عند استخدامك سماعات الرأس التي تعمل بتقنية البلوتوث، فإن رأسك يتصل مباشرةً بجهازك، ومن الأفضل ألا تستخدمها إذا كنت مهتمًا في التقليل من تعرضك للإشعاع الكهرومغناطيسي.

منذ بداية الألفية الثانية أصبحت طريقة الاتصال بين الأجهزة الإلكترونية تعتمد على الأمواج الكهرومغناطيسية التي تنتشر في الجو دون الحاجة إلى وجود أسلاك للتوصيل بينها، تسمى هذه التقنية التوصيل اللا سلكي، وقد انتشرت هذه التقنية رغم الحديث عن المخاوف الصحية المتعلقة بها في الفترة الأخيرة.

لغز التقنية اللا سلكية والإشعاع الكهرومغناطيسي

في زمن الإنترنت الذي نعيشه لا يمكننا التخلي عن الهواتف الذكية التي تعمل أساسًا على شبكات الاتصالات الخليوية إضافةً إلى تقنيتين لا سلكيتين: الاتصال اللا سلكي والبلوتوث.

هل يقلل إيقاف الاتصال اللا سلكي والبلوتوث من التعرض للإشعاع الكهرومغناطيسي - التقليل من تعرضك للإشعاع الكهرومغناطيسي - الأمواج الكهرومغناطيسية

هل من الأفضل تجنب استخدام الاتصال اللا سلكي والبلوتوث؟ وهل يؤدي إيقاف تشغيل هاتين التقنيتين إلى التخفيف الملحوظ من التعرض للإشعاع وتقليل المخاطر على الصحة؟

قد يبدو من الحكمة عدم استخدام تقنيتي الاتصال اللا سلكي والبلوتوث، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة لعلوم الاتصالات اللا سلكية وتقنياتها.

إن هاتين التقنيتين إضافةً إلى شبكة الاتصالات الخليوية -التي نستخدمها بإدخال بطاقة SIM في الهاتف المحمول- تستخدم إشارات التردد الراديوية التي تعد جزءًا من الطيف الكهرومغناطيسي، ويعتمد مقدار التعرض للإشعاع الكهرومغناطيسي على قوة الإشارة والمسافة بين الجهاز والجسم وطريقة الاتصال المستخدمة.

الشكل غير المؤيّن من الإشعاع

عليك مراعاة أن إشارات التردد اللا سلكي التي يعمل عليها الاتصال اللا سلكي والبلوتوث لا تملك طاقةً كافيةً للتأثير في حمضك النووي أو تغييره، إذ يعد تغيير الحمض النووي للفرد أمرًا سيئًا يؤدي إلى أمراض تهدد الحياة.

الطيف الكهرومغناطيسي ذو الخصائص المؤينة (الترددات والأطوال الموجية)

الطيف الكهرومغناطيسي ذو الخصائص المؤينة (الترددات والأطوال الموجية)

أشارت بعض الدراسات إلى أن الإشعاع غير المؤين يمتلك تأثيرات قابلةً للقياس على مستوى الخلايا والأنسجة، لكن خطورتها ما زالت محل نقاش كبير.

لاحظت إحدى هذه الدراسات التي أجرتها المعاهد الوطنية للصحة في إطار البرنامج الوطني لعلم السموم وجود تأثير مسرطن محتمل لموجات الراديو في الفئران، إذ أُجريت دراسة على بضع مئات من الجرذان والفئران بتعريضها لإشعاع التردد اللا سلكي بضع ساعات، ووجدوا أن 6% من الفئران الذكور التي تعرضت للإشعاع أُصيبت بالسرطان، ومن المثير للاهتمام أن إناث الفئران لم تصب بالسرطان أبدًا.

في حين أن البحث لم يكن حاسمًا لكنه لمح إلى وجود علاقة قوية بين السرطان والتعرض لموجات الراديو.

كلها موجات راديوية!

تعتمد جميع طرق الاتصال اللا سلكية: شبكات الاتصالات الخليوية والاتصالات اللا سلكية والبلوتوث، على الموجات الراديوية (الموجات الكهرومغناطيسية)، مع ذلك فإننا لا نفارق هواتفنا المحمولة مع استمرارها بإرسال الموجات الراديوية واستقبالها وتحديدًا تغطية الشبكة الخليوية التي تعد المصدر الرئيسي لهذا الإشعاع (ما لم تضع الجهاز في وضع الطيران)، لا يعني هذا أن تقنيتي الاتصال اللا سلكي والبلوتوث لا تضيفان المزيد من الإشعاع، ولكن مساهمتهما قليلة، نظرًا إلى ضعف قوة إشارتهما مقارنةً بالإشارات الخليوية.

ما يزال ضعف الإشارة موضوعًا للنقاش، مع الأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل أخرى مثل قوة الإشارة وبُعد الجهاز عن الجسم.

قانون التربيع العكسي في الأمواج الراديوية

تخضع الأمواج الراديوية لقانون التربيع العكسي مع المسافة، أي أن التعرض للإشعاع يتناقص كثيرًا كلما زادت المسافة بين الجهاز والجسم، فمثلًا إذا ضاعفت المسافة فإنه سيقل التعرض للإشعاع بمقدار أربع مرات.

إن أكبر قدر من التعرض للإشعاع هو عندما تتحدث عبر الهاتف مباشرةً، حيث يكون هاتفك قريبًا جدًا من جمجمتك وعقلك، لذلك يشكل التحدث عبر الهاتف خطر إشعاع أكبر من مجرد إبقاء الهاتف في جيبك.

وبالمثل عند استخدامك سماعات رأس البلوتوث وتشغيلها للاستماع إلى الموسيقى فإن رأسك يتصل مباشرةً بجهازك، وإذا كان تقليل التعرض للإشعاع الكهرومغناطيسي هو مصدر قلقك الأساسي فمن الأفضل ألا تستخدم سماعة رأس تعمل بتقنية البلوتوث. بإمكانك إجراء مكالمات الفيديو بدلًا من المكالمات الهاتفية باستخدام سماعات الأذن السلكية.

وضع الهاتف على الرأس خلال المكالمة الهاتفية يزيد من التعرض للإشعاع الكهرومغناطيسي

وضع الهاتف على الرأس خلال المكالمة الهاتفية يزيد من التعرض للإشعاع الكهرومغناطيسي

حديثًا عالج المختصون المخاوف المتعلقة بالبلوتوث، ولكن ماذا عن استخدام الاتصال اللا سلكي؟

من الأفضل استخدام الاتصال اللا سلكي بدلًا من استخدام بيانات الهاتف المحمول، إذ تبلغ الطاقة التي تحملها إشارات الاتصال اللا سلكي المنبعثة من الموجّهات (الراوتر) نحو 4 واط، وهي أقل بكثير من الطاقة التي تحملها الموجات الراديوية المنبعثة من أبراج الاتصالات التي تبلغ تقريبًا 50 واط.

ومع ذلك، تذكر أن امتصاص هذه الموجات يعتمد إلى حد كبير على المسافة، أي كلما اقتربت من برج خلوي أو جهاز توجيه (راوتر)، زادت كثافة الإشعاع.

معدل الامتصاص النوعي: معيار جيد

يعد معدل الامتصاص النوعي معيارًا مهمًا يعبر عن مقدار امتصاص الأجسام للإشعاع المرتبط بالأجهزة اللا سلكية، فمثلًا قيمة هذا المعدل لإشارة الاتصال اللا سلكي على بعد نصف متر من الموجه أقل من 0.01 واط لكل كيلوغرام واحد، بينما قيمة معدل الامتصاص النوعي للهواتف الذكية مثل جهاز آيفون برو 12 تبلغ 0.99 واطًا لكل كيلو غرام.

هل يساعد إيقاف تشغيل الاتصال اللا سلكي والبلوتوث على تقليل التعرض للإشعاع بفعالية؟ إن الإجابة ليست بهذه البساطة.

مثلًا إذا أوقفت تشغيل هاتين التقنيتين وتابعت استخدام الشبكة الخليوية للمكالمات وإرسال البيانات ستظل معرضًا لكميات كبيرة من الإشعاع، لكن استخدام أجهزة البلوتوث مثل سماعات الرأس يعرضك للخطر بهذا الاتصال المباشر.

أخيرًا عندما يتعلق الأمر بالاختيار بين استخدام بيانات الهاتف المحمول والاتصال اللا سلكي، فمن الأفضل اختيار الاتصال اللا سلكي، لأن قيمة معدل امتصاصها النوعي أقل بكثير إضافةً إلى أنها ستوفر استهلاك البطارية، وهو أمر جيد دائمًا.

اقرأ أيضًا:

ما هي الموجات الكهرومغناطيسية؟ كيف تعمل وما هو مبدأها؟

ما هي الموجات الكهرومغناطيسية؟ كيف تعمل وما هو مبدأها؟

ترجمة: سلام محمد حسن

تدقيق: راما الهريسي

المصدر