يعود السبب الحقيقي وراء تسمية اليوم المشؤوم الموافق لتاريخ 19 أكتوبر 1987 بالاثنين الأسود إلى هبوط مؤشر داو جونز الصناعي الحاد آنذاك بنسبة 22.6%. اتخذت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية لاحقًا تدابير سلامة شتى، هدفت جميعها إلى كبح عمليات البيع التي تتم بدافع الذعر في أوقات الهبوط، وذلك لمنع حدوث مثل هذا الانهيار الحاد خلال يوم واحد مستقبلًا. تسمى تلك التدابير تقنيًا بكبح التداول، إلا أن معظم مراقبي السوق يسمونها قاطع التداول التلقائي.

بالنسبة لبورصات الأسهم الأمريكية مثل بورصتي نيويورك وناسداك، يعمل قاطع التداول تلقائيًا عند انخفاض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة مئوية محددة عن قيمته في اليوم السابق، مؤديًا إلى إيقاف التداولات مؤقتًا.

نستعرض فيما يلي المستويات الثلاثة الحالية لقواطع التدوال التلقائية في بورصة الأسهم الأمريكية -بما فيها بورصتي نيويورك وناسداك- مع عواقبها:

  •  المستوى الأول: يُفعل قاطع التداول التلقائي عند انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 7% عن سعر إغلاقه في اليوم السابق ويستمر إيقاف التداولات مدة 15 دقيقة.
  •  المستوى الثاني: يُفعل قاطع التداول التلقائي عند انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 13% عن سعر إغلاقه في اليوم السابق ويستمر إيقاف التداولات مدة 15 دقيقة.
  •  المستوى الثالث: يُفعل قاطع التداول التلقائي عند انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 20% عن سعر إغلاقه في اليوم السابق ويستمر إيقاف التداولات حتى نهاية اليوم.

يجب أن يحدث انخفاض المؤشر قبل الساعة 3 و25 دقيقة مساءً كي تتوقف التداولات، إذ إن الأسواق تغلق عادةً في تمام الساعة 4 مساءً. من المفترض أن تمنح هذه الإيقافات الإلزامية المتداولين الوقت الكافي لإعادة حساباتهم وتحليل ظروف السوق الجديدة ليتمكنوا من اتخاذ قرارات أكثر عقلانية بشأن عمليات البيع والشراء. يرى منظمو أسواق الأسهم أن توقف المستثمرين عن التداول مدة 15 دقيقة يساعدهم على الاسترخاء وتخفيف مشاعر الذعر لديهم.

أقرت هيئة الأوراق المالية والبورصات مستويات قاطع التداول التلقائي الحالية عام 2012 بعد حادثة الانهيار المفاجئ لسوق الأسهم الشهيرة عام 2010 حينما انخفض مؤشر داو جونز بنسبة 9% في غضون دقائق قليلة.

بالعودة إلى ما قبل عام 2012، كانت المستويات التي يُفعل عندها قاطع التداول التلقائي أعلى عما هي اليوم، إذ كانت 10% و20% و30% للمستويات الثلاثة على التوالي، إضافةً إلى أنها كانت تعتمد على مؤشر داو جونز عوضًا عن مؤشر ستاندرد آند بورز المعتمد اليوم، والجدير بالذكر، أن إيقاف التداولات آنذاك كان يستغرق مدة أطول مما هي عليه اليوم.

نظرًا إلى أن جميع عمليات تداول الأسهم اليوم تنجز إلكترونيًا، فإن قواطع التداول التلقائية تُبرمج بالطريقة ذاتها في بورصات نيويورك وناسداك وغيرها لإيقاف عمليات التداول إلكترونيًا عند الوصول إلى أحد المستويات الثلاثة.

الحد الأدنى لانخفاض قيمة الأسهم والعقود الآجلة الذي يعمل عنده قاطع التداول التلقائي

كما ذكرنا آنفًا، تعمل مستويات قاطع التداول التلقائي الثلاثة عند انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 500، ولكن بالنسبة للأسهم الفردية والعقود الآجلة، توجد صمامات أمان إضافية في حال انخفاض قيمتها. على سبيل المثال، عند ارتفاع قيمة سهم فردي ما، سواء كان سهمًا في شركة أبل أو وولمارت أو غيرهما، أو انخفاضها بنسبة 5% مدة خمس دقائق، فإن التداول على هذا السهم فقط سيتوقف تلقائيًا مدة خمس دقائق. ينطبق قاطع التداول التلقائي هذا على الأسهم التي تبلغ قيمتها 3 دولارات أو أكثر في بداية يوم التداول.

عادةً ما تزداد تقلبات التداول وتختلف أسعار سوق الأسهم في بداية اليوم ونهايته. عليه، تعد نسبة 10% هي أقصى نسبة تقلب مسموح بها لسعر السهم الفردي في الدقائق الـ15 الأولى والأخيرة من يوم التداول.

وعلى الكفة الأخرى، يعد سوق العقود الآجلة في الولايات المتحدة منفصلًا عن سوق الأسهم، إذ إن معظم التداولات خارج ساعات العمل في العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 توقف تلقائيًا عند انخفاض الأسعار أو ارتفاعها بنسبة 5%. يُذكر هنا أن بعض عقود الأوراق المالية الآجلة في مؤشر ستاندرد آند بورز لا تخضع لقانون 5%، ومنها ما خسر ما يقارب 11% من قيمته مرة واحدة.

قاطع التداول التلقائي حول العالم

تتفرد العديد من البلدان بمؤشراتها الخاصة ببورصتها وسوق أسهمها، يبرمج كل منها على إيقاف التداولات مؤقتًا حالما تنخفض أسعار الأسهم بوتيرة متسارعة. على سبيل المثال، عندما ينخفض مؤشر CSI 300 في سوق الأسهم الصينية بنسبة 5% أو يرتفع بنفس النسبة، فإن قاطع التداول التلقائي يوقف التداولات مدة 15 دقيقة، وفي حال انخفاض المؤشر أو ارتفاعه بنسبة تزيد عن 7%، توقف التداولات حتى نهاية اليوم. في كوريا الجنوبية، توقف التداولات مدة 20 دقيقة عند انخفاض مؤشري كوسبي وكوسداك أو ارتفاعهما بنسبة 10%. أما في الهند، توجد ثلاثة مستويات توقف عندها التداولات وهي ارتفاع أو انخفاض بنسبة 10% و 15% و20% عن قيمته عند إغلاق التداول في اليوم السابق.

المثير للاهتمام أنه ليس في اليابان قاطع تداول تلقائي في نظامها لتداول الأسهم، لكنها توقف التداولات في العقود الآجلة والمستقبلية إذا وصلت الأسعار إلى الحدود العليا أو الدنيا المحددة.

فيما يتعلق بأوروبا، لا تحكمها قواطع تداول تلقائية عامة مثلما هو الحال في الولايات المتحدة وآسيا، إنما هناك قواطع تداول تلقائية محلية تهدف لكبح خسائر سوق الأسهم الفردية، مثل بورصة لندن LSE المحمية بواسطة قاطع تداول تلقائي يعمل عند انخفاض مؤشر FTSE100 أو ارتفاعه بنسبة 8% عن قيمته عند افتتاح عمليات التداول.

وبالمثل، فإن بورصة يورونيكست الشهيرة التي تدير سوق الأسهم في أوسلو وباريس وأمستردام وبروكسل ولشبونة ودبلن توقف عمليات التداول مدة ثلاث دقائق على الأسهم الفردية التي تنخفض قيمتها أو تزيد عن الحدود القصوى بوتيرة متسارعة، وهو ما أيدته مصادر داخل بورصة يورونيكست، إذ إن قواطع التداول التلقائية العامة قد تتسبب في زيادة التقلبات في السوق وتثير ريبة المتداولين بحسب زعمهم.

اقرأ أيضًا:

ما السوق الهبوطي؟

ما المقصود بتخفيف الأسهم؟

ترجمة: ذوالفقار مقديد

تدقيق: أسعد الأسعد

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر