في خطوةٍ جديدةٍ نحو فهمنا للمرض، قد تكون حلقة الوصل بين تراكم البروتين وتلف الأعصاب هي السبب وراء فشل العديد من التجارب العلاجية لمرض ألزهايمر.

يُعد مرض ألزهايمر مرضًا انتكاسيًّا عصبيًا مزمنًا، يحدث نتيجة الفقدان التدريجي للوظائف العصبية في الدماغ، ما يؤدي إلى الإصابة بـ (الخرف – dementia) نتيجة لفشل التواصل بين الأعصاب.

تشير أصابع الاتهام إلى تراكم اثنين من البروتينات بصورةٍ غير طبيعيةٍ، أحدهما بروتين بيتا أميلويد والآخر بروتين تاو، ويُعتقد حاليًا أنّ تراكم بيتا أميلويد بصورةٍ كبيرةٍ يسبب تدمير خلايا المخ، بينما يُسبب تشابك بروتينات تاو إلى إلحاق الضرر بخلايا المخ.

الأسباب التي تؤدي إلى هذه التراكمات ما زالت موضع نقاشٍ بين العلماء، لكن كما هو الحال في معظم الحالات العصبية، فمن المرجح أنّ البيئة والجينات تلعب دورًا في ذلك.

يلعب بيتا أميلويد أيضًا دورًا في زيادة نشاط بروتين يُدعى (DKK1)، وبزيادة نشاطه يقوم بزيادة الضرر، إذ يزعزع هذا البروتين التوازن الموجود بين نوعين من مسارات (إشارات الخلايا – cell signaling) – وهي أحد أنظمة التواصل بين الخلايا عن طريق تبادل الإشارات وأي خطأ في هذه النظام يمكن أن يؤدي إلى أمراض خطيرة مثل السرطان والسكري – ويجبر الخلايا العصبية على تكسير مناطق التشابك العصبي – أي نقاط الاتصالات بين الأعصاب – ما يؤدي إلى تدميرها.

تناقش الأبحاث الحديثة هذه التفاصيل الدقيقة لهذا النموذج، بالإضافة إلى محاولة جعل بيتا أميلويد هدفًا للعلاجات وغالبًا ما يكون الاختبار المبدئي مشجعًا، لكنّ الأمور سرعان ما تتعقد بعد ذلك.

قد تساعد الوصلة بين بيتا أميلويد والضرر الذي تحدثه في تفسير السبب وراء مقاومة المرض للعلاجات الكيميائية، فقد تمكن الباحثون في هذه الدراسة من تعديل مسار الإشارات المسؤولة عن هذه العملية في القوارض، ما يُتيح توفير فرصٍ جديدةٍ أمام العقاقير المانعة لتلف الخلايا.

تقول كريستينا إيليوت من King’s College في لندن، وهي المسؤولة عن هذه الدراسة: «هذه خطوة هامة في فهمنا للمرض، كما أنّها تسلط الضوء على ضرورة العلاج المبكر، ويقوم عملنا على محاولة اكتشاف العلاقة بين بيتا أميلويد وفقدان التشابك العصبي في المراحل المبكرة من ألزهايمر».

ويضيف أحد المشاركين في الدراسة ريتشارد كيليك: «هناك حلقة ما يزداد عندها إنتاج بيتا أميلويد بصورةٍ غير طبيعيةٍ، وعند هذه اللحظة تخرج الأمور عن السيطرة وتصبح العقاقير التي تستهدف بروتين الأميلويد لا فائدة منها، وهذا ما يفسر سبب فشل العديد من العلاجات السابقة».

هذا يعني أنّه عندما يبدأ البروتين في التراكم، تبدأ سلسلة من التأثيرات التي تُجبر الخلايا العصبية على انتزاع نقاط التشابك العصبي، الأمر الذي بدوره يؤدي إلى إنتاج المزيد من بيتا أميلويد، وهكذا يدخل في حلقةٍ مفرغةٍ لا نهاية لها حتى تخرج الأمور عن السيطرة.

لذلك فإنّ تحديد العوامل المسؤولة عن هذه الدورة التدميرية سوف يساعدنا في تطوير عقاقيرٍ يمكنها التدخل في الوقت المناسب قبل خروج هذه الحلقة عن السيطرة.

في الواقع، يمتلك الباحثون الآن سلاحًا أظهر فعاليته في الفئران المُعَّدَلة جينيًا لتطوير خصائص مشابهةٍ لتلك الموجودة عند مرضى ألزهايمر.

يوضح كيليك أن الدواء المسمى (fasudil) والذي يستخدم في اليابان والصين لعلاج السكتة الدماغية، قد يكون له دور في منع حدوث هذه الحلقة.

وأضاف كليك: «لقد ظهر ما لا يَدع مجالًا للشك، فهذا الدواء يمكن أن يحمي نقاط التشابك العصبي في النماذج الحيوانية لمرضى ألزهايمر، وفي الوقت ذاته يقلل من كمية بروتين الأميلويد في الدماغ».


  • ترجمة: شيماء ممدوح
  • تدقيق: رند عصام
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر