يسعى العلماء إلى خلق شبكة عالمية من الساعات الذرية التي ستمكننا من فهم القوانين الأساسية للفيزياء والبحث في المادة المظلمة والتجول عبر الأرض والفضاء بدقة أكبر، وغيرها الكثير.

لكن لتحقيق أقصى فاعلية لها يجب أن تتصل هذه الساعات مع بعضها بسرعة وكفاءة عبر طبقات الغلاف الجوي، وهذا ليس سهلًا أبدًا.

لخص بحث جديد تجربةً ناجحةً لشعاع من الليزر بقي مستقرًا لمسافة 2.4كم (ميل ونصف). على سبيل المقارنة، فالرابطة الجديدة أكثر استقرارًا بمئة مرة من أي طريقة ربط سبقتها، وهي أيضًا تظهر استقرارًا أفضل ألف مرة تقريبًا من الساعات الذرية التي ربما يُستخدم هذا الليزر لمراقبتها.

كتب الباحثون: «تظهر النتائج أن تقنيات استقرار الطور والسعة المقدمة في هذا البحث يمكن أن تقدم الأساس لمقارنة مقياس زمني فائق الدقة للساعات الذرية الضوئية عبر الغلاف الجوي المضطرب».

يعتمد النظام على بحث أُجري السنة الماضية، طور العلماء عبره ارتباطًا ليزريًا قادرًا على الحفاظ على نفسه عبر الغلاف الجوي بدرجة استقرار غير مسبوقة.

في الدراسة الجديدة، أطلق الباحثون شعاعًا من الليزر من نافذة في الطابق الخامس باتجاه عاكس يبعد 1.2 كم (0.74 ميل). ارتد الشعاع إلى المصدر معيدًا الكرَّة مدة خمس دقائق.

تمكن الفريق من إبقاء الليزر مستقرًا خلال الجيوب الهوائية المضطربة باستخدام تقنيات تقليل الضجيج والتحكم بالحرارة وتعديلات طفيفة على العاكس.

يُحتمل أن الاضطراب في الغلاف الجوي قرب مستوى الأرض يعادل الاضطراب بين الأرض والقمر الصناعي (الهواء أهدأ وأقل كثافةً في الطبقات العليا للغلاف الجوي) لمسافة مئات الكيلومترات.

في حين بقيت دقة الليزر ثابتة لعقد أو نحوه، فقد رأينا بعض التحسينات الكبيرة في الآونة الأخيرة؛ منها نظام ليزر يعمل بمشاركة شبكة بولدر الضوئية للساعات الذرية Boulder Atomic Clock Optical Network. BACON الذي اختُبر في مارس الماضي.

هذا النظام تضمن الليزر النبضي عوضًا عن الليزر ذي الموجة المستمرة الذي اختُبر في هذه الدراسة الجديدة. كل من النوعين له سلبياته وإيجابياته في ظروف مختلفة، لكن الليزر المستمر يقدم استقرارًا أفضل، ويمكنه نقل بيانات أكثر في الزمن نفسه.

يقول عالم الفيزياء الفلكية دافيد غوزارد من جامعة غرب أستراليا: «كلا النظامين يتفوقان على أفضل ساعة ذرية في الوقت الراهن؛ لذلك فنحن نخوض في تفاصيل بالغة الدقة هنا، لكن دقتنا النهائية أفضل».

حالما تُركب شبكة ساعات ذرية، ستكون نظرية النسبية العامة لأينشتاين من بين التجارب التي يمكن للعلماء اختبارها، وكيف يمكن حل مشكلة عدم توافقها مع ما نعرفه عن الفيزياء الكمية.

عبر المقارنة الدقيقة لقياس الوقت بين ساعتين ذريتين -واحدة على الأرض والأخرى في الفضاء- يأمل العلماء أن يتمكنوا أخيرًا من اكتشاف أين تصمد النسبية العامة وأين لا تصمد.

إذا كانت أفكار أينشتاين صحيحةً، فالساعة الأبعد عن الجاذبية الأرضية يفترض أن تدق أسرع ولو بقليل. لكن فائدتها لا تتوقف هنا، هذا النوع من الليزر يمكن أن يستخدم في النهاية لإدارة إطلاق الأشياء إلى المدار، وللاتصالات بين الأرض والفضاء، أو للوصل بين نقطتين في الفضاء. يقول غوزارد: «بالتأكيد، لا يمكنك مد كابل ألياف ضوئية إلى قمر صناعي».

اقرأ أيضًا:

ما هي الساعات الذرية وكيف تعمل؟

كيف تعمل أسلحة الليزر؟

اقتراح جديد لإنشاء ثقوب سوداء صناعية باستخدام الليزر لدراسة إشعاع هوكينج

ترجمة: إيهاب عيسى

تدقيق: إيناس خير الدين

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر