تنتشر الكثير من الكواكب المشابهة لكوكب الأرض في مجرة درب التبانة، لكن رصدها صعب جدًا، فثلث الكواكب الخارجية المُكتشفة -البالغ عددها 4000 كوكب- هي كواكب صخرية، ويبعد أكثرها آلاف السنين الضوئية عن كوكبنا.

لهذا يُعَد أي إعلان عن اكتشاف كوكب صخري جديد أمرًا مشوقًا، وهذا الكوكب الجديد ذو أهمية خاصة.

يبعد هذا الكوكب عن نجمه مسافةً تقارب بُعد الأرض عن الشمس. ويبعد 24,722.65 سنة ضوئية عن الأرض، ما يجعله أبعد كوكب خارجي مُكتشَف داخل مجرة درب التبانة حتى الآن.

الكوكب الجديد بعيد لدرجة أن العلماء توقعوا وجوده بالقرب من -أو في داخل- حوصلة المجرة، وهي منطقة مزدحمة بالنجوم في وسط المجرة.

رغم التطور الكبير الذي يشهده مجال رصد الكواكب الخارجية ، ما زالت صعبة الاكتشاف، فهي لا تُصدر أي ضوء خاص بها، وانعكاسها الضوئي الضئيل لا يكفي لإصدار إشارات مميزة يمكن رصدها.

تُكتشَف الكواكب الخارجية عادةً بواسطة إحدى تقنيتين، الأولى هي تقنية العبور، وتعتمد على رصد تغير الضوء الصادر من النجم عند مرور الكوكب أمامه. التقنية الثانية هي رصد التمايل، وتعتمد على رصد الميل الخفيف للنجم بسبب مجال جاذبية الكوكب.

حدث نادر: رصد كوكب يشبه كوكبنا على بعد 25 ألف سنة ضوئية - الكواكب المشابهة لكوكب الأرض في مجرة درب التبانة - الكواكب الخارجية

تعتمد تقنية ثالثة -تُسمى تقنية تأثير العدسة الثقالية- على النسبية العامة. لتفهم هذه التقنية تخيل أنك تقف مقابل نجم ويفصل بينكما نجم آخر، ستؤدي جاذبية النجم القريب إلى انحناء الضوء القادم من النجم البعيد، أي أن النجم القريب سيعمل مثل عدسة، تُضخم مصدر الضوء، وهو المقصود بتأثير العدسة الثقالية.

إن استخدام هذه التقنية شائع في حالة النجوم، لكن في حالة استخدامها لرصد كوكب خارجي، يزيد اضطراب الضوء أكثر. يستطيع علماء الفلك قياس هذا التغير للكشف عن مكونات النظام وعن إمكانية وجود كوكب خارجي.

أوضح عالم الفلك أنطونيو هيريرا من جامعة كانتربري في نيوزلندا: «كان هذا الاكتشاف أمرًا نادرًا وصعبًا جدًا، فالتغير الضوئي الناتج من النجم استمر خمسة أيام، في حين استمر تأثير الكوكب خمس ساعات فقط! بعد أن تحققنا من أن مسبب هذا التغير الخارجي هو بالفعل جسم غريب وليس خطأً تقنيًا، واصلنا العمل للتعرف على خصائص هذا الجسم».

رُصد هذه الحدث -المُسمى (OGLE-2018-BLG-0677)- بواسطة تجربتين منفصلتين، الأولى من طريق نظام الإنذار الخاص بتجربة عدسة الجاذبية البصرية، والثانية بواسطة شبكة تلسكوب (العدسة الدقيقة) الكوري، وترصد التجربتان قرابة 3000 حدث سنويًا، أغلبها نجمي.

وقال عالم الفلك مايكل ألبرو من جامعة كانتربري: «لاحظنا في البداية تغيرًا في الضوء المرصود، وتطلب الأمر عدة أشهر من التحليل الحاسوبي لاكتشاف أن الخلل الضوئي صادر من نجم، وكوكب صغير الكتلة».

وجد الفريق أن كتلة الكوكب تساوي 3.96 مثل كتلة الأرض، ما يجعله أحد أقل الكواكب الخارجية كتلة. يدور الكوكب حول نجم صغير نسبيًا، كتلته 0.12 مثل كتلة الشمس فقط، ما وضع العلماء في حيرة: هل هو نجم صغير أم قزم بني؟

تبلغ المسافة بين الكوكب والنجم 0.63 – 0.72 وحدة فلكية، أي نفس المسافة بين الشمس وكوكب الزُهرة، ويدور الكوكب حول النجم ببطء بسبب صِغر حجم النجم، إذ يستمر العام الواحد تقريبًا مدة 617 يومًا.

ما زلنا نجهل هل الكوكب صالح للحياة أم لا، وما هي طبيعة هذا النجم البعيد جدًا، إضافةً إلى أننا لا نملك الأدوات الكافية للكشف عن وجود غلاف جوي أو عدمه.

يوضح هذا الاكتشاف قدرة العدسات الثقالية في الكشف عن الكواكب الخارجية بدقة، لكن أحد أهم الأسئلة المطروحة اليوم تدور حول إمكانية وجود حياة على كوكب آخر، فنحن نعلم أن الحياة نشأت على كوكبنا الصخري يومًا ما، فهل يمكن أن تنشأ على كوكب صخري آخر؟

اقرأ أيضًا:

اكتشاف كوكب خارجي نادر.. حجمه ضعف حجم الأرض وقد يحوي مياهًا سائلة

دراسةٌ جديدة بقيادة ناسا تُعطينا أملًا لإمكانية الحياة على (بروكسيما ب).. أقرب كوكب خارجي نعرفه

ترجمة: زينب سعد

تدقيق: أنس شيخ

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر