وفقًا لدراسة جديدة، فإن الإشارة التي عُدَّت سابقًا مصدر أول ضوء أنار الكون، ربما ليس من أقاصي الكون، أو حتى من الفضاء. ذُكرت «الإشارة» في ورقتين بحثيتين عام 2018، وكان لها بعض الخصائص الغريبة التي يصعب تفسيرها بواسطة الفيزياء الفلكية الحالية.

إذا لم تكن هذه الإشارة ضوءًا من النجوم الأولى التي لمعت في الظلام المبكر المعروف باسم «الفجر الكوني»، فقد لا نحتاج إلى فيزياء فلكية جديدة لتفسيرها.

كتب فريق العلماء بقيادة سوراب سينغ من معهد أبحاث رامان في الهند: «أبلغنا عن مقياس الإشعاع لطيف من سماء الراديو في نطاق 55-85 ميجاهرتز، ما يوضح أن المعلومات التي وجدها بومان وآخرون في بيانات تجربة(EDGES)، ليست من أصل فيزيائي فلكي، وقد رُفضت بنسبة 95.3%»

«عدم اكتشافنا لصحة الإشارة مثير للشك، إذ إن المعلومات التي وجدها بومان وزملاؤه ليست دليلًا على فيزياء فلكية جديدة أو علم كونيات غير قياسي».

تشمل فترة الفجر الكوني نحو 50 مليون إلى مليار سنة بعد الانفجار العظيم، وهي فترة مهمة وطويلة في تاريخ كوننا الذي لم يكن بصورته الحالية قبل ظهور النجوم، بل كان مليئًا بضباب كثيف حار من غاز متأين، ولم يكن الضوء قادرًا على الانتقال بحُرية عبره بسبب تشتت الإلكترونات الحرة.

عندما بدأ الكون يبرد، بدأت البروتونات والإلكترونات بتشكيل ذرات الهيدروجين المتعادلة، وتمكن الضوء من السفر عبر الفضاء. وعندما بدأت النجوم والمجرات الأولى بالتشكل بعد نحو 150 مليون سنة من الانفجار العظيم، أدى ضوؤها فوق البنفسجي إلى إعادة تأين الهيدروجين المتعادل في كل أنحاء الكون، ما سمح لكامل طيف الإشعاع الكهرومغناطيسي بالتدفق بحرية.

بحثت تجربة (EDGES) عن الإشارة بترددات لاسلكية منخفضة، وقد حققت نجاحًا، مع أن العلماء لم يتوقعوا الإشارة الواردة، إذ كانت سعتها ضعفي المتوقع، ما يعني أن غاز الهيدروجين الذي مر الضوء من خلاله كان أبرد مما توقعه العلماء.

استنتج الفريق أن الشيء الوحيد الذي بإمكانه تبريد الغاز إلى هذه الدرجة في تلك المرحلة من عمر الكون هو المادة المظلمة، التي قد تكون خصائصها مختلفة تمامًا عن توقعاتهم.

استخدم سينغ وزملاؤه مقياس إشعاع الخلفية للطيف الراديوي، للتحقق من صحة الإشارة، لأن مثل تلك النتائج غير العادية تتطلب مزيدًا من البحث.

أطلقوا الإشعاع من البحيرات النائية في جنوب الهند أوائل عام 2020، وراقبوا السماء بحثًا عن الإشارة التي اكتشفتها تجربة (EDGES). بعد معالجة البيانات وتحليلها لم يجد سينغ وزملاؤه أي إشارة، ولم تكرر أجهزتهم تشويه الطيف الراديوي الموجود في بيانات تجربة (EDGES).

كتب الباحثون: «المعلومات التي وجدها بومان وزملاؤه، لم تُكتشف في تحليل إشعاع الخلفية للطيف الراديوي، ويُظهر تحليل الترابط أن التشويه الموجود في طيف تجربة (EDGES)، غير موجود في البيانات التجربة الأحدث. تشير هذه الحقائق إلى أن التشويه الطيفي الكبير في التجربة السابقة هو خطأ مرتبط بالأدوات».

يشير سينغ وفريقه إلى أن الإشارة قد تكون خطأً ناتجًا عن هوائي تجربة (EDGES)، وليست إشارة من أعماق الكون. عند اكتشاف شيء غير عادي، يجب أن يكون الدليل أيضًا غير عادي، ولكي نتيقن من وجود الإشارة وماهيتها، يجب إجراء المزيد من الملاحظات باستخدام أدوات مختلفة.

اقرأ أيضًا:

أسرار الضوء: كيف نرى الأشياء؟

ماذا لو كانت سرعة الضوء أقل من سرعته الحالية بكثير؟

ترجمة: عمرو أحمد حمدان

تدقيق: حسام التهامي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر