التبرع الذاتي بالدم هو أن يتبرع الشخص بالدم لنفسه قبل عملية جراحية محددة الموعد أو في أثنائها، وتسمى عملية إرجاع الدم «نقل الدم الذاتي»، وهي تقابل نقل الدم الخيفي الذي يُستخدَم فيه دم شخص آخر، ورغم كفاءة نقل الدم الذاتي؛ فإن هذا لا يعني أنه آمن تمامًا في كل الحالات.

من الأسباب الرئيسية للجوء إلى نقل الدم الذاتي تقليل خطر الإصابة بالعدوى المنقولة بالدم، وضمان كمية وفيرة من الدم في حال وجود شح في موارد الدم.

أنواعه

توجد أربعة أنواع من نقل الدم الذاتي، ولكل واحد منها مزايا وعيوب:

  •  التبرع الذاتي قبل الجراحة الذي يُسحَب فيه الدم قبل العملية الجراحية بأسابيع ويُحفَظ في مصرف الدم ثم يُرجَع إلى المتبرع في وقت الحاجة.
  •  تخفيف الدم سوي الحجم الحاد الذي يتضمن إخراج الدم مباشرة بعد التخدير الجراحي ثم حقن سائل بديل إلى الجسم بنفس حجم الدم المسحوب بغية الحفاظ على حجم وضغط طبيعي للدم.
  •  الإنقاذ الخلوي في أثناء الجراحة ويعد تقنية تعيد الدم المفقود خلال الجراحة إلى الدورة الدموية فورًا باستخدام جهاز يسمى «المنقذ الخلوي»، الذي لا ينقي الدم من الشوائب فقط، بل يضيف مضاد تخثر لمنعه من التجلط.
  •  الإنقاذ الخلوي بعد الجراحة، ويتضمن هذا الإجراء تجميع الدم المفقود خلال العملية الجراحية باستخدام منزّحات الجروح، ويعالج فيه الدم بنفس الطريقة السابقة ولكنه يعاد بعد الجراحة بدلًا من أن يعاد في أثنائها.

دواعي الإجراء

تُجرى عمليات نقل الدم الذاتي في حالات يحددها نوع العملية الجراحية المقرر إجرائها، وقد يلجأ إليها كذلك الأفراد المتخوفون من الإصابة بعدوى منقولة بالدم أو تفاعلات الحساسية أو حدوث استجابة مناعية ذاتية.

متى يوصى بإجرائه؟

قد تُجرى عمليات الإنقاذ الخلوي في حالات الطوارئ، ولكن إذا كان من المحتمل أن تحتاج إلى نقل دم في أثناء الجراحة أو بعدها، قد يوصي الجراح بإجراء تبرع ذاتي بالدم قبل العملية الجراحية، خاصةً في الجراحات التي تُفقَد فيها كميات كبيرة من الدم، مثل جراحات استئصال الرئة أو الكبد عند مرضى السرطان؛ ففي تلك الحالات، ليس من غير المعتاد أن يحتاج المريض إلى ما يقارب 10 وحدات من خلايا الدم الحمراء المكدسة؛ لذا فإن التبرع الذاتي بالدم قد يضاف إلى التبرع الخيفي لتوفير المخزون المجتمعي من الدم.

عمومًا، يوصى بنقل الدم الذاتي إذا كان من المتوقع أن يفقد المريض نسبة 20% أو أكثر من دمه خلال الجراحة. وإضافة إلى جراحات السرطان الرئيسية، يلزم نقل الدم الذاتي غالبًا في جراحات استبدال المفاصل الرئيسية، والجراحات الوعائية، والجراحات القلبية والصدرية، ولكنه عادةً يُتجنَّب في حال كانت نسبة الدم المتوقَّع فقدها خلال الجراحة أقل من 10%.

متى يُجرى اختياريًا؟

يمكن أن تُجرى عمليات نقل الدم الذاتي اختياريًا أيضًا، إذ قد يقرر بعض الأشخاص إجراءها لخوفهم من الإصابة بعدوى منقولة بالدم مثل التهاب الكبد الوبائي C والإيدز، ومع أن انتقال هذه الأمراض إلى الدم في الدول المتقدمة يُعد نادرًا بسبب اتباعهم لبروتوكولات صارمة لفحص الدم، إلا أن نقل الدم الذاتي يمنع حدوثها تمامًا، وكذلك يقلل خطر حدوث تفاعلات الحساسية أو الاستجابة المناعية الذاتية التي قد تحدث في حالات نادرة من نقل الدم الخيفي، وهي تتضمن تفاعلات نقل الدم الانحلالية التي يهاجم فيها الجهاز المناعي خلايا دم المتبرع ويدمرها.

المزايا والعيوب

رغم فوائد نقل الدم الذاتي -الفعلية والمتوقعة-؛ فإنها لا تأتي دون مخاطر، ومن منظور أوسع، يمكننا القول إنه توجد مزايا وعيوب لهذا الإجراء.

المزايا

  •  تقليل خطر الإصابة بالعدوى المنقولة بالدم.
  •  تقليل خطر حدوث الحساسية أو تفاعل نقل الدم الانحلالي.
  •  يُعد الخيار الأكثر أمانًا للأشخاص بفصيلة دم نادرة والمرضى الذين يعانون عدة اضطرابات مناعية ذاتية.
  •  تخفيف الطلب على الإمداد المجتمعي من الدم.
  •  قد يكون مقبولًا لمعتنقي الديانات التي تحرم نقل الدم الخيفي.

العيوب

  •  أكثر تكلفة من نقل الدم الخيفي.
  •  احتمال نقل الدم دون الحاجة وهدر الدم غير المستخدم.
  •  احتمال حدوث فقر دم أو مضاعفات قلبية بعد عملية التبرع.
  •  احتمال تلوث الدم بالبكتيريا بسبب خطأ في التخزين.
  •  قد تزيد الحاجة إلى نقل الدم بسبب استنفاد الدم من الجسم.

