لماذا يتحدث البعض في أثناء النوم؟

5 ديسمبر 2025
21 مشاهدة
0 اعجاب

لماذا يتحدث البعض في أثناء النوم؟

 


 

هل استيقظت يومًا في منتصف الليل لتسمع زوجتك أو طفلك يتمتم بكلمات غير مفهومة بينما لا يزال غارقًا في النوم؟

 

قد يبدو المشهد غريبًا، لكنه أكثر شيوعًا مما نظن. فكثيرون يتحدثون في أثناء نومهم من دون وعي، ولا يدركون ذلك إلا عندما يخبرهم الآخرون. وقد يتراوح الكلام بين همهمة مبهمة وجمل كاملة بلغة واضحة، ما يثير مخاوف بعض الناس من إفشاء أسرارهم الشخصية.

 

يُصنَّف التحدث في أثناء النوم ضمن اضطرابات النوم غير الطبيعية، أو ما يُعرف طبيًا بـ"خطل النوم" (Parasomnia)، وهي مجموعة من السلوكيات التي تحدث في أثناء النوم مثل المشي أو الشلل النومي.

 

وتشير الدراسات إلى أن نحو اثنين من كل ثلاثة أشخاص يتحدثون في أثناء نومهم في مرحلة ما من حياتهم، وتبدو هذه الظاهرة أكثر شيوعًا بين الأطفال.

 

يُرجّح العلماء أن السبب يكمن في عدم نضج الدماغ بالكامل لدى الأطفال، إذ لا يتمكن من الانتقال بين مرحلتي النوم واليقظة بسلاسة مثل دماغ البالغين. ولا يحتاج الأطفال أيضًا إلى نوم أطول وأقل انقطاعًا، ما يزيد فرص ظهور هذه الظاهرة لديهم.

 

وتوضح الطبيبة جون سيلبر كلاين، أخصائية طب النوم والمديرة الطبية في شركة Ognomy Inc، أن الأطفال يقضون نسبة أكبر من نومهم في مرحلة حركة العين السريعة (REM) مقارنةً بالبالغين، وهي المرحلة التي يُعد فيها التحدث في أثناء النوم سلوكًا طبيعيًا في بعض الأحيان.

 

ولا يقتصر الأمر على الأطفال، فالبالغون قد يواجهون هذه الظاهرة. وتشير الإحصاءات إلى أن واحدًا من كل عشرين بالغًا يتحدث في أثناء نومه من حين إلى آخر. ويرتبط ذلك غالبًا بعوامل وراثية، إذ تميل هذه الاضطرابات إلى الانتشار داخل العائلات وتظهر أحيانًا مع اضطرابات أخرى مثل صرير الأسنان أو الكوابيس.

 

وتؤثر الضغوط النفسية أيضًا في احتمال حدوث التحدث في أثناء النوم. فعندما يرهق العمل أو القلق أو الالتزامات الاجتماعية الدماغ، يصعب عليه الانتقال السلس إلى حالة النوم التام، ما يؤدي إلى بقاء بعض مناطق الوعي نشطة في أثناء النوم.

 

وتشير دراسات أخرى إلى أن المرض أو الحمى أو تأثير المخدرات والكحول أو بعض الأدوية، قد تؤدي إلى نفس النتيجة. إذ لوحظ أن مضادات الاكتئاب، وأدوية الربو، والمهدئات مثل Ambien، قد تزيد احتمالية التحدث في أثناء النوم.

 

ورغم غرابة الظاهرة، يؤكد الأطباء أنها غير خطيرة في الغالب، وإن كانت قد تسبب إزعاجًا لشركاء السكن. لكنها قد تُشير أحيانًا إلى مشكلات أكثر خطورة مثل انقطاع النفس في أثناء النوم (OSA) أو اضطراب سلوك نوم حركة العين السريعة (RBD)، وهو اضطراب قد يجعل النائم يتحرك أو يصرخ في أثناء الحلم.

 

وفي النهاية، يبقى التحدث في أثناء النوم سلوكًا شائعًا وغير ضار في أغلب الحالات. لكن إذا تكرر أو ترافق مع اضطرابات نوم أخرى، فمن الأفضل مراجعة طبيب مختص لتحديد السبب ووضع خطة علاج مناسبة.

 

هل التحدث في أثناء النوم خطر؟

 

عادةً لا يُعدّ التحدث في أثناء النوم أمرًا خطيرًا. فقد يكون مزعجًا للشريك أو لزميل الغرفة، لكنه لا يشكل خطرًا بحد ذاته.

 

تؤكد مؤسسة النوم الأمريكية سليب فاونديشن، أنه في معظم الحالات يكون التحدث في أثناء النوم سلوكًا غير مؤذٍ، ولا يؤثر عادةً في جودة النوم، ولا يحدث بصورة متكررة كافية لإحداث مشاكل حقيقية.

