للخلايا التائية دور بالغ الأهمية في الجهاز المناعي، الذي يركز على جزيئات غريبة محددة عوضًا عن مهاجمة المستضدات عشوائيًا، إذ تجول الخلايا التائية في الدم إلى أن تصادف مستضدها المحدد.

وظيفة الخلايا التائية وبنيتها:

يظهر الدور الأهم للخلايا التائية عند الإصابة بالأمراض المُعدية، ولها وظائف أُخرى في المناعة التكيفية، كالاستجابة لمسببات التحسس والسرطانات.

تحافظ الخلايا التائية على توازن الجهاز المناعي عند الإنسان طوال العمر، لكنها قد تكون مسؤولة عن التهابات أو أمراض مناعية ضارة.

يتطور دور الخلايا التائية على مدار حياة الإنسان. الخلايا التائية البسيطة أساسية لتطوير المناعة ضد المستضدات ومسببات الأمراض الشائعة في سن الطفولة، تتشكل خلال ذلك محفوظات طويلة الأمد بفعل الخلايا التائية الذاكرة، التي تظل موجودة حتى مراحل متوسطة من العمر.

في هذه المرحلة، يصادف الجسم عددًا أقل من المستضدات الجديدة، عندها تعمل الخلايا التائية للمحافظة على توازن الاستجابة المناعية تجاه المستضدات المتكررة أو الموجودة وجودًا مزمنًا، وتركز أيضًا على مراقبة الأورام.

لاحقًا، مع التقدم في العمر، تنخفض فعالية الخلايا التائية، ما يسبب خللًا في الجهاز المناعي والأمراض المرتبطة به.

تفعيل الخلايا التائية وآلية عملها:

تنشأ الخلايا التائية من نقي العظم وتتمايز في الغدة التيموسية. لكنها لا تُفعّل إلا عند مصادفة مستضد معين، إذ ترتبط بالخلايا المستقبلة للمستضد، بمشاركة عدة أنواع من الخلايا التائية، هي الخلايا التائية المساعدة (CD4) والخلايا التائية السامة للخلايا (CD8)، إذ تشكل معًا معقد التوافق النسيجي الأعظمي. لا يرتبط تفعيل الخلايا التائية بمعقد التوافق النسيجي بالضرورة.

الخلايا التائية المساعدة والسامة للخلايا، كلاهما يحتاج إلى إشارات ثانوية ليكتمل تفعيلهما، ويكونا فعالين تجاه تهديد الجسم الغريب. ينتج هذا بعدة عوامل وجزيئات متنوعة، مثل بروتين (CD28)، الذي يفعّل الخلايا التائية المساعدة.

عمومًا، توجد ثلاثة أنواع من الخلايا التائية، هي السامة للخلايا والمساعدة والمنظمة، يجب أن تتفاعل هذه الأنواع الثلاثة تمامًا مع المستضد كي تكون فعالة كما يجب ضمن الجهاز المناعي.

تستقبل الخلايا التائية المتفاعلة إشارات من جزيئات عديدة مثل المستضدين (ICOS) و(0XO4)، يُعبّر عنها على سطح الخلايا التائية بعد التفعيل والارتباط بالمستضد، للتحقق من أنها مفعلة حصرًا بعد الاستجابة لمولد المرض.

بعد التفعيل، يظهر الاتصال على شكل سيتوكينات، إذ تقرر السيتوكينات الشكل الذي ستتطور إليه الخلايا التائية، تتطور الخلايا التائية المساعدة إلى أحد الأنواع (Th1) أو (Th2) أو (IL-17)، لكل نوع دوره الخاص في استمرار تطور الاستجابة المناعية.

الخلايا التائية وكوڤيد-19

أصبحت الخلايا التائية موضع تركيز مجددًا بعد جائحة كوفيد-19، لبحث قدرة جهاز المناعة على التخلص من الفيروس. أصبح من المهم تعزيز فعالية الخلايا التائية عند المرضى لضمان تعافيهم.

تشير الدراسات إلى انخفاض الخلايا التائية عند مرضى كوفيد-19، ما يرتبط بخطورة المرض، إذ إن 70% من المرضى الذين لم يحتاجوا إلى العناية المركزة انخفضت لديهم مستويات الخلايا التائية الكلية والتائية المساعدة والتائية السامة للخلايا. أما مرضى العناية المركزة فكانت نسبهم أسوأ، إذ انخفض لدى 95% منهم نسبة الخلايا التائية الكلية والمساعدة، في حين انخفضت نسب التائية السامة للخلايا عند 100% منهم.

ما زالت الآلية غير محددة بدقة، تفسر بعض الفرضيات ذلك بتنوع الفئات العمرية التي أُدخلت إلى المستشفى بسبب إصابتها بكوفيد-19. الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على الستين، عانوا انخفاضًا في مستويات الخلايا التائية بسبب ارتفاع مستويات السيتوكينات مثل (TNF-α) و(IL-10). قد يكون عدم انتظام مستويات السيتوكينات سببًا أساسيًا للالتهابات المزمنة.

تشير بعض الأدلة إلى إمكانية منع الأثر الضار اللاحق لكوفيد عند المرضى الذين يعانون انخفاض عدد الخلايا التائية.

بسبب الدور الغامض للسيتوكينات، قد يكون حصرها أحد الطرق الفعالة لمنع استنزاف الخلايا التائية والحصول على نتائج أفضل فيما يخص كوفيد-19.

تعمل بعض السيتوكينات المثبطة، مثل (10-IL)، على منع تكاثر الخلايا التائية. هذا يعني أن مستوياتها المتزايدة عند مرضى كوفيد قد تكون مسؤولة عن المستويات المنخفضة للخلايا التائية، من ثم قد تكون مرتبطة أساسًا بالنتائج السيئة لكوفيد-19.

وفقًا لبعض الدراسات الحديثة، يمكن القول عمومًا إن المرضى الذين يعانون أمراضًا خطيرة تتكون لديهم فيما بعد استجابة أقوى وطويلة الأمد للخلايا التائية.

ما زلنا بحاجة إلى مزيد من الأبحاث حول استجابة الخلايا التائية وفيروس كوفيد-19، لا سيما فيما يتعلق بالمناعة طويلة الأمد.

اقرأ أيضًا:

الخلية اللمفية البائية: أصلها ووظيفتها ودورها المناعي

أطعمة تعزز جهاز المناعة

ترجمة: ميس مرقبي

تدقيق: أنس ديب

المصدر