نادرًا ما كانت تُجرى العمليات الجراحية الاختيارية قبل اكتشاف التخدير الفعّال، منذ عام 1821 إلى 1846، حيث سجّلت التقارير السنوية التابعة لمشفى (MGH) ما يُقارب 333 عملية جراحية وهذا يعادل حالة أو أكثر شهريًا.

كيفية أجراء الجراحة قبل التخدير الحديث

كانت الجراحة خيار يائس وأخير، وعندما نعود بالذاكرة إلى عصر ما قبل الجراحة في 1897 حيث قارن طبيب عجوز من بوسطن العمليات الجراحية بمحاكم التفتيش الإسبانية فاسترجع الصرخات والصيحات التي كانت أكثر فظاعةً في ذاكرته حتى بعد مضي سنوات عديدة على هذا.

استُعمِلت العديد من التقنيات لتخدير الحواس عبر القرون من أجل إجراء الجراحة، كالمنومات (الأدوات التي تخدر الوعي وتحفز النوم) والمسكنات التي كانت تُحضَّر من النباتات مثل الماريغوانا، البلادونا وجيمسونويد.

حاول المعالجون خلق حالة تخديرية نفسية عن طريق التنويم المغناطيسي، واستخدام الإلهاء بأن يُعرَّض المريض لمهيجات أخرى كالوخز بالإبر وغيرها، ومن الطرق القاسية المباشرة هي تحريض حالة من عدم الإحساس وذلك بقرع أبواب اللاوعي لدى المريض ولكمه على الحنك.

بحلول عام 1846 كان الأفيون والكحول هي الأدوات الوحيدة التي بقيت محتفظة بقيمتها العملية في تقليل الألم الناتج عن العمليات الجراحية، ولسوء الحظ فإن الجرعات الكبيرة من الكحول اللازمة لإنتاج حالة التخدير كانت تسبب الغثيان والإقياء والموت بدلًا من النوم، وبالرغم من كون الأفيون مسكنًا للألم فإن له أعراض جانبية ملحوظة وفعالية قليلة في تثبيط آلام ما بعد الجراحة بشكل كامل.

إن الحقيقة الواضحة والمأساوية في الوقت نفسه هي أن الفترة الفاصلة بين اكتشاف الآثار التخديرية للأدوية المستنشقة واستعمالاتها السريرية واسعة النطاق هي حوالي نصف القرن وأن تجميع الحالات ودراستها في عهد ما قبل التخدير كان سيئًا جدًّا، ولحسن الحظ كان واقعًا فقط لعدة عقود من الزمن أما الآن فمن السهل تجاوز الأعباء المرتبطة بآلام الجراحة.

في الذكرى السنوية ال150 لأول وصف للتخدير أمام العامة يمكننا أن نسلط الضوء بفخر على إنجاز “مورتون” وآخرون مثله نهضوا بعلم وفن التخدير.


ترجمة: رغد القطلبي
تدقيق: داليا المتني
تحرير: كنان مرعي
المصدر