 

لكن هناك حالات نادرة قد يشير فيها إلى اضطراب أكثر خطورة. فقد يرتبط بانقطاع النفس في أثناء النوم –وهو اضطراب يتوقف فيه التنفس لفترات وجيزة– أو قد يكون مصحوبًا بالمشي في أثناء النوم، ما قد يؤدي إلى مواقف خطيرة.

 

وفي بعض الحالات الأخرى، قد يكون علامة على اضطرابات مثل نوبات الذعر الليلي أو اضطراب سلوك نوم حركة العين السريعة (RBD). ويبدأ هذا الاضطراب عادةً بأحاديث بسيطة في أثناء النوم، لكنه قد يتطور إلى صراخ أو حركات عنيفة مثل الركل أو اللكم في أثناء النوم.

 

 

ماذا يمكن فعله حيال التحدث في أثناء النوم؟

 

نظرًا لأنه أمر طبيعي وغير خطر غالبًا، فلا حاجة لاتخاذ إجراءات خاصة. ولا يملك الأطباء طريقة مضمونة لإيقافه.

 

توضح مؤسسة النوم أن أسباب التحدث في أثناء النوم غير مفهومة تمامًا، لذلك لا توجد وسائل مؤكدة لوقفه. ومع ذلك، يمكن تحسين ما يسمى "نظافة النوم" للحد من حدوثه.

 

ويشمل ذلك:

 

●     الذهاب إلى الفراش في وقت ثابت كل يوم.

 

●     تجنب الكافيين بعد الظهر والمساء.

 

●     الابتعاد عن الشاشات والإضاءة الزرقاء قبل النوم.

 

●     ممارسة الرياضة واتباع أسلوب حياة صحي.

 

تقول الطبيبة ميلينا بافلوفا، اختصاصية: الأعصاب في مستشفى بريغهام للنساء: «نريد أن يشعر الجسم بأنه مستعد للنوم قدر الإمكان، وأي عوامل تشويش تفعل العكس تمامًا».

 

أما إذا في حال الالتزام بكل ذلك وما زال يوجد شعور بالإرهاق صباحًا، فقد يكون من المفيد زيارة طبيب مختص.

 

تقول الطبيبة ميشيل درروب من عيادة كليفلاند: «إذا بدأ التحدث في أثناء النوم فجأة في مرحلة البلوغ، أو كان مصحوبًا بخوف شديد أو صراخ أو حركات عنيفة، فيجب استشارة طبيب نوم مختص». وقد يوصي الطبيب بإجراء دراسة للنوم (Sleep Study) للكشف عن أي اضطرابات مرافقة مثل انقطاع النفس أو اضطراب حركة الأطراف في أثناء النوم.

 

 

هل يمكن أن نكشف أسرار شخص عن طريق حديثه في أثناء النوم؟

 

سؤال شائع! فقد اعتادت الأفلام أن تُظهر الجواسيس أو العشاق وهم يبوحون بأسرارهم في أثناء النوم.

 

لكن لا داعٍ للقلق، فعلى الأرجح لن يفضح أحدهم أسراره في نومه.

 

وفي دراسة أجريت عام 2017 على أكثر من 200 شخص، تبيّن أن ثلثي العبارات التي نطقوا بها في أثناء النوم لم تكن كلمات مفهومة أصلًا. وغالبًا ما كانت الكلمات المفهومة هي "لا" أو أسئلة أو حتى ألفاظ نابية.

 

ويبدو أن ما يُقال في أثناء النوم لا يكون بالضرورة مرتبطًا بالأحلام، وإن كان في بعض الأحيان انعكاسًا لمشاعر سلبية أو نقاشات داخلية. وتُظهر طريقة الكلام -من حيث القواعد والتوقفات وكأنها حوار- أن الشخص ربما يعيد تمثيل مواقف أو جدالات في ذهنه في أثناء الحلم.

 

ومع ذلك، يصعب تفسير هذه العبارات، إذ لا يتذكر النائم عادة ما قاله، ولا يستطيع من يسمعه أن يفهم منه معنى واضحًا.

 

لذلك، لا يمكن الاعتماد على حديث النوم على أنه وسيلة لاكتشاف الأسرار أو نوايا الشخص الحقيقية.

 

تؤكد بافلوفا في ختام حديثها: «إذا كنت تبحث عن إكسير للحقيقة، فلن تجده في حديث النوم. فهذه مجرد خرافة استمرت لعقود».

 

 

 



المصادر:


الكاتب

تيماء القلعاني

تيماء القلعاني
تدقيق

مؤمن محمد حلمي

مؤمن محمد حلمي
مراجعة

باسل حميدي

باسل حميدي



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة