أعلن ماسك عن خططه لروبوت تسلا الجديد الشبيه بالبشر، الذي سيتفوق في «مهام عادية»، لكن ماسك، رغم خططه الكبيرة، يرتكب أخطاءً شائعة في علم الروبوتات. كيف سيبدو مستقبل روبوت تسلا ؟ يمكننا فصل الحقيقة عن المبالغة في ادعاءات ماسك، بمساعدة اثنين من المتخصصين في علم الروبوتات.

ماذا نتوقع من روبوت حقيقي شبيه بالبشر؟

يُفضي صُنع روبوت يشبه البشر ويتصرّف مثلهم إلى العديد من التحديات البرمجية، فهل سيتحرك روبوت تسلا بالسير على قدمين أم بطريقة أخرى؟ هل سيُحاكي طريقة المشي المعقدة التي أتقنها البشر على مدار ملايين السنين؟ هل سيرقص كما فعل البشري المُرتدي بدلة روبوت تسلا في يوم تسلا للذكاء الاصطناعي عندما أطلق ماسك الإعلان؟ أدلى مايكل بيشكين، أستاذ علم الروبوتات بجامعة نورث وسترن، برأيه قائلًا: «غالبًا ما يحط العامّة من قدر مثل هذه المهام».

«يقضي الرضيع عدة سنوات من عمره في تعلم كيفية تحريك جسده. لا نقدّر – نحن البشر- مدى تطور الكائن البشري وتعقيده أساسًا. إن المهام التي يستطيع الأطفال تأديتها صعبة للغاية على الروبوتات».

ذكر ماسك أن المهام العادية مثل شد البراغي أو زيارة محل البقالة تتطلب الكثير من البرمجة المتخصصة والتكيفية، وسيتعين على الروبوت أن يستجيب ويتغير سريعًا وهو أمر صعب للغاية. ماذا لو لم يكن يملك براغي بالحجم الصحيح، أو إذا ما نفدت كل رقائق الذرة الموجودة في المتجر؟ إضافةً إلى وصف ماسك للروبوت بأنه يستقبل التعليمات الشفهية، ما يضيف مطلبًا إضافيًا لمعالجة اللغة الطبيعية. ونحن نعلم أن «سيري» ليست دائمًا رائعة في إعطائك أفضل إجابة عند السؤال.

ماذا نتوقع أن يفعل روبوت تسلا ؟

قال بيشكين إن الروبوت الذي يصفه ماسك سيبدو مشابهًا للعمال البشريين في مستودع أمازون، إذ يتمكن العمال من الوصول إلى مختلف السلع والحصول عليها من بين مجموعة متنوعة من السلع، كما باستطاعتهم التخلص من تفاحة قد طالها العطب، في حين أن مصطلح «العمالة غير الماهرة» غالبًا ما يُستخدم لوظائف مثل هذه، فإننا في الواقع نستخدم قدرًا هائلًا من الحكم والحذر عند القيام بهذه المهام التي تبدو بسيطة.

قال بيشكين: «عندما تحاول أتمتة الأشياء التي ينجزها الأشخاص، مثل انتقاء السلع من الرف في المستودع، غالبًا ما ينتهي بك الأمر إلى تغيير المستودع نفسه، إذ عادةً ما تغير البيئة برمتها لتتكيف مع الروبوتات، إذ يمتلكون رموزًا شريطية، وتوضع الرفوف في مواقع قياسية، وتُعبَّأ السلع بطريقة مختلفة، وستُجرى الكثير من التعديلات الجذرية، ما يجعل العالم آمنًا للروبوتات، وستكون المهمة حينئذ موحدة قدر الإمكان، إذ يمكن التعامل معها عبر البرمجة».

يُعد ربط البراغي -مثلًا- مهمة قد تنجزها الروبوتات على نحو جيد اليوم. حصد التصنيع بعضًا من الروبوتات التطبيقية الأكثر تقدمًا في العالم عقودًا من الزمن، نظرًا إلى مدى «إمكانية» تنفيذ العديد من مهام التصنيع، بما يتناسب مع قدرات الروبوتات الحالية، فعند مرور سيل منتظم من البضائع على حزام ناقل، يجب على الروبوت ببساطة أن يمد يده أو يلف أو يلصق جزءًا أو سلعة معينة في مكانها، ثم يسحب «ذراعه» إلى الوراء.