المخاطر والمضاعفات

لنقل الدم الذاتي عدة مضاعفات محتملة الخطورة باختلاف أنواعه:

التبرع قبل الجراحة

إن مخاطر التبرع الذاتي قبل الجراحة لا تختلف عن مخاطر أي نوع آخر من عمليات التبرع بالدم، وبوضع ذلك في عين الاعتبار؛ فإن هناك حالات مرضية يكون فيها التبرع بالدم قبل العملية الجراحية غير مناسب، وفي بعض الأحيان شديد الخطورة.

يُمنَع إجراء التبرع الذاتي قبل الجراحة عند الأشخاص الذين يعانون مرضًا قلبيًا راهنًا، أو حالات أخرى قد يتسبب فيها التبرع بالدم بعدة مخاطر، وتشمل:

  •  اضطرابات الصرع النشطة.
  •  نوبة أو سكتة قلبية في الستة أشهر السابقة.
  •  داء الشريان التاجي في الجانب الأيسر من القلب (عالي الخطورة).
  •  تعفن أو تجرثم الدم.
  •  جراحة مقبلة لتمدد الشريان الأورطي.
  •  قصور القلب العرضي.
  •  ارتفاع ضغط الدم غير المنضبط.
  •  الذبحة الصدرية غير المستقرة.

إضافةً إلى ذلك، لا يوصى بهذا النوع من نقل الدم الذاتي للنساء الحوامل إلا إذا غلبت الفوائد الأضرار، مثل الحالة المعروفة بـ«انزياح المشيمة» التي قد تعاني فيها المرأة نزيف ما بعد الولادة.

تخفيف الدم سوي الحجم الحاد

في هذه الحالة، قد يؤدي النقص المفاجئ في حجم خلايا الدم الحمراء (الهيماتوكريت) إلى صدمة دموية أو حتى نوبة قلبية لدى الأشخاص الذين يعانون مرضًا قلبيًّا كامنًا.

في الوقت الحالي، ما زالت فاعلية هذا النوع من نقل الدم الذاتي مقارنةً مع الأنواع الأخرى غير مؤكدة، ولكنه يٌعد آمنًا إذا بلغت مستويات الهيماتوكريت 30% أو أكثر.

الإنقاذ الخلوي

في الإنقاذ الخلوي في أثناء الجراحة أو بعدها، قد يتعرض الدم المسترجع إلى تغيرات كبيرة في أثناء عملية الغسيل وخلال تحضيره لإعادة الحقن.

قد يسبب اختلال توازن الإلكتروليتات، وفقدان الصفائح الدموية، وإطلاق الهيموغلوبين من خلايا الدم الحمراء حالةً خطرة تُعرَف بـ «متلازمة الدم المنقَذ» تتكون فيها الجلطات تلقائيًا داخل الأوعية الدموية، وإن حدث ذلك في الرئتين أو الكلى، قد تؤدي هذه المتلازمة إلى تلف كبير في الرئة وفشل كلوي حاد.

ما يمكنك توقعه

إذا تقرر إجراء نقل دم ذاتي، فعلى الأغلب سيُجرى قبل الجراحة. لا توجد قيود تتعلق بالعمر أو الوزن عند إجراء نقل الدم الذاتي، ولكن يجب أن توازَن المخاطر مع كل فرد على حدة لضمان أن يكون لائقًا لهذا الإجراء.

في الأحوال المثلى، سيؤخذ من المريض موجز تاريخه الطبي، ونبض القلب، وضغط الدم، ودرجة الحرارة، ثم تُسحَب عينة دم بوخز إصبع بإبرة لاختبار الهيماتوكريت وتحديد الإصابة بفقر دم.

تعتمد كمية الدم التي يُسمَح بالتبرع بها على وزن الجسم، ويبلغ أقصى معدل للتبرع 10 مللي لتر مقابل كل كيلوغرام من وزن الجسم، فمثلًا، بإمكان الشخص الذي يزن 50 كيلوغرامًا التبرع بما لا يزيد عن 500 مللي لتر في كل جلسة.

يمكن التبرع بالدم أكثر من مرة أسبوعيًا، ولكن يجب أن تسبق آخر جلسة العملية الجراحية بثلاثة أيام على الأقل من أجل إتاحة الوقت للدم ليعود إلى حجمه الطبيعي.

يمكن أن يُحفَظ الدم بعد ذلك بالتبريد ولكن لمدة لا تزيد عن 42 يومًا، ويُتخلَّص منه بعد ذلك. يمكن أيضًا أن يُجمَّد، ولكن لا يُنصَح بذلك مع تبرعات الدم الذاتية؛ لأنه قد يضر خلايا الدم ويغيّر تركيبته.

نصيحة الخبراء

يرى الخبراء أنه من المهم مناقشة فوائد ومخاطر نقل الدم الذاتي مع الجرّاح، لا سيما عند التخطيط لإجراءه بسبب التخوف من الإصابة بعدوى منقولة بالدم؛ ففي بعض الحالات، قد تفوق مخاطره على الصحة مزاياه المتوقعة.

من المهم أيضًا أن توضع تكلفة هذا الإجراء بالحسبان والتأكد من القدرة أو قدرة التأمين على تغطية المصاريف، فمن المحتمل أن ترفض شركة التأمين هذا إن لم تعده إجراءً ضروريًا.

اقرأ أيضًا:

تفاعلات نقل الدم: الأعراض والمضاعفات والعلاج

إنتاج دم اصطناعي يمكن نقله لكل فصائل الدم الأخرى

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: تسبيح علي

المصدر