إهمال نظافة الفم قد يزيد مخاطر أمراض القلب

31 أكتوبر 2025
23 مشاهدة
0 اعجاب

إهمال نظافة الفم قد يزيد مخاطر أمراض القلب



يُوصف الفم في أغلب الأحيان بأنه "نافذة على الصحة العامة" – ولسبب وجيه، إذ تكشف أبحاث متزايدة عن صلة وثيقة بين سوء نظافة الفم وأمراض القلب والأوعية الدموية، ومع أن هذين الجانبين الصحيين قد يبدوان منفصلين، فإن صحة الفم قد تترك آثارًا بعيدة المدى في القلب.


 تكمن في صلب هذا الارتباط دواعم السن، وهو نوع متقدم من أمراض اللثة ينتج عن تراكم طويل الأمد للويحة السنية (البلاك) وسوء العناية بالفم. إذا تُركت دون علاج، تُهيج طبقة البلاك أنسجة اللثة، فتؤدي إلى تراجعها وتلفها، ما يسهّل على البكتيريا الفموية الدخول إلى مجرى الدم.


 يمكن حتى لأبسط الأنشطة اليومية مثل تنظيف الأسنان بالفرشاة أو استخدام الخيط أو المضغ – فضلًاعن إجراءات الأسنان الطبية –أن توفر مسارًا لهذه البكتيريا لتنتقل عبر الجسم. بمجرد وصولها إلى مجرى الدم، تستطيع بعض الأنواع الالتصاق بالبطانة الداخلية للأوعية الدموية، معطّلة الحاجز الواقي للأوعية، وممهدة الطريق أمام العدوى لتصيب أعضاء حيوية. في الحالات القصوى، قد يؤدي ذلك إلى فشل الأعضاء أو حتى الوفاة.


 لا يقتصر الأمر على العدوى المباشرة؛ فالالتهاب الجهازي يمثل أحد أبرز الروابط بين الفم والقلب. يثير التهاب اللثة المزمن استجابة مناعية طويلة الأمد، تزيد من مستويات مؤشرات التهابية مثل البروتين التفاعلي C والسيتوكينات. تضعف هذه الجزيئات بطانة الأوعية وتساهم في تطور تصلب الشرايين، الذي يضيق الشرايين ويرفع ضغط الدم ويضاعف خطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية.


ويُعترف اليوم بالالتهاب ليس كعرض لأمراض القلب فقط، بل كأحد العوامل المسببة لها، ما يرفع العناية بصحة الفم من شأن تجميلي إلى ركيزة أساسية في الوقاية من أمراض القلب.


 التهاب الشغاف العدوائي


 تزيد صحة الفم السيئة أيضًا خطر التهاب الشغاف العدوائي، وهو عدوى خطيرة تصيب بطانة القلب الداخلية أو صماماته. الأشخاص الذين يعانون تشوهات صمامات القلب أو صمامات اصطناعية أو عيوب خلقية يكونون أكثر عرضةً لهذه الحالة، التي تستلزم في أغلب الأحيان علاجًا مطولًا بالمضادات الحيوية أو حتى الجراحة، ولهذا السبب قد يوصي أطباء الأسنان باستخدام المضادات الحيوية وقائيًا قبل بعض الإجراءات لمرضى القلب المعرضين للخطر.


 أظهرت دراسات وبائية أن المصابين بالتهاب اللثة أكثر عرضةً للإصابة بمرض الشريان التاجي بما يصل إلى ضعف المعدل مقارنة بذوي اللثة السليمة. تشير أبحاث أخرى إلى علاقة "جرعة–استجابة": كلما زادت شدة أمراض اللثة، ارتفع خطر الإصابة بأمراض القلب.


 يساهم التدخين وسوء التغذية والإفراط في الكحول والسكري، في سوء صحة الفم وأمراض القلب. كما تشير أبحاث ناشئة إلى أن الخلل في الميكروبيوم الفموي –أي اختلال التوازن بين البكتيريا النافعة والضارة، قد يؤدي إلى التهابات مزمنة واضطراب في المناعة، ما يفاقم أمراض القلب.


 يجب توضيح أن نظافة الفم وحدها لا تكفي للقضاء على خطر أمراض القلب، فالعوامل الوراثية والنظام الغذائي والنشاط البدني تلعب أدوارًا حاسمة أيضًا، ولكن الحفاظ على نظافة الفم يظل وسيلةً سهلة وفعالة وفي أغلب الأحيان يُغفل عنها في الرعاية الوقائية.


 يزداد وعي المتخصصين في الرعاية الصحية بأهمية التعاون المشترك، يُشجع أطباء القلب على السؤال عن صحة الفم، ويُحث أطباء الأسنان على مراعاة عوامل الخطر القلبية لدى مرضاهم. هذا النهج المتكامل قد يؤدي إلى تشخيص مبكر ورعاية أكثر تخصيصًا ونتائج أفضل على المدى الطويل.


 الفم ليس مجرد بداية لعملية الهضم؛ بل هو جزء محوري من الصحة العامة. إن فهم الصلة بين صحة الفم وصحة القلب يوضح أن تنظيف الأسنان بالفرشاة والخيط بانتظام والفحوص الدورية ومعالجة أمراض اللثة في وقت مبكر لا تحمي الابتسامة فقط ، بل قد تحمي القلب أيضًا.

 



المصادر:


الكاتب

مجد عجاج

مجد عجاج
ترجمة

مجد عجاج

مجد عجاج
تدقيق

مؤمن محمد حلمي

مؤمن محمد حلمي
مراجعة

ميرڤت الضاهر

ميرڤت الضاهر



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة