نهج الكل في واحد في الحوسبة:

تمتلك كل من الحواسيب المكتبية العادية، الحواسيب المحمولة والهواتف الذكية وحدات معالجة مخصصة للحوسبة والذاكرة.

تُدعى أنظمة فون نيومان وسميت باسم الفيزيائي وعالم الحواسيب جون فون نيومانJohn Von Neumann الذي كان رائدًا في الحوسبة الرقمية الحديثة.

إنها تعمل عن طريق نقل البيانات ذهابًا وإيّابًا بين وحدة الذاكرة ووحدة الحوسبة، وهي عملية يمكن أن تكون بطيئة وغير فعالة جدًّا.

على الأقل، إنّها ليست سريعة وفعالة مثلما يمكن أن نحقّقه باستخدام “الذاكرة الحسابية computational memory” المعروفة أيضًا باسم “الحوسبة في الذاكرة in-memory computing” تسمح الذاكرة الحسابية بتخزين ومعالجة المعلومات باستخدام فقط الخصائص الفيزيائية لذاكرة نظام الحاسوب.

يَدّعي فريق من شركة آي بي إم للبحوث IBM Research أنّه حقق تقدّمًا باهرًا في الذاكرة الحسابية باستخدام مليون جهاز ذاكرة تغيير الطور Phase Change Memory (PCM) بنجاح لتشغيل خوارزمية التعلّم الآلي الغير خاضعة للمراقبة.

تمّ نشر تفاصيل البحث في مجلة Nature Communications.

تم صنع جهاز PCM من سبيكة تلوريد telluride alloyمن مادة الجرمانيوم والأنتيمونantimony مكدسة ومتواجدة بين قطبين كهربائيين.

وفقًا لتدوينة على مدونة IBM Research: “من المتوقع أن تُسفِر هذه التكنولوجيا ذات النموذج الأولي عن تحقيق تحسينات بمقدار 200 مرة في كل من كفاءة السرعة والطاقة، مما يجعلها مناسبة للغاية لتمكين أنظمة الحواسيب فائقة الكثافة، منخفضة الطاقة، ومتوازية بشكل كبير للتطبيقات في الذكاء الاصطناعي”.

مناسبة للذكاء الاصطناعي

يمكن لأجهزة PCM أن تؤدّي الحوسبة في موضعها عن طريق ديناميكا التبلور.

هذا يتضمن تطبيق تيار كهربائي على هذه المواد، الذي يُغيّر حالتها من واحدة من الترتيبات الذرية العشوائية إلى بنية مرتّبة- أي متبلورة. عرضَ فريق IBM تقنية PCM باستخدام مثالَين يعتمدان على الوقت، ثم قارنوها بعد ذلك مع أساليب التعلم الآلي التقليدية.

من الواضح أنّ القُدرة على أداء الحسابات بشكل أسرع سوف يعود بالفائدة على أداء الحاسوب.

بالنسبة لIBM، هذا يعني قدرةً حسابية أفضل لتطبيقات الذكاء الاصطناعي. قال المؤلّف المُشارك والعضو في IBM إيفانجيلوس الفثيريو Evangelos Eleftheriou في بيانٍ نُقِل في المدونة: « هذه خطوة مهمة للتقدم في بحثنا عن فيزياء الذكاء الاصطناعي، التي تستكشف موادًا مكوّنة لأجهزة الحاسوب، أجهزةً و بنى جديدة».

« مع انهيار قوانين التدريج لتقنية شبه موصل أكسيد الفلز المكمّل Complementary Metal Oxide Semiconductor(CMOS) بسبب القيود في التكنولوجيا، أصبح هناك الحاجة للخروج الجذري من ثنائية المعالج-الذاكرة وذلك للتحايل على القيود في الحواسيب.

وبالنظر إلى البساطة والسرعة العالية والطاقة المنخفضة لنهج الحوسبة في الذاكرة، فمن اللافت للنظر أن نتائجنا مُشابهة جدًّا لنهجنا القياسي المعياري الذي يتم تشغيله على حاسوب فون نيومان».

تتيح الذاكرة الحسابية فُرصَة لمعالجة المعلومات بالزمن الحقيقي، وهو تحسُّنٌ بأمسّ الحاجة إليه في عالمنا اليوم، حيث تضع المزيد من الشركات قسطًا كبيرًا على تحليل البيانات.

في الوقت نفسه، عمالقة الصناعة مثل أمازون و جوجل تضع الذكاء الاصطناعي في محور أعمالها، فإنّ حوسبةً أسرع لتطبيقات الذكاء الاصطناعي هي بالفعل تطورًا مُرحّبًا به.

بالنسبة لIBM، تُعتَبر الحوسبة في الذاكرة أمرًا أساسيًّا.

قال المؤلّف الرئيسي أبو سيباستيان Abu Sebastian: « لقد تمّ النظر إلى الذاكرة حتى الآن على أنها مجردُ مكانًا لتخزين المعلومات.

ولكن في هذا العمل من IBM، نُبيِّن بشكل قاطع كيف يمكننا استغلال فيزياء أجهزة الذاكرة هذه لأداء حسابات بدائية عالية المستوى.

يتم تخزين نتائج الحوسبة في أجهزة الذاكرة أيضًا، وبهذا المعنى فإن المفهوم مستوحى بشكل طليق من كيفية عمل الدماغ».


  • ترجمة: لميا عنتر
  • تدقيق: رؤى درخباني
  • تحرير: ناجية الأحمد
  • المصدر