تخبرنا أنماط المجرات الحلزونية أن بنية الكون ليست عشوائيةً، نحن نعلم بالفعل أن الكون ليس مجرد كتلة غير منتظمة من المواد الفضائية، رغم ذلك ما زال هناك الكثير لنتعلمه عن الكون، ومع علمنا بأن كل شيء مرتبط بشبكة خيوط واسعة، فإننا نميل إلى افتراض أن توزيع المجرات بين تلك الخيوط عشوائي إلى حد ما، بعبارة أخرى، يعتقد العلماء أنك إذا رصدت رقعةً من السماء، ستلاحظ أن جميع اتجاهات دوران المجرات في تلك الرقعة تبدو متساويةً تقريبًا، لكن تبيّن مؤخرًا أن هذا الافتراض قد يكون خاطئًا.

أجرى الفلكي الحسابي ليور شامير من جامعة ولاية كانساس دراسةً استقصائية لمئتي ألف مجرة، ووجد أن توزيع اتجاه الدوران يشكّل نمطًا غير عشوائي، ربما يتناسب هذا النمط مع الاصطفاف الرباعي باحتمالية أكبر من أن تكون صدفة، ما يشير إلى أن الكون المبكر ربما كان يدور مثل مجرة عملاقة.

قدّم شامير بحثه -الذي لم يُراجَع بعد- في الاجتماع رقم 236 للجمعية الفلكية الأمريكية. يقول شامير في بحثه: «تقدم بيانات الخلفية الكونية الميكروية دليلًا على احتمال استقطاب النطاق الكوني، وتتناسب مع الاصطفاف الرباعي، أدت هذه الملاحظات إلى تغيّر النماذج الكونية المعيارية، ولما كان نمط دوران المجرة كما نراه من الأرض يُعَد دليلًا على اتجاه الدوران الفعلي للمجرة، فإن الأنماط واسعة النطاق في توزيع اتجاه الدوران قد تكون دليلاً على كون دوّار».

إن المجرات الحلزونية مرتبة نسبيًا ومحددة جيدًا على شكل قرص مسطح، وأذرع حلزونية، ودوران يمكننا قياسه استنادًا إلى إزاحة دوبلر للضوء من جانبي القرص.

يتكون الضوء المُزاح نحو الأزرق من أطوال موجية أقصر، ويشير إلى الدوران تجاهنا، في حين يتكون الضوء المُزاح نحو الأحمر من أطوال موجية أطول، ويشير إلى الدوران بعيدًا عنا.

للمجرات اتجاها دوران فقط، إما في اتجاه دوران عقارب الساعة أو عكس دوران عقارب الساعة، لو كان الكون موحد الخواص أو منتظمًا في جميع الاتجاهات كما يوضح المبدأ الكوني، فيجب أن تكون نسبة المجرات التي تدور مع عقارب الساعة مقابل المجرات التي تدور عكس عقارب الساعة هي نسبة 50:50.

لكن عندما أجرى شامير تعداده باستخدام البيانات المأخوذة من مسح سلون الرقمي للسماء، وتلسكوب المسح البانورامي ونظام الاستجابة السريعة، اكتشف شيئًا غريبًا جدًا.

كانت النسبة في الواقع 51:49، إذ فاق عدد المجرات التي تدور مع دوران عقارب الساعة عدد المجرات التي تدور في الاتجاه المعاكس، ربما يبدو الفارق بسيطًا، لكن شامير يرى أن فرصة تحقق نسبة كهذه في كون غير متماثل هي على الأقل واحد لكل مليار.

خارطة مولڨيدي الرباعية للسماء توضح توزيع اتجاهات دوران المجرة

خارطة مولڨيدي الرباعية للسماء توضح توزيع اتجاهات دوران المجرة

وجد شامير أيضًا أن عدم التماثل نفسه ليس منتظم التوزيع، فبالقرب من الأرض يكون توزيع المجرات متساويًا، لكن كلما ابتعدنا في الكون يظهر عدم التماثل أكثر، ويعتقد شامير أن هذه النتائج ربما تقترح أن الكون المبكر كان أقل فوضويةً مما هو عليه اليوم، وأن تناسقه يتناقص بمرور الوقت.

يتناسب الاختلاف في عدم التماثل عبر أجزاء مختلفة من الكون مع نمط رباعي المحاور، أي أن الكون لم يكن يدور حول محور واحد، بل حول أربعة محاور في محاذاة معقدة.

يُشار إلى المحور الرباعي الموجود في الخلفية الكونية الميكروية (الإشعاع الخافت المتبقي من الانفجار العظيم الذي نشأ منه الكون) بأنه (شذوذ) أو (عقدة) أو (محور شر).

نظرًا إلى أن الخلفية الكونية الميكروية باهتة جدًا، فمن المحتمل أن تصل الإشارة ملوثةً بسبب الضوء الأكثر إشراقًا في كوننا اليوم.

مع ذلك يسهل قياس دوران المجرات ، تشير أبحاث شامير إلى أن شذوذ الخلفية الكونية الميكروية رباعي المحاور قد يُشكل مشكلةً أخطر مما ظن علماء الكونيات.

يقول شامير: «لا يوجد خلل أو تلوث قد يكشف عن نفسه عبر هذه الأنماط الفردية المعقدة والمتسقة، لدينا مسحان مختلفان للسماء يُظهران نفس الأنماط بالضبط، حتى عندما تكون المجرات مختلفة تمامًا، لا خطأ قد يؤدي إلى ذلك. تلك هي سمات كوننا الذي نعيش فيه، موطننا»

اقرأ أيضًا:

اشعاع الخلفية الكونية الميكروي : بقايا الانفجار العظيم

قد يكون الكون مجرد حلقة ضخمة

ترجمة: الزهراء عمر

تدقيق: سمية المهدي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر