أكّدت قيادة الفضاء للولايات المتحدة الأمريكية على كون الفضاء مجالًا عسكريًّا هامًّا وحاسم لرفاه أمريكا الأمني والاقتصادي. هذا الحدث يتزامن مع الدعم المستمر من البيت الأبيض لإنشاء قوة فضاء كفرع عسكري منفصل. ولهذا يوجد اهتمام متزايد بالفضاء الأرضي-قمري Cislunar space، وهذه هي المنطقة الممتدة من الأرض حتى القمر.

تقع حماية طرقات التجارة والتواصل على كاهل الجيش تقليديًا، وستستمر الأمور على هذه الحال عندما يصبح الفضاء ما بين الأرض والقمر موقعًا هامًا ذو أفضلية.

النُهج المرحلية

في آخر حدث لمنظمة الطاولة المستديرة لموارد الفضاء Space Resources Roundtable والذي تم عقده في جامعة كولورادو Colorado School of Mines في غولدن Golden، وضعت التفاصيل للاستفادة العسكرية من الوصول إلى جليد المياه القمري والموارد النيزكية لاستخدامها في الدفع الحركي وغيره من التطبيقات.

قدم جيسون أسبيوتيس Jason Aspiotis وآيدن أوليري Aiden O’Leary من بوز آلن هاميلتون في شارلوت، في شمال كاليفورنيا Booz Allen Hamilton in Charlotte, North Carolina، ورقةً محفزة: «حلقة التزويد بالماء الموجودة في الفضاء تخدم جيش الولايات المتحدة: تقدير أولي للطلب والتوفير المستقبليين للوقود المبني على الماء الموجود في الفضاء لجيش الولايات المتحدة».

قال أسبيوتيس لموقع space.com: «إنها دراسة أولية لمحاولة معرفة إمكانية الاستفادة من الموارد الموجودة في الفضاء وخاصةً الماء فيما يتعلق بموارد جيش الولايات المتحدة الأمريكية وغيره من الأجهزة الاستخباراتية. إنها تضيف كفاءة كبيرة فيما يخص الموارد سهلة الاستخدام. أنا أظن أن رؤساء الجيش مهتمون بهذه المسألة وبدؤوا بالتفكير بمعنى هذا بالنسبة لخططهم الاستراتيجية من أجل المستقبل».

يضيف أوليري: «من المهمٌ جدًا للجيش أن يحصل على سلاسل موارد لوجستية متنوعة من أجل أن تحمل السلاسل الإضافية العبء إذا انقطعت إحداها. أعتقد أنه أمرٌ ذو أهمية كبيرة بالنسبة لهم».

تركيز جديد

تقول جوان جونسون فريس Joan Johnson-Freese أستاذة في دائرة الشؤون الوطنية في كلية الحرب البحرية في نيوبورت رود أيلاند Newport, Rohde Island: «اهتمام الجيش الأمريكي بالفضاء الأرضي-قمري مثيرٌ للإهتمام». رأي جونسون-فرييس الشخصي حول الفضاء الأرضي-قمري هو أنه يبدو أنه قد أصبح نقطة تركيز جديدة لوزارة الدفاع.

قالت جوان لموقع Space.com: «يبدو أن هذا التركيز مدفوع جزئيًا بسبب تشجيع الولايات المتحدة الجديد والمنفتح نحو التسلّح الفضائي. إنه مطلوب لأن كل ما تفعله الصين عمليًا في الفضاء يعتبر خطرًا وسياسات بيروقراطية».

تقول جون فريسين: «كل البيروقراطيات بحاجة لهدف. يبدو أنه جزءًا من الحاجة هو حماية الاهتمامات الاقتصادية والتجارية للولايات المتحدة في الفضاء. سيكون مثيرًا للاهتمام معرفة ما إذا كانت هذه الحماية مطلوبة من البلدان التجارية أم مجرد متوَقَعة».

يتطلع الجيش الأمريكي إلى القيمة الاستراتيجية للفضاء الأرضي-قمري - اهتمام الجيش الأمريكي في مجال الفضاء المتعلق بالأرض والقمر

مهمةٌ استراتيجيًا

«الفضاء الأرضي-قمري مهمٌ استراتيجيًا لأن استغلال موارد الفضاء بإمكانه أن يغير -وسوف يغير- توازن القوى على الأرض». هذا هو رأي بيتر جاريتسون Peter Garretson مستشار استراتيجي مستقل يركز على الفضاء والدفاع. قبل تقاعده كضابط في القوة الجوية كان مدير عمليات فرقة البحوث لجامعة Air University تسمى Space Horizons والتي تعتبر مركز الأفكار الحديثة لأمريكا عن الفضاء.

«ليست الأفضلية التكتيكية هي الدافع وراء تطلع جيش الولايات المتحدة إلى أهمية الفضاء القمري-أرضي. بل الخوف من أن تحركات الصين إلى هذا الفضاء سوف يوفر لها الأفضلية الموضعية واللوجستية التي يمكن أن تستغلها الصين من أجل أن تغزو اهتمامات الولايات المتحدة أو تخنقها أو تهددها أو تجبرها».

الوعي بالنطاق

يقول جاريتسون: «على الجيش أن يوضح متطلبات، منها الوعي بنطاق الفضاء الأرضي-قمري. تعبئة الوقود الفضائية والقدرة على الاستفادة من الدفع المشتق من القمر».

«يوفر الفضاء مساحة واسعة للمناورة تصعب مراقبتها، وهذا يجعل المفاجآت ممكنة الحدوث. إنه مماثل لغواصة حربية في عمق البحر. البرنامج الصيني الذي يتحكم به الجيش حجز لنفسه مكانًا في الفضاء الأرضي-قمري، نحن متخلفون عنهم وعلينا اللحاق بهم. الفضاء الأرضي-قمري هو الموقع الاستراتيجي الأهم والولايات المتحدة تأخرت بالفعل عن الصين في تموضعها وتخطيطها».

التصنيع القمري

يقول جاريتسون أن مهمة الصين القمرية Chang’e-4 farside moon mission والقمر الصناعي الصيني للبث والمتموضع في مدار أرضي-قمري يسمى L2 halo هما جزءان من خطة محكمة التنفيذ.

«لقد وضعوا أول عقدة لهيكل للمواصلات البعيدة في مكانها، وربما قد وضعوا أيضًا نظام وعي بالنطاق القمري-أرضي. بعدها سوف يقومون بأخذ العينات وبالهبوط القطبي وبعمل طبعة ثلاثية الأبعاد عن قصر قمري من أجل مهمة تصنيع لاستغلال موارد القمر اقتصاديًا». يقول جاريتسون أن الصين واضحة تمامًا في اهتمامها الاستراتيجي بالفضاء القمري-أرضي.

«إنهم يحاولون إنشاء بنية تحتية للتصنيع على القمر واستغلال موارده وموقعه الممتاز من أجل بناء أعداد كبيرة من الأقمار الصناعية التي تستمد طاقتها من الأشعة الشمسية لتزويد الطاقة، وخدمة السوق الصيني الذي يساوي 21 مليار دولارًا».

«نظامٌ تصنيعي لوجيستي بهذا الحجم سوف يرسخ الصين بشكل واضح كقوة مسيطرة. من غير خطة موازية من أجل التصنيع القمري ستخسر الولايات المتحدة الأمريكية التحدي، سنجد أنفسنا قد خسرنا من غير قتال في وجه طاغوت ذي أفضلية تصنيعية ولوجستية ومناورة لا يمكننا موازاتها».

اقرأ أيضًا:

تخطط وكالة الفضاء اليابانية بالتعاون مع شركة تويوتا لإطلاق عربة جوالة إلى القمر

كيف يمكنك البناء على القمر؟ ابدأ بالتربة القمرية

قد يكون هناك المزيد من المياه على القمر أكثر مما كنا نظن، حان الوقت للعودة

ترجمة: بوغوص حنا يوسيف

تدقيق: سلمى توفيق