يقول خبراء النوم إنه بوسعنا تعويض فقدان النوم ولكن من الأفضل عدم تأجيل ذلك. واقترح الباحثون أن الأمر يستغرق 4 أيام من النوم الجيد للتعافي من الحرمان من النوم ساعة واحدة فقط. قد تكون القيلولة أو النوم أكثر خلال الأسبوع أفضل من الانتظار والنوم في عطلات نهاية الأسبوع.

في كل ليلة، يُراكم ثلث الأميركيين ساعات من قلة النوم التي سيحتاجون إلى تعويضها فيما يبدو كديون لا يتمكنون من سدادها أبدًا. ومن هنا أتى مفهوم تعويض النوم، أي محاولة تعويض الحرمان من النوم بالحصول على ساعات إضافية من النوم في الأيام التالية كالنوم في عطلة نهاية الأسبوع.

ولكن هل يحميك الحصول على ساعات النوم الإضافية هذه بالفعل من المخاطر الصحية للحرمان من النوم؟

كانت نتائج الدراسة عن هذه المسألة مختلطة، ولكن بعد التحقق من البحث والنقاش مع بعض الخبراء بوسعنا القول إن تعويض النوم ممكن ولكن تحقيق ذلك صعب.

لماذا يصعب تعويض قلة النوم؟

الطبيب النفسي وخبير طب النوم الدكتور أليكس ديميتريو يؤمن بفكرة إمكانية تعويض قلة النوم، ولكن فقط إن لم يستمر الحرمان من النوم فترةً طويلةً جدًا، وبحسب التعريف المنطقي سنعتقد أن ساعةً واحدةً بلا نوم تساوي ساعةً واحدةً من النوم الذي يجب تعويضه.

قال الدكتور ديمتريو من مؤسسة الطب النفسي وطب النوم في مينلو بارك لمجلة انسايدر: «كلما كانت المدة التي حرمت نفسك فيها من النوم أكبر، يصبح وقت التعافي أطول على نحو ملحوظ، وقد لا يكون الشفاء التام ممكنًا، لذلك من المهم ألا تكون الفترة التي حرمت نفسك من النوم فيها طويلة».

قال الدكتور جيمس أ. رولي الرئيس السابق لمؤسسة الأكاديمية الأمريكية لطب النوم: «من المهم أن تبقى عدد الساعات التي حُرمت فيها من النوم تحت السيطرة، لأن عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم على المدى الطويل قد يؤدي إلى مشكلات طبية، كالسمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية وزيادة خطر الإصابة بالسرطان وضعف المناعة».

ربما جاءت النتائج الأكثر إثارةً للاهتمام فيما يخص تعويض النوم ووقت التعافي من دراسة صغيرة واحدة اقترحت أنه لكل ساعة واحدة حرمان من النوم سيحتاج الشخص إلى مدة من سبع إلى تسع ساعات نوم عميق مستمر عالي الجودة على مدى أربع ليال للتعافي بالكامل.

لذلك إذا كنت من الأشخاص الذين يحتاجون إلى سبع ساعات من النوم في الليلة الواحدة ولكنك تحصل على ست ساعات فقط في أسبوع العمل، فستتراكم عليك خمس ساعات من الحرمان من النوم ستحتاج إلى تعويضها يوم الجمعة، ووفقًا لتوقعات الدراسة هذا يعني أنك ستحتاج إلى نحو 20 يومًا من النوم الجيد المستمر للتعافي تمامًا. لذا فإن النوم لبضع ساعات في عطلة نهاية الأسبوع ربما لن يصلح ذلك.

وقال رولي: «بينما يستطيع المرء تعويض ساعة أو ساعتين في عطلات نهاية الأسبوع، فهو لا يستطيع تعويض ساعات النوم التي حُرم منها طوال الأسبوع بالنوم في تلك الساعات الإضافية فقط».

في عام 1963 بقي شاب يبلغ من العمر 17 عامًا مستيقظًا مدة 11 يومًا من أجل مشروع علمي، وقد استطاع التعامل مع ما أصابه من غثيان مؤقت وفقدان للذاكرة، لكنه قال إنه شعر بالعودة إلى طبيعته بعد النوم مدة 14 ساعة.

في حين أن هذه ليست تجربة يرغب ديميتريو في رؤية مرضاه أو أي شخص آخر يكررها، تجدر الإشارة إلى وجود مجال أكبر للدراسات عن كيفية تأثير فترات النوم الطويلة على المخاطر الصحية للأشخاص الذين حرموا أنفسهم بالفعل من النوم حرمانًا مزمنًا.

قالت أستاذة علم النفس البيولوجي في جامعة ستوكهولم ليندسي دودجسون لمجلة انسايدر: «إذا كانت عطلة نهاية الأسبوع هي الفترة الوحيدة التي تستطيع فيها تعويض ما فاتك من نوم، فمن الأفضل زيادة ساعات النوم في عطلة نهاية الأسبوع بدلًا من عدم القيام بذلك على الإطلاق».

إذن ماذا يمكنك أن تفعل إذا كنت مثل ثلث الأميركيين الذين يحصلون على أقل من ست ساعات من النوم في الليلة الواحدة؟

كيفية تعويض ما فاتك من النوم

يشبه تعويض النوم سداد ديون بطاقة الائتمان؛ حاول أن تدفع كل القدر المطلوب للتعويض أو نفس القدر المصروف تمامًا (الوقت الذي حرمت نفسك فيه من النوم) من إجمالي الرصيد لكي لا ينمو الدين كثيرًا.

هذا يعني عدم الانتظار حتى عطلة نهاية الأسبوع لمحاولة تعويض قلة النوم التي حصلت على مدى أسبوع كامل، وبدلًا من ذلك إذا فاتتك ساعة أو ساعتين من النوم فحاول تعويضها على الفور في اليوم التالي إما بقيلولة (الأفضل أن تكون من 20 إلى 30 دقيقة) أو الحصول على نوم جيد ليلًا في المساء التالي.

والأهم من ذلك هو أن تضع جدولًا للنوم وتلتزم به، وقال ديميتريو: «النوم يحب الانتظام والإيقاع لأنه يحافظ على ثبات الساعة البيولوجية».

تؤثر الساعة البيولوجية (التي يطلق عليها غالبًا الساعة الداخلية) في مجموعة كاملة من وظائف الجسم الهامة، ومنها تنظيم درجة الحرارة والتحكم في الهرمونات والذاكرة والتركيز وبالطبع النوم.

يعد الحفاظ على جدول نوم ثابت (ويعرف أيضًا باسم الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في نفس الوقت كل يوم) أحد الطرق الرئيسية للحفاظ على ساعة بيولوجية صحية وصحة أفضل بالنتيجة، لهذا السبب قد لا يكون النوم الخيار الأمثل وقد تكون القيلولة القصيرة هي الأفضل.

بالطبع قول هذا أسهل من فعله بكثير ولا يستطيع الجميع تغيير جداولهم للحصول على مزيد من النوم. فإذا كان عملك مثلًا بمناوبات ليلية، أو أنك تعمل في عدة وظائف أو تحتاج إلى إخراج الأطفال في الصباح الباكر، فمن المرجح أن يكون لديك قلة نوم دون المرونة الكافية في الوقت لتعويض هذا النوم، لذلك ابذل قصارى جهدك للحصول على أكبر قدر ممكن من النوم.

قال رولي: «في هذه الظروف حتى إيجاد 15 دقيقة إضافية من النوم في الليلة الواحدة قد يشكّل فرقًا كبيرًا».

قد يكون من المفيد أيضًا التفكير خارج الصندوق، فقد وجدت دراسة حديثة مثلًا أنه عندما تحول الناس من العمل 5 أيام في الأسبوع إلى 4 أيام، انخفضت النسبة المئوية لأولئك الذين يحصلون على أقل من سبع ساعات من النوم في الليلة الواحدة من 42.6% إلى 14.5%.

مهما قررت محاولة الحصول على مزيد من النوم، تذكر فقط أن النوم ليس ترفًا وإنما ضرورة. وقال رولي: «يجب النظر إلى النوم بأنه أحد أساسيات الصحة الجيدة عمومًا، وتمامًا مثل النظام الغذائي وممارسة الرياضة ويجب إعطاؤه الأولوية».

اقرأ أيضًا:

دواء لاستعادة الذاكرة المفقودة عند الحرمان من النوم!

هل يعد النوم مع الطفل في السرير نفسه آمنًا؟

ترجمة: يمام نضال دالي

تدقيق: حسام التهامي

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر