في اب من العام الماضي عندما اطلقت وكالة الفضاء الاوربية ESA (European Space Agency) قمريها غاليليو الخامس والسادس للملاحة لم تسر الامور بالنحو الصحيح.

بسبب خلل في المرحلة العليا، انتهى الامر بالمركبتين الفضائيتين بالدوران في مدارات اهليجية ممتدة بدلا من مدارات دائرية ماجعل منهما غير صالحين للملاحة، التصحيحات اللاحقة لمداريهما اعادت لهما وظيفتيهما كقمرين للملاحة ولكن مداريهما بقيا شديدي الاهليجية بفارق حوالي ٨٠٠٠ كم بين النقاط الاقرب والابعد عن الارض. بالنسبة لمهندسي الاقمار الصناعية الملاحية كان هذا مصدر ازعاج يتطلب تغييرا في البرمجة والتقنية ، لكن بالنسبة لعلماء الفيزياء فتلك المدارات قدمت فرصة غير متوقعة.

الباحثون في كل من SYRTE -وهو جزء من ادارة مرصد باريس وفي ZARM -مركز تطبيق تكنولوجيا الفضاء والجاذبية- في جامعة بريمن -Bremen- الالمانية اقنعوا وكالة الفضاء الاوربية ESA باستعمال القمرين الصناعيين لاختبار تنبؤات النسبية العامة لاينشتاين إلى حد أبعد. كانوا يأملون ان يعرفوا أكثر عن مدى تباطؤ الزمن عند تناقص حقل الجاذبية الارضية كما في حال احد يبتعد عن الارض.

هذا الاثر ايضا يدعى بالانزياح الاحمر للجاذبية، او تمدد الزمن، وقد لوحظ سابقا ان الحاجة لتصحيح زمن الاشارات المرسلة من اقمار الملاحة لان ساعاتها تعمل ابطأ بشكل طفيف من تلك الموجودة على سطح الارض هو مسألة روتينية. والعلاقة بين تباطؤ الزمن والمسافة من الارض كانت قد اختبرت عام ١٩٧٦ عبر تجربة (الطلقة الواحدة). مسبار الجاذبية A الذي وصل لارتفاع ١٠٠٠٠ كم استعمل جهاز ارسال ذهاب واياب بين المحطة الارضية ومسبار الجاذبية.

الباحثون قارنوا بشكل مباشر سرعة ساعة Maser الموجودة على متن المحطة الفضائية مع تلك التي على الارض، وتاكدوا من تباطؤ الزمن بدقة ١٤٠ جزء في المليون. ساعات Maser هي الآت كبيرة ومعقدة تقيس الوقت بدقة متناهية وتحمل فقط في اقمار الملاحة، كما تسمح دقتهم بقياس دقيق لتباطؤ الزمن النسبي.

يقول الفيزيائي فيZARM سفين هيرمان Sven Herrmann: “لايوجد الكثير من الفرص حيث يكون لديك ساعة جيدة في انحراف مداري في الفضاء, هذا مجموع مما حدث بالصدفة، كان حظا سيئا ولكن هو ايضا حظ جيد.” على عكس مسبار الجاذبية A اقمار غاليليو ليس لها ارتباط بالموجات الدقيقة الذي يسمح لها بالوصول المباشر لتردد ساعة Maser. على اي حال سيكون الباحثون قادرين على استخدام انظمة الاتصال الاساسية الموجودة بين مركبات الفضاء والارض بما في ذلك نظام اقمار الملاحة العالمي الـ GNSS (Global Navigation Satellite System) من اجل تنفيذ الاختبار.

وكالة الفضاء الاوربية ESA قررت المضي قدما في الاختبار بعد دراسة الامور في فبراير ٢٠١٥، البيانات ستؤخذ لمدة عام بدءا من ٢٠١٦. يقول المستشار الاعلى لنظام الملاحة العالمي GNSS في ESA شافيير ترافيسيت : ” كان أحد الاعتبارات الهامة لهذا القرار أن اداء الاختبارات النسبية العامة ربما قد تمت بطريقة شفافة، دون أي تدخل في العمليات الاسمية للأقمار الصناعية.”

ويشرح هيرمان: “اقمار غاليليو سترسل رسائل بشكل مستمر عن موقعها والتوقيت في ساعاتها، نحن سنعيد بناء البيانات وتردد الساعات من اوقات السفر المقاسة، القمر الصناعي سيرسل ختم وقتي -أي عبارة محددة لزمن ارسال الاشارة- والمستلم على الارض سيصنع واحدا ايضا، وانت يمكنك حساب وقت سفر الاشارة، اذا عرفت موقع القمر الصناعي تستطيع تصحيح سلوك الساعة على متنه.”

الحساب الدقيق للمسافة على الارض امر بالغ الاهمية لغرض تحديد تردد ساعة Maser، لذا خطط الباحثون لاستخدام ليزر بمجال مرئي حيث تنعكس حزم الليزر على عواكس مرجعة غطت بها الاقمار الصناعية من اجل قياس دقيق. يتوقع الباحثون ان دقة اختبار تباطؤ الزمن النسبي للوقت ستكون اربع اضعاف دقة نتائج مسبار الجاذبية A. العدد الكبير من القياسات مقارنة بقياس واحد لمسبار الجاذبية A ما سيعطي الباحثين مجموعة جديدة من الارقام لتحليلها. يقول هيرمان: “اصبح التغير الكبير في الجاذبية بأيدينا الان، مع تغير ٨٠٠٠ كم مرتين في اليوم …هذا سيساعدنا في الاحصائيات.”


 

المصدر