قبل 78 مليون سنة كويكب اصطدم بالأرض والحياة أزدهرت في فوهته

7 ديسمبر 2025
15 مشاهدة
0 اعجاب

قبل 78 مليون سنة كويكب اصطدم بالأرض والحياة أزدهرت في فوهته


 

 

قبل 78 مليون سنة، اصطدم كويكب يبلغ قطره نحو 1.6 كيلومترًا بما يعرف اليوم بفنلندا، مخلِّفًا حفرة صدمية بعرض 23 كيلومترًا وعمق 750 مترًا. أدى هذا الاصطدام الكارثي إلى تكوين نظام مائي-حراري متشقق داخل الصخور المتحطمة تحت فوهة الاصطدام.

 

 

تُظهر الأدلة المستخلصة من مواقع اصطدام أخرى أنه بعد وقوع التصادم، بدأت الحياة تستعمر الصخور المتحطمة والمياه الساخنة التي كانت تتدفق عبرها. لكن يظل تحديد الزمن الدقيق الذي حدث فيه هذا الاستعمار مهمة صعبة ومعقدة.

 

لأول مرة، تكشف أبحاث جديدة عن التوقيت الدقيق لحدوث ذلك الاستعمار. فقد استطاع فريق من العلماء من تحديد التاريخ الذي بدأت فيه الكائنات الحية المجهرية بالانتشار داخل النظام المائي-الحراري الكامن تحت فوهة اصطدام لاباجارفي الذي يعود تاريخه إلى 78 مليون سنة.

 

يحمل البحث عنوان: «الاستعمار الميكروبي العميق في أثناء الدوران المائي-الحراري الناتج عن الاصطدام في فوهة لاباجارفي، فنلندا»، وقد نُشر في مجلة نيتشر كوميونيكايشنز. المؤلف الأول للدراسة هو جاكوب غوستافسون، طالب دكتوراه في جامعة لينيوس بالسويد.

قال الدكتور غوردون أوسينسكي من جامعة ويسترن في كندا: «هذا بحث مثير للغاية، لأنه يربط الخيوط ببعضها للمرة الأولى».

 

كتب المؤلفون في دراستهم: «طُرحت فرضية مفادها أن الصخور شديدة التصدع الناتجة عن اصطدام النيازك قد تكون بمنزلة بؤر ساخنة لاستعمار الميكروبات على الأرض وعلى أجرام كوكبية أخرى».

 

وجاء في الدراسة أيضا: «لكن البصمات الحيوية لمثل هذا الاستعمار نادرة، والأهم من ذلك أنه لا توجد أي دلائل جيوكرونولوجية مباشرة تربط بين عملية الاستعمار وهذه الأنظمة المائية-الحرارية الناتجة عن الاصطدام».

 

 

يعتمد هذا الاكتشاف على عملية اختزال الكبريتات، إذ تلجأ بعض الميكروبات إلى أسلوب تنفس لا هوائي تُستخدم فيه الكبريتات لاستقبال الإلكترونات بدلًا من الأكسجين. ويُعد هذا المسار عملية أساسية تساهم في دورات الكبريت والكربون على مستوى كوكب الأرض».

 

 

ببساطة، تحلل الميكروبات المركبات العضوية مصدرًا للطاقة، وفي هذه العملية تختزل الكبريتات لتنتج كبريتيد الهيدروجين.

 

استخدم الباحثون تقنيات متقدمة وحديثة لتحليل البصمات الحيوية النظيرية والتأريخ بالنظائر المشعة لتعقب عملية اختزال الكبريتات الميكروبية في المعادن والشقوق داخل النظام المائي-الحراري تحت الفوهة.

 

 

 

قال هنريك دريك، أستاذ في جامعة لينيوس بالسويد والمؤلف الرئيسي للدراسة: «هذه هي المرة الأولى التي يمكننا فيها ربط النشاط الميكروبي مباشرة بتأثير نيزك باستخدام أساليب التأريخ الجيوكرونولوجية. وهذا يُظهر أن مثل هذه الفوهات قد تكون مواطن للحياة لفترة طويلة بعد وقوع الاصطدام».

 

 

وأوضح المؤلفون في بحثهم قائلين: «حدثت أول ترسيبات معدنية عند درجات حرارة صالحة للحياة (47.0 ± 7.1) درجة مئوية قبل نحو 73.6 ± 2.2 مليون سنة، وكانت مصحوبة بوجود معدن البيريت الفقير بالنظير 34S كثيرًا، ما يتوافق مع عملية اختزال الكبريتات بواسطة الميكروبات».

 

 

قال جاكوب غوستافسون، طالب الدكتوراه في جامعة لينيوس والمؤلف الأول للدراسة:


«إن الأمر الأكثر إثارة هو أننا لا نرى فقط علامات للحياة، بل نستطيع تحديد الوقت الدقيق الذي حدثت فيه. هذا يمنحنا جدولًا زمنيًا يوضح كيف تجد الحياة طريقها بعد حدث كارثي».

 

 

 

ظهرت المزيد من الأدلة على استعمار الميكروبات بعد نحو 10 ملايين سنة من الاصطدام، مع استمرار انخفاض درجة الحرارة تدريجيا.

 

 

ترسبت المعادن داخل الفجوات الصخرية، وهو مصطلح جيولوجي يشير إلى تجاويف مبطنة ببلورات معدنية. وتتميز هذه المعادن بوجود كالسيت¹³ الذي يتكون عادةً بالترافق مع عملية اختزال الكبريتات بواسطة الميكروبات.

 

 

يمثل هذا بصمة حيوية قوية ومقنعة تدعم النتائج السابقة. فبعد مرور 10 ملايين سنة على اصطدام الكويكب، تعد هذه المعادن دليلًا إضافيًا على ازدهار الميكروبات لفترة طويلة داخل النظام المائي-الحراري.

 

 

قال المؤلف المشارك الدكتور غوردون أوسينسكي من جامعة ويسترن في كندا:


«هذا بحث مثير للغاية لأنه يربط الخيوط ببعضها للمرة الأولى. في السابق، وجدنا دلائل على استعمار الميكروبات للفوهات الناتجة عن اصطدام الكويكب، لكن كانت هناك دائمًا تساؤلات حول زمن حدوث هذا الاستعمار، وهل كان نتيجة مباشرة لحدث الاصطدام أم نتيجة لعمليات أخرى بعد ملايين السنين، إلى أن جاء هذا البحث».

 

 

تفتح هذه النتائج نافذة لفهم كيفية نشوء الحياة على العوالم الصالحة للسكن.


من المعروف أن الكويكبات تحمل المركبات الأساسية للحياة، بما في ذلك الأحماض الأمينية. ومن الممكن ألا تقتصر مهمتها على نشر هذه المواد في النظام الشمسي والمجرات وفق فرضية البانسبيرميا فحسب، بل قد تخلق أيضًا بيئة جاهزة يمكن للحياة أن تبدأ بها وتثبت أقدامها.

 

يظهر البحث أيضًا كيف يمكن للحياة أن تتعافى بعد حدث كارثي قد يهدد النظام البيئي بالكامل أو يدمره.

 

يقول الباحثون إن استعمار الميكروبات لفوهة لاباجارفي يعد نموذجًا مشابها لظهور الحياة على الأرض المبكرة، وحتى على المريخ. ويمكن استخدام طرقهم التحليلية لدراسة استعمار الميكروبات في فوهات اصطدام كويكبات أخرى على الأرض.

 

 

علاوة على ذلك، يمكن تطبيق هذه الأساليب على أي بعثات إعادة عينات من المريخ أو أي أجرام سماوية أخرى.

 

يختتم المؤلفون بقولهم: «تؤكد هذه النتائج قدرة الاصطدامات النيزكية متوسطة الحجم والكبيرة على توليد أنظمة مائية-حرارية طويلة الأمد، ما يتيح استعمار الميكروبات للفوهة في أثناء تبريدها إلى الظروف المحيطة، وهو تأثير قد يكون له آثار مهمة في ظهور الحياة على الأرض وخارجها».

 

 


المصادر:


الكاتب

أمير المريمي

أمير المريمي
ترجمة

أمير المريمي

أمير المريمي
تدقيق

باسل حميدي

باسل حميدي



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة