نتذكّر مُذ كنّا أطفالًا تلك الأحاديث التي تُروى عن القوى السحرية التي يمتلكها القطار وسكّته الحديدية، عندما كان يقول البعض أن القطار بإمكانه تحويل قطعةٍ نقديّة موضوعة على السكّة إلى مغناطيس! ورغم أن هذه المعلومة خاطئة كليًّا، كانت فكرة بريئة وصحيّة نسبيًّا.

وبالرغم من ذلك، كان هناك قولٌ شعبيٌّ مأثور آخر، بأن وجود قطعة نقديّة على سكّة القطار من شأنها أن تُخرجه عن مساره مُسببًا دمارًا هائلًا! الآن بعد أن كبُرنا، حان الوقت لاستكشاف حقيقة هذا القول.

الحقائق:

في الأساس هناك اعتقاد شائع بأن قطعةً نقديّة صغيرة لا يتجاوز وزنها الغرامات القليلة بإمكانها تعطيل القطار بأكمله والذي يزن 200 طن، ولكن إذا ما قُمنا بعمليّة تحويلٍ للواحدات من الـطن إلى الغرام، سنرى بأن الناتج رقم هائل، وبالتالي سيبدو التفكير بالأمر صبيانيًّا -أن تؤثر قطعةٌ صغيرةٌ على قطار عالي السرعة- ولكن مع ذلك، بما أننا مهتمّون في هذا المسألة دعونا نلقي نظرةً على الاحتمالات.

إن الخروج عن المسار يمكن أن يحدث للقطارات، وقد حدثَ فعلًا إثر أسباب عدّة؛ قد تكون لمشاكل فنيّة، كعيوب في السكّة الحديدية من شقوق وثغرات، أو بسبب أخطاء بشريّة، فالذي يحدث هو أن القاطرة أثناء تحرّكها على سكة متحرّكة يؤدّي لوقوع حادث وأحيانًا كارثة، ويمكن أيضًا أن تسبب العوائق على مسارات السكك حدوث انحرافات وخروج عن المسار، وأحد أبرز الحوادث ناتجةٌ عن عرقلة مسار القطار بالثلوج، وأفرع الأشجار المتساقطة و المركبات.

حالة الكتلة وكميّة الحركة (The Case of Mass and Momentum):

بقدرِ ما هي معنيّةٌ في الأمر؛ ليست القطعة النقديّة كبيرةً بما فيه الكفاية لتسبب انقلاب القطار عن السكّة، فإن هذه الشهادة تستند على الكتلة وكميّة الحركة، ويبدأ معه مبدأ انحفاظ كميّة الحركة (Conservation of Momentum)، الذي ينصُّ على أنه: «إذا تصادم جسمان لهما نفس الكتلة فإن كمية الحركة الكليّة لا تتغير قبل أو بعد الاصطدام».

في هذه الحالة كان الجسمان المتصادمان هما القطار والقطعة المعدنيّة، وكما رأينا فإن القطار يزن آلاف الكيلوغرامات بينما تزن القطعة النقدية بضعَ غرامات، وأيضًا فإن القطار ذا الوزن الأثقل يتحرّك بسرعة عالية في حين أن القطعة النقدية ثابتة في مكانها، لذلك فإن كميّة الحركة للقطار أكبر بكثير من القطعة النقديّة.

وإن القطعة النقديّة خفيفة جدًا لتنقل كميّة حركة على القطار من تلقاء نفسها، على الأقل ليس بمكان قريب بما فيه الكفاية ليُحدث تغييرًا في مسار القطار.

إذًا مالذي يحدث فعلًا؟

كما قد تتوقّع، فإن القطعة المعدنيّة لن تكون ذات فائدة بعد أن يمرّ القطار فوقها، لا بل ستكون محظوظًا إن استطعت فصل القطعة المعدنيّة عن السكّة، لأنها غالبًا ستكون عالقةً ومسطّحةً على السكّة، وفي حالات أخرى قد لا تُرى القطعة أبدًا، فقد تكون عالقةً على العجلات وذهبت بعيدًا معها.

وبالرغم من ذلك، فإن الناس يؤمنون بالمحاولة والتجريب، وسوف نناقش فكرة أنك تقوم بهذه التجربة الخاصة.

سيكون هناك العديد من الحوادث المؤسفة إذا ما وضع أحد الأشخاص قطعة معدنية على السكة، فقد يتعرّض للإصابة أو الموت، لذا من الأفضل أن تكون واقفًا على مسافة آمنة ولا تقترب من السكّة لمجرد محاولتك دحض هذه الأسطورة القديمة، لأن النتيجة لن تتغيّر.

أما فرصة بقائك على قيد الحياة فستتغيّر بالتأكيد!