القمر هو أقرب جار لنا في الفضاء، وله تأثير عميق علينا. فهو لم يساهم فقط في تطوّرنا البيولوجي، بل قد شكّل التطور الفيزيائيّ للكوكب.

تكوّن القمر منذ ما يقرب من 4.5 مليار سنة – في المراحل الأولى من تكوّن مجموعتنا الشمسية – عندما اصطدم كوكباني في حجم المريخ تقريبًا بالأرض الأولية.

القمر يدور حول الأرض منذ ذلك الحين، هل تسألت يومًا كيف ستكون الأرض بدون القمر؟

 

من المنطقي جدًا للحياة على الأرض أن تنشأ وتزدهر بدون وجود القمر، ولكنها ستكون مختلفة كثيرًا في تفاصيلها.

نقدّم لكم خمسة أشياء رئيسية سوف نفقدها لو لم نكن نمتلك قمرًا:

لن يظهر أي كسوف على الأرض

بدون الشمس والأرض والقمر لن يكون هناك أيّ كسوف. فبدون القمر لن يكون هناك خسوفًا قمريًا لعدم مرور أي شيء عبر ظل الأرض.

كذلك لن يحدث كسوفًا شمسيًا, لا السنويّ ولا الجزئيّ ولا الكلي.

ظل القمر يساوي تقريبًا بالتّحديد المسافة بين الأرض والقمر، بدون القمر، لن يوجد ظل أي لن يحدث أي حجب لأشعة الشمس.

ثاني أكبر جسم يمكنه عمل كسوف بعد القمر هو كوكب الزهرة.

 

أمواج المد والجزر على الأرض ستكون ضعيفة، وستكون الشّمس هي المتحكّم الرئيسي في هذه الأمواج

الشمس أكبر بـ400 مرة من القمر (من حيثُ طول القطر)، وهي أيضاً تبتعد عنّا بـ 400 مرة أكثر من المقر، على المتوسط. وذلك يفسر لماذا يبدوان من الأرض بتقريبًا نفس الحجم الزاويّ.

ولكن الشمس أضخم من القمر بـ27 مليون ضعف فقط من حيث الحجم. لماذا نقول “فقط” هنا؟

لأنه ليكون للشمس نفس تأثير القمر على الأمواج الأرضية فيجب أن تكون كتلة الشمس تساوي 400^3 ضعف كتلة القمر (أي 64 مليون مرة)، ولكنها تمثل 27 مليون ضعفاً فقط، لذلك فقوة تأثير الشمس على أمواج الأرض تمثل 40% فقط من تأثير القمر.

عندما يصبح القمر والشمس على نفس الخط يصبح تأثير المد والجزر يساوى 140% من التّأثير المعتاد، وعندما يكونان متعامدَين, يصبح التأثير 60% فقط من العادي.

 

ولكن بدون القمر ستصبح أنماط الأمواج أكثر بساطة وأقل قوة، وستصبح الشّمس هي السبب الرئيسى فى حدوثها.

الليل سوف يصبح أكثر ظلمةً مما اعتدنا عليه

الشمس أكثر أشراقًا من القمر بكثير، ضوء القمر الكامل يمثل فقط 1/400،000 من إشراق الشمس.

كوكب الزهرة، الجسم الأكثر إشراقًا في السماء بعد القمر، يمثل 1/14000 من ضوء القمر المُكتمل.

رؤيتنا الليليّة جيدة، طالما هناك قمر في السّماء، ولكن بدون القمر سيصعب عليك رؤية أي شيء أمامك، ولكن ستكون السّماء واضحة بنجومها. يمكننا الجزم بأنّ الرؤية ربما ستتطور بشكل مختلف فى حالة عدم وجود قمر..

 اليوم على الأرض سوف يصبح أقصر بكثير، اليوم سيكون حوالي 6 إلى 8 ساعات فقط، مما يعني أنه سيكون هنالك 1100 إلى 1400 يوم في العام!

يومنا المُتكوّن من 24 ساعة قد يبدو لنا أنه ثابت لا يتغير، ولكنه فى الحقيقة يتغيّر بنسب بسيطة عبر القرون.

فدوران الأرض يُبطئ بشكلٍ طفيف جداً مع الوقت بفضل تأثير القمر على الأرض (بالميكروثواني في العام).

ولكن مع الملايين والمليارات من السّنين، هذا التّأثير يكون واضحا.

فى خلال حوالي 4 مليارات عام من الآن، لو افترضنا أنّ الشمس ستظل باقية للأبد، سيصبح دوران الأرض بطئ بحيث يرتبط دورانها بالقمر، سيكون اليوم قرابة 47 يومًا من أيامنا الحالية (ولكن الشمس سوف تفني قبل ذلك بكثير، فلا داعى للقلق من ذلك).

يمكننا الاستعانة بما نعرفه والرجوع للخلف في الزمن لنستنتج كم احتاجت الأرض لتصل إلى النقطة حيث اليوم = 24 ساعة.

لابد وأنّ الأرض كانت تدور أسرع بكثير مما هي عليه الآن، فكانت تدور حول محورها أسرع من اليوم بأربع أو خمس مرات منذ أربعة مليارات سنة مضت.

 

لو لم نمتلك قمراً أبداً، لكان يومنا الآن أسرع بكثير مما هو عليه، ولكان النهار أقصر بكثير من الآن، ولربما أصبح الإنتفاخ الإستوائي أكثر عرضًا، وأصبح القطبين مسطحين أكثر، ولتكونت السّنة من 1000 يوم على الأقل!

ميل محور دوران الأرض قد يختلف بشكل كبير مع الوقت

ربما تعلم أنّ كوكب الأرض يدور حول محوره وهو مائل بدرجة 23.5 درجة عن المستوى المداري حول الشمس، هذا صحيح، ولكن هل تسائلت يومًا ما الذي يمنع الأرض من تغيير درجة الميل حول محوره؟

إن كوكب المريخ يميل بـ24 درجة عن المستوى المداري حول الشمس، مع ذلك نعرف أنّ محوره يتغيّر مع الوقت من 15 درجة وحتى 30 درجة.

لكنّ الأرض تعتبر حالة خاصة لأنها تمتلك قوة خارجية تعمل على إستقرار محور دورانها – القمر.

فعبر مئات الملايين من السنوات لم يتغير درجة ميل محور الأرض كثيرا (بقى ثابتًا بين 23 و26 درجة).

ولكن بدون القمر، لن يكون هناك شيء يمنع التغيرات الكارثية فى محور دوران الأرض، فقد نصبح مثل كوكب أورانس كالبرميل فنتعرض لأغرب الفصول المناخية التى يمكن تخيلها، أو نكون مثل كوكب عطارد أي بدون أي ميل للمحور، وبالتالي غياب الفصول.


المصدر