قد يكون لون البول علامة تحذير إذا كان الجسم غير قادر على التعامل مع الضغوط اليومية

31 أكتوبر 2025
32 مشاهدة
0 اعجاب

قد يكون لون البول علامة تحذير إذا كان الجسم غير قادر على التعامل مع الضغوط اليومية


 


يعلم معظم الأشخاص بضرورة شرب مزيد من الماء، لكن بحثًا جديدًا كشف عن عواقب غير متوقعة لعدم شرب كميات كافية من الماء قد تؤدي هذه العواقب إلى صعوبة التعامل مع الضغوط اليومية.

 

وفقًا للدراسة المنشورة في مجلة علم وظائف الأعضاء التطبيقي، فإن الأشخاص الذين يشربون أقل من لتر ونصف يوميًا أظهروا مستويات مرتفعة من هرمون الكورتيزول وهو هرمون التوتر الأساسي في الجسم في المواقف العصيبة. على هذا، تشير نتائج الدراسة إلى أن مستويات التجفاف البسيطة المزمنة قد تؤدي إلى تضاعف استجابات التوتر عبر طرائق اكتُشفت أخيرًا.

 

أُجريت اختبارات في أثناء الدراسة على شبان أصحاء عن طريق تقسيمهم إلى مجموعتين استنادًا إلى طريقة استهلاكهم المعتادة للسوائل، إذ استهلكت المجموعة الأولى أقل من لتر ونصف يوميًا، في حين تجاوزت المجموعة الأخرى التوصيات القياسية التي تبلغ نحو لترين للنساء ولترين ونصف للرجال، بعد ذلك أجرى المشاركون اختبار الإجهاد بعد الحفاظ على هذه الأنماط لمدة أسبوع. تضمن الاختبار التحدث أمام الجمهور والحساب الذهني. شعرت كلتا المجموعتين بنفس درجة التوتر وأظهرتا زيادة مماثلة في معدل ضربات القلب، لكن المجموعة التي استهلكت كميات قليلة من السوائل عانت ارتفاعًا أكثر حدة في مستويات الكورتيزول، وهي استجابة قد تثبت خطورتها إذا تكررت يوميًا على مدى أشهر أو سنوات، إذ قد يؤدي الارتفاع المزمن في مستويات الكورتيزول إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب ومشكلات في الكلى وداء السكري.

 

من المدهش أن المشاركين الذين يعانون نقصًا في الترطيب لم يبلغوا عن شعورهم بالعطش أكثر من نظرائهم الذين يتمتعون بترطيب جيد، لكن الأعراض التي ظهرت على أجسادهم كشفت عن التأثير السلبي لنقص السوائل لديهم، إذ دل البول الداكن والمركز على إصابتهم بالجفاف، ما يثبت أن العطش وحده لا يعني بالضرورة أن الجسم بحاجة للسوائل.

 

تُعزى آلية تضخيم تأثير التوتر إلى نظام إدارة المياه المتطور في الجسم، فعندما يكشف الدماغ عن حالة الجفاف يفرز هرمون الفازوبريسين الذي يوجه الكليتين إلى تقليل فقدان الماء والحفاظ على حجم الدم ضمن الحد اللازم، لكن هرمون الفازوبريسين لا يعمل بمعزل عن غيره من الهرمونات ما قد يعزز إفراز هرمون الكورتيزول في اللحظات التي تستدعي التوتر.

 

لذا، فإن آلية التضخيم هذه تخلق عبئًا فيزيولوجيًا مزدوجًا. مع أن هرمون الفازوبريسين يساعد على الحفاظ على الماء في الجسم وترطيبه، لكنه في الوقت نفسه يجعل الجسم أكثر تفاعلًا مع التوتر. على سبيل المثال، في حال كان الشخص يواجه ضغوطًا يومية كمواعيد العمل النهائية ومسؤوليات الأسرة والالتزامات المالية، فإن هذه الاستجابة المتزايدة قد تتراكم لتتحول إلى أضرار صحية كبيرة بمرور الوقت.

 

تضيف النتائج التي خلصت إليها الدراسة عامل الترطيب إلى القائمة المتزايدة للعوامل الحياتية التي تؤثر في القدرة على تحمل التوتر، إذ يؤدي كل من النوم، والتمارين الرياضية، والتغذية، والروابط الاجتماعية دورًا هامًا في كيفية تعاملنا مع تحديات الحياة. فيبرز الماء عاملًا أساسيًا في إدارة الإجهاد لكنه لا يحظى بالتقدير الكافي.

 

تتجاوز الآثار الناجمة عن التوتر الفيزيولوجيا الفردية، ففي المجتمعات التي يعترف فيها بنحو متزايد بالتوتر المزمن بوصفه أزمة صحية عامة، يبرز الترطيب حلًا سهل التنفيذ. على نقيض كثير من استراتيجيات إدارة التوتر التي تتطلب وقتاً أو موارد كبيرة، يعد شرب كميات كافية من الماء أمراً بسيطًا ومتاحًا للجميع. مع ذلك، لا يشير البحث إلى أن الماء هو العلاج الأمثل للتوتر.

 

شملت الدراسة شبابًا يافعين أصحاء خضعوا لظروف مختبرية تحت الرقابة، لكن لا يمكنها محاكاة الضغوطات النفسية والاجتماعية المعقدة التي يواجهها الناس في الحياة اليومية على نحو كامل، إذ لا يمكن للترطيب وحده معالجة جميع جوانب التوتر في العالم الحقيقي. لذلك، نحتاج إلى دراسات طويلة الأمد لتأكيد ما إذا كان الحفاظ على الترطيب الأمثل يقلل حقًا من المشكلات الصحية المرتبطة بالتوتر على مدى سنوات أو عقود.

 

تختلف احتياجات الماء الفردية بصورة كبيرة بحسب بعض العوامل مثل العمر وحجم الجسم ومستويات النشاط والمناخ. على هذا، فإن المبادئ التوجيهية تقدم أهدافًا مفيدة، لكن المنبهات مثل الشاي والقهوة، والحليب، والأطعمة الغنية بالماء تسهم أيضًا في الاستهلاك اليومي للسوائل. المفتاح هو الاستمرارية وليس الكمال.


يشير الفحص البسيط لمراقبة لون البول إلى إشارات عدة، إذ يشير اللون الأصفر الباهت عادةً إلى حاجة الجسم إلى ترطيب كافٍ، في حين أن اللون الداكن للبول يشير إلى زيادة احتياجات الجسم للسوائل. هذا النهج العملي يزيل التخمين من عادة يومية أساسية. تنبثق الصحة الجيدة من الخيارات اليومية المتراكمة بدلاً عن التدخلات الجذرية. مع أن الترطيب اللازم لن يزيل ضغوط الحياة، لكنه قد يساعد على ضمان أن يكون الجسد مجهزاً بصورة أفضل للتعامل معها. ففي عالم يشعر فيه الناس بأن التوتر حتمي، قد تثبت هذه الميزة الفيزيولوجية أنها أكثر قيمة مما أدركناه سابقًا ويظل الماء ضروريًا للحياة وليس مجرد البقاء على قيد الحياة.


يشير البحث إلى أن الماء قد يكون ضروريًا أيضاً لإدارة المتطلبات النفسية للحياة الحديثة، ما يقدم أداة بسيطة لكنها قوية لدعم المرونة الجسدية والنفسية على حد سواء.






المصادر:


الكاتب

عبير خالد

عبير خالد
تدقيق

ريمي سليمان

ريمي سليمان
مراجعة

باسل حميدي

باسل حميدي
ترجمة

عبير خالد

عبير خالد



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة