفظ بأشكالها.

بمقارنة قوة الجاذبية مع الكهرومغناطيسية، فإن الجاذبية ضعيفة نوعًا ما، بل إن من الغريب أن نعرف أنها الأضعف بين القوى الأساسية الأخرى.

تربط القوى النووية القوية النوى الذرية ببعضها، رغم بروتوناتها موجبة الشحنة التي تحاول التنافر باستمرار.

القوة النووية الضعيفة، وتُعرف أيضًا بـ «التفاعل الضعيف»، عبر تحويل الجسيمات، هي ما يجعل عملية التأريخ الإشعاعي ممكنة، وهي عملية يستخدمها العلماء لتحديد أعمار الحفائر.

هل تعلم أن القوة النووية الضعيفة هي مصدر طاقة الشمس؟

لدى العلماء نظرية رائعة تصف ثلاث من تلك القوى، فيما يُعرف باسم النموذج المعياري لفيزياء الجسيمات دون الذرية، وهو مكون من قياسات وصيغ رياضية مختلفة، إذ يقسم الجسيمات الأولية إلى فئات وفئات فرعية.

يقول ريتشارد ميلنر، الفيزيائي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «النموذج المعياري لفيزياء الجسيمات دون الذرية هو الإطار الحالي لوصف العالم دون الذري في أشكال مختلفة من الطاقة. إذ طُور بعد الحرب العالمية الثانية، وقد مُنحت نحو 18 جائزة نوبل في الفيزياء منذ عام 1950 للمساهمة في تطويره».

مثل جميع النظريات الجيدة، توقع النموذج المعياري بدقة العديد من الاكتشافات العلمية، ومنها اكتشاف جسيم بوزون هيغز في يوليو 2012.

مع ذلك فالنموذج المعياري لا يجيب عن كل الأسئلة. إذ لا يفسر الجاذبية، ولا يقرِّبنا من فهم المادة المظلمة، وهي مُكون غامض يشكل نحو 27% من كوننا.

البحث عن الجسيم «إكس 17»

هنا يأتي كرازنوركاي وفريقه، في تجربة أُجريت عام 2015 في معهد الأبحاث النووية التابع للأكاديمية المجرية للعلوم، إذ شاهدوا ذرات بيريليوم-8 تتحلل داخل مسرع الجسيمات. عادةً ما تطلق هذه العملية الضوء، الذي يُحول لاحقًا إلى إلكترونات وبوزيترونات (جسيمات ذرية موجبة الشحنة).

وقد حدث ذلك فعلًا، لكن بعد ذلك أصبحت الأمور مثيرة للاهتمام. عادةً ما يتحلل البريليوم -8 بطريقة يمكن توقعها مسبقًا، لكن عددًا كبيرًا بصورة غريبة من هذه الإلكترونات والبوزيترونات تنافرت بزاوية 140 درجة.

لتفسير ذلك، ناقش الفريق افتراض أن جسيمًا لم يُشاهد سابقًا قد تشكل مع تحلل الذرات. وبحساب النتائج، قد يكون لهذا الجسيم الافتراضي دون الذري كتلة تبلغ نحو 17 مليون إلكترون فولت، فأطلقوا عليه اسم الجسيم «إكس 17».

تصدر الجسيم «إكس 17» الأخبار مجددًا. إذ اكتشف الفريق ذاته حالة شاذة في جسيمات متحللة من الهليوم 4. أطلق ذلك فائضًا غير متوقع من البوزيترونات والإلكترونات. ربما بسبب تكوين جسيم «إكس 17» آخر.

إذا كان هذا الجسيم الغامض موجودًا فعلًا، فقد يكون شيئًا مميزًا، ربما بوزون ناقل جديد.

البوزونات هي جزيئات تدور، ربما تفتقر إلى البنية الداخلية لكنها تحمل قوى، ما يجعلها جزءًا من النموذج المعياري.

يشرح ميلنر أنه بموجب النموذج القياسي، توجد القوى نتيجة تبادل البوزونات «الحاملة» بين الجسيمات دون الذرية الأخرى.

يُقال إن كل من القوى الأساسية الأربعة لها بوزون خاص بها. البوزون الذي ينقل الجاذبية غير معروف، لكن البوزونات الحاملة المرتبطة بالقوى النووية القوية والضعيفة والكهرومغناطيسية معروفة.

من المفترض أن الجسيم «إكس 17» سيكون البوزون الحامل لقوة أساسية خامسة لم نعرفها من قبل، ربما تكون تلك القوة مرتبطة بالمادة المظلمة.

حتى الاَن، لا يوجد دليل قاطع على وجود الجسيم «إكس 17». لم تعثر المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية على أثر للجسيم، ولا تزال الورقة البحثية الجديدة تنتظر مراجعة علماء آخرين.

يجب أن يجري باحثون مستقلون تجارب لإثبات وجود الجسيم «إكس 17»، ومحاولة تكرار التجربة المجرية.

وضع ميلنر وزملاؤه اقتراحًا لمحاولة توليد الجسيم «إكس 17» عبر «تجربة التشتت»، في منشأة مسرع توماس جيفرسون الوطنية في نيويورك.

حتى الآن، لا يأخذ النموذج المعياري في الحسبان أي قوى أساسية جديدة. لذا إذا كان الجسيم «إكس 17» والقوة الخامسة التي يحملها حقيقية، فسنضطر إلى تعديل النموذج المعياري الحالي. من الواضح أن العالم دون الذري لا يزال مليئًا بالأسرار.

اقرأ أيضًا:

جسيم غامض قد يكشف عن القوة الخامسة في الطبيعة.. والخبراء يتشككون

ما هي الجسيمات الأولية ؟

ترجمة: أنور عبد العزيز الأديب

تدقيق: تسبيح علي

المصدر