يُعَدُّ مرضُ «قصورِ القلب» أو «فَشَلِ القلب الاحتقاني» (Heart failure) من الأمراضِ المزمنةِ، والخطيرةِ والمقلِقَة على مستوى الصَّحةِ العامَّة، حيث يَموتُ حوالي نصف الحالات المشخَّصة بهذا المرضِ خلال السنوات الخمس التي تلي التشخيص، مِمَّا يعني أنَّ معدَّل وفيات هذا المرض أعلى من معدَّلِ وفيَّاتِ مرضِ السَّرطان!
يصيبُ هذا المرضُ العضلةَ القلبيَّةَ التي تغدو غيرَ قادرةٍ على الانقباض (contraction) الكافي مِمَّا يؤثِّرُ سلبًا على قدرتِها على ضخِّ الدَّمِ بكميَّاتٍ كافيةٍ لجميعِ أعضاء الجسم.
ومن المعروفِ أنَّ الدَّم يحوي الأكسجين والأغذية التي تحتاجها خلايا الجسم للقيامِ بوظائِفِها، وبالتالي فإنَّ عدمَ حصولِها على القدر الكافي من الدَّم يعني عدم حصولها على القدر الكافي من الأكسجين والغذاء اللازمين، مِمَّا يُعَرِّضُ جسمَ المريضِ لمضاعفاتٍ خطيرةٍ منها الفشل الكلوي (kidney failure)، ومشاكل في صمَّاماتِ القلب (heart valve)، وضرر في الكبد، بالإضافةِ إلى السكتةِ أو النوبةِ القلبيَّة (myocardial infarction).
وتُعتَمَدُ زراعةُ «مُنَظِّمٍ لضرباتِ القلب» (pacemaker) في علاجِ مرضِ «قصور القلب» بغيةَ إعادةِ التوازنِ لتقلُّصِ العضلةِ القلبيَّةِ وبالتالي تنظيم ضربات القلب عن طريقِ تنبيهاتٍ كهربائيَّة (electrical stimulation). ولكنَّ التنبيهاتِ الكهربائيَّةَ التي يطلِقُها هذا المنظِّم محصورةٌ في نقطةٍ واحدةٍ من القلب ولا تغطِّي القلبَ بأكمَله، كما وأنَّ هناك بعض الحالات المرَضيَّة التي لا يمكنُ علاجها عبر زراعة هذا المنظِّم.

فما الحلُ إذًا؟
ابتكر العالِم «جنكيونغ بارك» (Jinkyung Park) – من معهد العلوم الأساسيَّةِ (Institute for Basic Science) في «سيول»(Seoul) / كوريا الجنوبيَّة –وفريقُه شبكةً كهروميكانكيَّةً (electromechanical) رقيقةً تحاكي عَمَلَ العضلةِ القلبيَّةَ، ويُأمَلُ أن تكونَ قادرةً على علاج مرض «قصور القلب».
تَتألَّفُ هذه الشبَكَةُ من خيوطٍ رفيعةٍ جدًا من الفضَّةِ (silver nanowires) داخلَ مطَّاطٍ مرنٍ (rubber polymer)، وهي تُغَلَّفُ الجزءَ الأسفلَ من العضلةِ القلبيَّة المسمَّى بالبُطَين (ventricles). ونظرًا لوجود المطَّاطِ المرن، فإنَّها قادرةٌ على أخذ شكلِ القلب الثلاثي الأبعاد مهما كان هذا القلب، مِمَّا يشكِّلُ جاربًا قلبيًّا أو ما يشبهُ العناقَ الكهروميكانيكي (electromechanical hug)!

وتدفعُ هذه الشبكةُ العضلةَ القلبيةَ إلى التقلُّصِ بانتظام عبر تنبيهاتِها الكهربائيَّة، مِمَّا يساعدُ هذه العضلةَ على استعادةِ توازِنِها الطبيعي وضخ الدَّمِ بالقدر الكافي وهذا ما يساهمُ مساهمةً فاعلةً في علاج مرضِ «فَشَلِ القَلْبِ الاحتقاني».
وتمتازُ هذه الشبكةُ عن «منظِّمِ ضربات القلب» (pacemaker) بتوزيعِها التنبيهاتِ الكهربائيَّةِ على القلبِ بأكمله (يعني أنَّ هذه التنبيهاتِ لم تَعُد محصورةً في نقطةٍ واحدةٍ كما كان يفعلُ المنظَّم)، بالإضافةِ إلى أنَّها توصِلُ التدفعاتِ الكهربائيَّة التي تنتجها خلايا القلب السليمة إلى الخلايا غيرِ السليمةِ منه.
وقد أثبتت هذه الشبكةُ فعاليَّتها على الفئران التي أجرى عليها «بارك» وفريقه تجارِبَهم والتي كانت تعاني من «احتشاء عضلة القلب» (infarction)، حيث تماهت الشبكةُ مع نسيجِ عضلةِ الفئران القلبيَّةِ وتمكنَّت من تحسين أداء هذه العضلة.

وانطلاقًا من هذه النتيجةِ، يأمَلُ «بارك» وفريقه أن تشكِّلَ هذه الشبكةُ المبتكرةُ علاجًا ثوريَّا لمرضى «القصور القلبي»، خصوصًا وأنَّ اختبارَ فعاليَّة أجهزة مُمَاثلة (توضع على غشاءِ القلب) على المرضى لم يكن مُرْضِيًّا على المدى البعيد إلى حدِّ الآن.

إعداد : هنادي نصرالله
المصدر الأول
المصدر الثاني
المصدر الثالث
المصدر الرابع