قال هيني بن أمور، عالِم الروبوتات بجامعة ولاية أريزونا، إن معظم أيدي الروبوتات الموجودة في التصنيع معدنية، صلبة، وذات مهارة محدودة، والقليل منها فقط لديه أكثر من ثلاثة أصابع. الأيدي البشرية معقدة على نحو يصعب استيعابه، وسيتطلب الأمر العديد من المحركات لإنشاء يد آلية مماثلة. يمكن للأيدي البشرية التعامل بدقة مع الأشياء، من حبات الطماطم وصولًا إلى آلة الكمان الموسيقية وحتى المطرقة الثاقبة للصخور، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن يد الإنسان تجمع بين مواد مختلفة، مثل العظام والعضلات والجلد.

ما الذي يجب أن يفعله روبوت تسلا؟

من الأمور التي فهمها ماسك على نحو صائب أن الروبوتات ستستطيع إنجاز الأعمال الخطيرة أو المملة بالنسبة إلى العمال البشريين. قال بيشكين: «لمَ لا نجعل الروبوتات تنجز الأعمال التي لا يتقنها البشر، أو تنطوي على مهمات خطيرة؟ ولندع البشر يواصلون فعل ما يجيدونه».

لكن الروبوت قد لا يستطيع بالضرورة الاستماع إلى التعليمات ومعالجة اللغة لاستخلاص مجموعة متنوعة من المهام. قال بن أمور: «على مستوى البرمجيات والذكاء، يتمثل التحدي الرئيسي للروبوتات المستقلة في التباين الكبير بين البيئات البشرية، إذ لا تستطيع الروبوتات في مثل هذه الحالة الاعتماد على مبرمج بشري، بل يجب عليها أن ترتجل وتغير سلوكها باستمرار».

من السهل قراءة ما بين السطور للجمع بين طموحات ماسك للسفر والاستيطان في المريخ وتعليقاته هنا حول الروبوتات. في نهاية المطاف، سيكون الكثير من العمل اليومي للحفاظ على استمرار مستعمرة المريخ مملًا أو خطيرًا، فبوسع ماسك تصوُر عمل الروبوتات في التصنيع أو حتى الزراعة.

لكن ماسك كان دقيقًا في وصفه، إذ قال إن هذا الروبوت سيكون بحجم وقدرة غير مهددين على الإطلاق، فسيبلغ طوله 176.7 سم ويزن 56.6 كيلوجرامًا، مع سرعة قصوى تبلغ نحو ثمانية كيلومترات في الساعة. سيكون العمل الخطير أشبه بالعمل في مواقع البناء، أكثر منه حماية المستوطنات مثلًا.

ساهم بيشكين في ابتكار فكرة (cobots)، وهي روبوتات تعاونية تعمل مع الناس، وقال: «ألا توجد مهام يمكن للبشر أن يتعاونوا فيها مع الروبوتات ماديًا، كل منهما يساهم بقوّته؟». من السهل تخيل أن الروبوت المساعد أو «المعزز» المبرمج بعناية يمكنه أن يكون عونًا كبيرًا للأشخاص على المريخ، أو للأشخاص الذين يعملون بالفعل في أماكن خطرة مثل المناجم.

قال بن أمور أيضًا إن تصريحات ماسك هي بمثابة هتاف لحشد كل المهتمين، وإن كان ما يصفه لا يزال بعيدًا جدًا عن قدراتنا الحالية مع الروبوتات، «فإن السيد ماسك في الغالب هو صاحب رؤية، وممتاز في حشد العلماء والمهندسين وراء هدف عظيم. من المرجح أن يلهم ماسك خلال مسيرته جيلًا جديدًا من علماء الروبوتات بل يوظفهم أيضًا. حتى تحقيق جانب صغير مما أعلنه ماسك سيكون علامة فارقة في مجال الروبوتات».

اقرأ أيضًا:

ارتداء الملابس بمساعدة الروبوتات

لماذا تخيفنا الروبوتات الشبيهة بالبشر؟

ترجمة: مي مالك

تدقيق: يمنى عيسى

المصدر